شهدت مدينة أم درمان (الثلاثاء) معارك شرسة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بالأسلحة الخفيفة والمدافع، ودارت المواجهات في الشوارع والأزقة وسط المنازل السكنية.
وأم درمان واحدة من 3 مدن (يضاف إليها الخرطوم والخرطوم بحري) تشكل مجتمعة مدن العاصمة السودانية. واندلعت الاشتباكات التي وصفها سكان بالمنطقة بــ«العنيفة» في حارات أمبدة أكبر أحياء أم درمان من حيث المساحة والكثافة السكانية.
ويحاول الجيش السوداني تنفيذ عمليات نوعية عبر قوات العمل الخاص للتوغل لاسترداد الحارات التي تسيطر عليها «الدعم السريع» منذ اندلاع الحرب بينهما في أبريل (نيسان) الماضي.
ودرجت «الدعم السريع» من مواقعها في أمبدة على إطلاق المدفعية الثقيلة إلى داخل محافظة كرري شمال أم درمان التي ظلت خارج نطاق القتال بين الطرفين.
وقال شهود عيان إن المواجهات العنيفة التي جرت الثلاثاء بين مقاتلي الجيش و«الدعم السريع» تركزت في «الحارة السادسة»، حيث تبادلوا نيراناً كثيفة في الشوارع وحول منازل المواطنين.
ووفق الشهود تنتشر «الدعم السريع» بأعداد كبيرة في أم درمان بعد دخول قوات إضافية إلى المنطقة خلال الأيام الماضية. ودعا نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي المواطنين لأخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج للشوارع تجنباً للمقذوفات والرصاص الطائش المتبادل داخل الأحياء السكنية.
وذكر عدد منهم أن «الدعم السريع» تقصف عشوائياً بالدانات المناطق التي يحاول الجيش التوغل منها إلى الحارات الأخرى بغرض إحكام سيطرته، لكنهم أكدوا أن مقاتلي «الدعم» ينتشرون بكثافة داخل الأحياء.
وبعد استعادة الجيش السوداني مقر الإذاعة والتلفزيون في الأحياء القديمة لمدينة أمدرمان على ضفة النيل الأزرق، مطلع العام الحالي، أعلن عن انفتاح قواته لاسترداد كامل المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع».
ونشرت منصات تابعة لــ«الدعم السريع» تسجيلات مصورة لإسقاط مسيرات استهدفت قواتها في السوق الرئيسية بمدينة أم درمان.
ونفذ الطيران الحربي للجيش السوداني صباح (الثلاثاء) غارات جوية متتالية استهدفت مواقع لـ«الدعم» في منطقة الحلفاية بمدينة الخرطوم بحري.
وتسيطر «الدعم السريع» على الجزء الأكبر من ولاية الخرطوم، بينما يسعى الجيش إلى قطع طرق الإمداد عبر الجسور التي تربط مناطق أم درمان وبحري والخرطوم، التي تشكل العاصمة الأوسع على جانبي نهر النيل.
الطواقم الطبية
ومن جهة ثانية، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس (الثلاثاء)، إن المدنيين والعاملين في المجال الصحي والإنساني يعانون ويفقدون حياتهم وسط أعمال العنف المستمرة في السودان.
وتقدم غيبريسوس في منشور على منصة «إكس» بالتعازي إلى زملائه في منظمة «أطباء بلا حدود» و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» لوفاة عاملين لديهما في الأيام القليلة الماضية. وقال: «نطالب بحماية المدنيين والعاملين في مجال الصحة والمساعدات وندعو للسلام».
بدورها، أعلنت وزارة الصحة بشمال دارفور في بيان على موقع «فيسبوك»، الثلاثاء، مقتل ضابط صحة إثر قصف مدفعي. والأحد الماضي قتل أحد موظفي «أطباء بلا حدود» إثر قصف منزله في الفاشر خلال الاشتباكات التي جرت بين قوات الجيش السوداني و«الدعم السريع».
ودفع تدهور الأوضاع الأمنية «أطباء بلا حدود» إلى سحب طواقهما الإدارية من المستشفى الجنوبي الوحيد بالمدينة الذي يعمل على استقبال جرحى العمليات العسكرية.
استئناف الدراسة
من جهة أخرى، استأنفت الولاية الشمالية في أقصى شمال السودان الدراسة في كل المراحل التعليمية بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي.
ويواجه استمرار العملية التعليمية في الولاية تحديات عدة من أهمها استغلال معظم المدارس كمراكز إيواء للنازحين من الخرطوم والولايات الأخرى المتأثرة بالحرب خاصة في عاصمة الولاية مدينة دنقلا، إلى جانب عدم صرف مستحقات المعلمين ونقص الكتب والمستلزمات التعليمية الأخرى.
واعترضت لجنة المعلمين السودانيين بالولاية الشمالية على قرار وزارة التربية والتعليم استئناف الدراسة ووضعت بعض الشروط، وقالت إنها تهدف لاستقرار العملية التعليمية، منها تخصيص مراكز إيواء ملائمة للنازحين حال إخلاء المدارس، وصرف جميع الأجور الخاصة بالمعلمين والمتوقفة منذ عام.
ويخشى أولياء أمور التلاميذ من عدم استمرار فتح المدارس في ظل تلويح لجنة المعلمين السودانيين في الولاية بالدخول في إضراب مفتوح عن العمل في حال عدم التزام السلطات الحكومية بسداد مستحقاتهم المالية كافة.