موريتانيون ينتقدون تعيين «مدان بالفساد» مسؤولاً عن مراقبة الانتخابات

قالوا إن القرار «يعكس استهتاراً بمعايير الشفافية والمساءلة»

الرئيس ولد الشيخ الغزواني يتقدم قائمة من سبعة مرشحين للانتخابات المقبلة (الشرق الأوسط)
الرئيس ولد الشيخ الغزواني يتقدم قائمة من سبعة مرشحين للانتخابات المقبلة (الشرق الأوسط)
TT

موريتانيون ينتقدون تعيين «مدان بالفساد» مسؤولاً عن مراقبة الانتخابات

الرئيس ولد الشيخ الغزواني يتقدم قائمة من سبعة مرشحين للانتخابات المقبلة (الشرق الأوسط)
الرئيس ولد الشيخ الغزواني يتقدم قائمة من سبعة مرشحين للانتخابات المقبلة (الشرق الأوسط)

أثار تعيين محمد فال ولد يوسف عبد الكافي، أميناً عاماً للمرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، المقررة يوم 29 يونيو (حزيران) المقبل، جدلاً واسعاً وانتقادات من المعارضة، وذلك بسبب إدانته سابقاً في قضية فساد. وأصدر الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود قراراً في مطلع الأسبوع الحالي، شمل تعيين أمين عام للمرصد ومستشارين له، غير أن معارضين عدّوا تعيين ولد يوسف عبد الكافي «مؤشراً على توجه النظام نحو تزوير الانتخابات الرئاسية»، بحسب ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي».

قادة المعارضة اعترضوا على تعيين محمد فال ولد يوسف عبد الكافي أميناً عاماً للمرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية (الشرق الأوسط)

وتعود قضية الأمين العام الجديد للمرصد إلى عام 2022 عندما أوقفته شرطة الجرائم الاقتصادية، حين كان مديراً لميناء خليج الراحة في نواذيبو، على خلفية تقارير حول فساد، قدمتها المفتشية العامة للدولة، وفق وسائل إعلام محلية. وقالت وسائل الإعلام إن توقيف ولد يوسف جاء بعد أن قدم توضيحات «لم تكن مقنعة» إلى المفتشية التي أحالت الملف إلى الجهات المختصة، ليحال في النهاية إلى شرطة الجرائم الاقتصادية. وخلال قيام المفتشية العامة للدولة بعملية تفتيش روتينية في الميناء اكتشفت اختفاء مبلغ زاد على 270 مليون أوقية قديمة. وبناء على المخالفات التي رصدتها المفتشية، أنهى مجلس الوزراء في يناير (كانون الثاني) 2022 مهام ولد يوسف، بعد ثلاثة أسابيع من توقيف شرطة الجرائم الاقتصادية له. لكن بعد سنتين وبضعة أشهر من إنهاء مهامه، عينته الحكومة على رأس المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية الذي تم إنشاؤه عام 2013، ضمن بنود الحوار الوطني الذي نظم في ذلك العام، وكان من أبرز مطالب أحزاب المعارضة في ذلك الوقت.

ضربة لمصداقية الانتخابات

أثار هذا التعيين ردود فعل غاضبة من قبل المعارضة، وعدد من هيئات المجتمع المدني، حيث رأى العديد من السياسيين والنشطاء أن تعيين ولد يوسف في منصب كهذا «يعكس استهتاراً بمعايير الشفافية والمساءلة». وقال النائب المعارض محمد الأمين سيد مولود، في منشور على صفحته في «فيسبوك»، إن النظام «لم يكتف بتعيين متهمين بفساد في المناصب التنفيذية، بل ولّاهم قيادة بعض مؤسسات الرقابة والتفتيش، ليزيد بتوليهم الإشراف على شفافية الانتخابات».

كما رأى الناشط محمد سيدي ولد النمين أن «تعيين شخص مدان بالفساد في منصب حساس مثل هذا يعد ضربة قاسية لمصداقية العملية الانتخابية». وقال ولد النمين لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن القرار يؤثر بشكل مباشر على شفافية ونزاهة الانتخابات، مشيراً إلى أنه «يعطي إشارة سيئة للمواطنين بأن الفساد يتم التساهل معه بدلاً من مكافحته»، مضيفاً أن هذا التعيين «صفعة في وجه كل الجهود المبذولة لتعزيز الشفافية، ومحاربة الفساد في بلادنا. فكيف يمكننا أن نتحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة بينما يتم تعيين شخص مدان بالفساد في منصب محوري كهذا؟».

من جهته، انتقد حزب «الصواب» المعارض ما وصفه بالمسار الأحادي لاختيار رئيس وأعضاء المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات، وقال إن «النزاهة مع الشعب الموريتاني كانت تقتضي تسميته مرصد حزب الإنصاف الحاكم ليطابق الاسم مسماه». وأضاف «الصواب» أن الحكومة اختارت شخصيات المرصد من حزبها الحاكم وأعضاء نشطين في هيئاته القيادية، «معززة مسارها الأحادي، ومنهية تشاوراً سياسياً جمع بعض قوى المعارضة وأحزاب الأغلبية»، مبرزاً أن الاتفاق تضمن أن «تلتزم الحكومة بالتشاور مع الأحزاب السياسية بإنشاء مرصد وطني لمراقبة الانتخابات، وإعطائه صلاحيات ووسائل تمكنه من الانتشار والحضور على المستوى الجهوي والمحلي».

المرشح الرئاسي حمادي ولد سيد المختار (الشرق الأوسط)

وكان الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود قد قال في لقاء مع أعضاء المرصد، إن الحكومة لن تدخر جهداً في دعمه من أجل رقابة الانتخابات الرئاسية المقبلة، بشكل يضمن شفافيتها ومصداقيتها لدى كل المشاركين، مضيفاً أن تعهد الحكومة بضمان شفافية الانتخابات جاء طبقاً لتوجيهات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

ويتقدم الرئيس ولد الشيخ الغزواني قائمة من سبعة مرشحين للانتخابات المقبلة، تضم أيضاً المرشح المستقل محمد الأمين المرتجي الوافي، ورئيس حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» (تواصل) حمادي ولد سيدي المختار، والأستاذ الجامعي أوتاما سوماري، ورئيس حزب «التحالف من أجل العدالة والديمقراطية» بامامادو بوكاري، والنائب العيد ولد محمدن ولد امبارك، ورئيس مبادرة «انبعاث الحركة الانعتاقية» بيرام الداه اعبيدي.

ولد الشيخ الغزواني تعهد بالتصدي بصرامة لكافة ممارسات الفساد والرشوة إذا فاز بالانتخابات (الشرق الأوسط)

كان ولد الشيخ الغزواني قد تعهد بالتزامن مع إعلانه الترشح لولاية ثانية بالتصدي بصرامة لكافة ممارسات الفساد والرشوة، والتعدي على المال العام. كما تعهد الرئيس بأن يتخذ مع بداية ولايته الثانية كل الإجراءات الضرورية لتعبئة الأجهزة الإدارية والرقابية والقضائية من أجل تحقيق هذا الهدف، وأكد أن هدفه الأسمى «كان دائماً وسيظل ترسيخ الوحدة الوطنية، ودعم عوامل الانسجام الاجتماعي، وتقوية وشائج الأخوة والقربى بين مكونات شعبنا».



باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.