رئيس تونس: نرفض سجن أي شخص بسبب أفكاره

رداً على الاحتجاجات العارمة المنددة بـ«التضييق على الحريات»

المظاهرة الاحتجاجية عرفت مشاركة مئات الصحافيين والنشطاء السياسيين والجمعيات الحقوقية (أ.ف.ب)
المظاهرة الاحتجاجية عرفت مشاركة مئات الصحافيين والنشطاء السياسيين والجمعيات الحقوقية (أ.ف.ب)
TT

رئيس تونس: نرفض سجن أي شخص بسبب أفكاره

المظاهرة الاحتجاجية عرفت مشاركة مئات الصحافيين والنشطاء السياسيين والجمعيات الحقوقية (أ.ف.ب)
المظاهرة الاحتجاجية عرفت مشاركة مئات الصحافيين والنشطاء السياسيين والجمعيات الحقوقية (أ.ف.ب)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم (السبت)، إنه يرفض رفضاً قاطعاً سجن أي شخص بسبب التعبير عن رأيه، مؤكداً أن حرية التعبير «مضمونة بموجب الدستور»، بحسب ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي».

الرئيس سعيد أكد أن حرية التعبير «مضمونة بموجب الدستور» (الرئاسة)

وأضاف الرئيس سعيد، خلال استقباله وزيرة العدل ليلى جفال بقصر الرئاسة: «نرفض المساس بأي كان من أجل فكره... هو حرّ في اختياره وحرّ في التعبير». مشدداً على أن «الحريات مضمونة، وهي حقيقة واقعة... ولا تراجع اليوم عن الحريات، لكن نريدها حرية فعلية، وليست شكلية».

جانب من الاحتجاجات العارمة المنددة بـ«التضييق على الحريات» (أ.ف.ب)

غير أن الرئيس التونسي عدّ أن هناك «أشخاصاً ليست لهم حرية التفكير، فكيف لهم أن تكون لهم حرية التعبير؟... نحن لا نقبل بالاعتداء على وطننا، ولا تشويهه بالخارج، ولا نقبل بالتدخل بشؤوننا الداخلية من أي كان». مشدداً على أن «سيادتنا فوق كل اعتبار». وكان مئات من الشباب في تونس خرجوا أمس (الجمعة) في مسيرة احتجاجية بشوارع العاصمة للتنديد بما يعدّونه «تضييقاً» على الحريات، و«حملة اعتقالات» شملت صحافيين ومحامين مؤخراً.

ممثلون لمنظمات المجتمع المدني خلال مشاركتهم في المظاهرة الاحتجاجية (إ.ب.أ)

شارك في المسيرة، التي انطلقت من أمام مقرّ «النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين»، قبل أن تصل إلى شارع الحبيب بورقيبة الشهير بقلب العاصمة، صحافيون ونشطاء بمنظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوقية. وردّد المحتجون شعارات، منها: «يسقط قمع البوليس»، و«لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب»، و«شغل حرية كرامة وطنية»، كما رفعوا لافتات كتب عليها: «لا سيادة دون حرية». منددين بما عدّوه «تضييقاً ممنهجاً على حرية التعبير والحريات العامة في البلاد»، ومطالبين بإلغاء المرسوم رقم 54 لسنة 2022، المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية. كما استنكر المتظاهرون ما وصفوه بحملة التوقيف التي تستهدف النشطاء والصحافيين، مشيرين إلى قائمة من الصحافيين والنشطاء الذين يقبعون في السجون. وقالت هند الشاويش، الناشطة في المجتمع المدني، إن تنظيم المسيرة «جاء من طرف مناضلي ومناضلات معروفين بدفاعهم عن الثورة، وهم أولاد وبنات الثورة، وقد دعونا عموم الشعب والحركات الاجتماعية، وكذلك الشباب الذي يؤمن بتونس الديمقراطية للمشاركة في هذه المسيرة». موضحة أن هدف المسيرة هو «التعبير عن غضبنا وعن احتجاجنا على منظومة الرئيس قيس سعيد، التي خلقت الخوف للشعب التونسي، وقمع الحريات وحرية التعبير، وكذلك مزيد من التأزم في الوضع الاقتصادي».

متظاهر يرفع لافتة تندد بالمرسوم رقم 54 (أ.ف.ب)

من جهته، طالب زياد مخلوف، الناشط السياسي، بالتراجع عن المرسوم 54، الذي أقرّه الرئيس سعيد، وقال إن «المبادئ الأساسية لهذه المسيرة هي التنوع والاختلاف وحرية التعبير والتنظيم، وكل هذه المبادئ لاحظنا أنها تسير نحو الأسوأ، لهذا نحن هنا لنقول معاً من أجل الحرية». وينصّ المرسوم 54 على عقاب كل من ينشر «أخباراً كاذبة» باستعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال. ولذلك يواجه انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، ترى أنه يستهدف التضييق على حرية التعبير. وحسب النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، فقد حكم على أكثر من 60 شخصاً، بينهم صحافيون ومحامون وسياسيون معارضون، بناء على المرسوم 54. وقبل أيام قليلة فقط، قضت محكمة تونسية بسجن الإعلاميين البارزين، برهان بسيس ومراد الزغيدي، لمدة سنة بسبب تصريحات بموجب المرسوم الرئاسي. وترى منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوقية تونسية أن حرية التعبير تشهد «انتكاسة» منذ سيطرة الرئيس قيس سعيد على أغلب السلطات، عقب إجراءات استثنائية أقرها في 25 يوليو (تموز) 2021 قبل أن يحلّ البرلمان، ويقيل الحكومة، ثم إقرار دستور جديد للبلاد. كما عبّر الاتحاد الأوروبي وفرنسا عن قلقهما من حملة الاعتقالات، التي شملت صحافيين ومحامين ونشطاء بمنظمات حقوقية، وهو ما رفضه الرئيس سعيد، وعدّه «تدخلاً سافراً» في شؤون البلاد.



السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».