مجلس السيادة السوداني يتهم «الدعم» بارتكاب «مجزرة» في ولاية الجزيرة

مقاتلون من «قوات الدعم السريع» خلال دورية في مناطق الحرب (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «قوات الدعم السريع» خلال دورية في مناطق الحرب (أرشيفية - رويترز)
TT

مجلس السيادة السوداني يتهم «الدعم» بارتكاب «مجزرة» في ولاية الجزيرة

مقاتلون من «قوات الدعم السريع» خلال دورية في مناطق الحرب (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «قوات الدعم السريع» خلال دورية في مناطق الحرب (أرشيفية - رويترز)

تشهد قرية ود النورة بولاية الجزيرة وسط السودان حركة نزوح واسعة اليوم الخميس ولليوم الثاني على التوالي بعدما اقتحمتها «قوات الدعم السريع».

وقال سكان لـ«وكالة أنباء العالم العربي» (AWP) إن «قوات الدعم السريع» انتشرت في أزقة وشوارع القرية ونصبت ارتكازات في مداخل القرية ومخارجها.

وذكر أحمد الحسن الذي نزحت عائلته بأكملها من ود النورة إلى قرية مجاورة أن «قوات الدعم» تفتش جميع المارة في الشوارع، وأن معظم سكان القرية هربوا بينما يلزم الذين لم يغادروها بيوتهم خوفا من تعرضهم لأي اعتداء.

وأبلغ شهود «وكالة أنباء العالم العربي» أن الجيش شن غارات جوية على «قوات الدعم السريع» حول قرية ود النورة.

وتواجه قوات الدعم اتهامات بارتكاب «مجزرة» أودت بحياة أكثر من مائة من سكان القرية، فضلا عن عمليات نهب وسلب واسعة لممتلكات المواطنين.

وقال مجلس السيادة السوداني إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت «مجزرة بشعة» بحق المدنيين العزل في القرية.

بدورها قالت «قوات الدعم السريع» في بيان مساء الأربعاء إن الجيش السوداني حشد قوات كبيرة في ثلاثة معسكرات بمنطقة ود النورة بغرض الهجوم على قواتها في جبل الأولياء جنوب الخرطوم.

وأضاف البيان أن «قوات الدعم السريع» اشتبكت مع قوات الجيش في هذه المعسكرات وتمكنت من الاستيلاء على أربع عربات بكامل عتادها و70 بندقية كلاشينكوف وأربعة مدافع قرنوف (رشاشة)، وأوقعت ثمانية قتلى وعددا من الجرحى.

وذكر حزب المؤتمر السوداني في وقت سابق من يوم أمس الأربعاء أن أكثر من 100 قتيل سقطوا جراء هجوم «قوات الدعم السريع» على قرية ود النورة. كما اتهم البيان القوات المهاجمة بالقيام «بعمليات سلب ونهب واسعة لممتلكات وسيارات الأهالي».

دبابة مدمرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

الجزيرة والفاشر

وقال بكري الجاك الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في بيان يوم الخميس: «فُجعنا مساء أمس بالمذبحة التي حدثت لأهلنا في قرية ود النورة في غرب الجزيرة والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص من المدنيين، ولا نعلم حتى هذه اللحظة عدد الضحايا العسكريين من الطرفين».

وأدان الجاك بأشد العبارات ما وصفه بالانتهاكات الجسيمة التي قال إن «قوات الدعم السريع» ارتكبتها بحق المدنيين في قرى الجزيرة، ودعا طرفي القتال إلى الابتعاد عن مناطق المدنيين والكف عن تجنيدهم وتسليحهم في كل مناطق القتال.

كما دعا قوات الجيش و«قوات الدعم السريع» إلى الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار والشروع في ترتيبات لحماية المدنيين تبدأ بخروج قوات الطرفين من المدن والقرى والدخول في حوار للوصول إلى حل شامل ينهي الحرب.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عقب انسحاب الجيش بعد معارك استمرت أياما.

وفي مدينة الفاشر شمال دارفور تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» القصف المدفعي العنيف صباح اليوم قبل أن يعود الهدوء إلى المدينة.

وأعلنت حركة تجمع قوى تحرير السودان عن رصد تحركات لـ«قوات الدعم السريع» للهجوم على الفاشر من ثلاثة محاور. وذكرت في بيان عبر «فيسبوك» أن تجمعات كبيرة لـ«قوات الدعم» في الاتجاه الجنوب الشرقي والشمال الغربي والمحور الشرقي تتأهب لدخول الفاشر.

ودعا البيان قيادة القوة المشتركة التي تقاتل إلى جانب الجيش إلى «التعامل بحسم» مع تجمعات «الدعم السريع».

واندلع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد توتر على مدى أسابيع بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».