مصر تنفي بيع مستشفيات حكومية لمستثمرين

عقب تعديلات قانونية أثارت انتقادات كثيرة

وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة (وزارة الصحة والسكان المصرية)
وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة (وزارة الصحة والسكان المصرية)
TT

مصر تنفي بيع مستشفيات حكومية لمستثمرين

وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة (وزارة الصحة والسكان المصرية)
وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة (وزارة الصحة والسكان المصرية)

نفت الحكومة المصرية عزمها بيع أي مستشفيات حكومية للمستثمرين، وذلك عقب إقرار تعديلات قانونية تسمح للقطاع الخاص بـ«تشغيل المستشفيات» المملوكة للدولة، وهو ما أثار انتقادات، في ظل تخوفات من ارتفاع تكلفة الخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات الحكومية للمواطنين.

وقال المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، اليوم (الثلاثاء)، إنه «لا صحة لاعتزام الحكومة بيع المستشفيات الحكومية، ووقف كافة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، بموجب قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية». ووفق المركز فإن المستشفيات الحكومية «ستظل مملوكة للدولة، مع استمرارها في تقديم كافة الخدمات الصحية للمواطنين بشكل طبيعي ومنتظم».

ووافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الاثنين، بأغلبية نوابه على قانون «تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية»، والذي يُعرف إعلامياً بقانون «تأجير المستشفيات» الحكومية، والذي سبق أن أقره مجلس الوزراء في فبراير (شباط) الماضي.

ويتيح التعديل القانوني للحكومة إمكانية منح امتياز إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية المختلفة لمستثمرين مصريين أو أجانب.

وتضمن القانون ألا تقل مدة التزام المستثمر عن 3 أعوام، وألا تزيد على 15 عاماً، مع عودة جميع المنشآت الصحية، بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام، دون مقابل، وبحالة جيدة.

كما نصت مواده على إلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25 في المائة، حداً أدنى قابلاً للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية، وبشرط موافقتهم، مع مراعاة الحفاظ على الحقوق المالية والوظيفية لهم ولغيرهم من العاملين الذين سيتم نقلهم لجهات أخرى.

وأثار القانون جدلاً واسعاً، وقوبل بانتقادات تحدثت عن «تسليع الخدمات الصحية»، بينما أعلنت نقابة أطباء مصر رفضها مواد القانون، وأرسل نقيب الأطباء، الدكتور أسامه عبد الحي، في وقت سابق، خطاباً إلى مجلس النواب، أبدى فيه رفض النقابة للقانون بتعديلاته، مؤكداً «غياب ضمانات التزام المستثمر بنسبة علاج مرضى التأمين الصحي، والعلاج على نفقة الدولة»، وداعياً إلى «قصر القانون على بناء مستشفيات خاصة جديدة، وليس منح المستشفيات الحكومية الموجودة للمستثمرين لإدارتها، وتخارج الدولة».

ومن جهته، انتقد المقرر المساعد للجنة الصحة بـ«الحوار الوطني» المصري، الدكتور محمد حسن خليل، القانون، مؤكداً أنه «سيؤدي إلى أزمة غير مسبوقة في القطاع الصحي».

وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»، إن «المستثمر يبحث عن الربح، لذلك سترتفع أسعار الخدمات الصحية»، مضيفاً أن الحديث في مواد القانون عن تخصيص نسبة من أَسِرَّة المستشفيات لمرضى التأمين الصحي، أو للخدمات الصحية الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة «غير مجدٍ؛ لأن عدد الأَسِرَّة بالمستشفيات الحكومية يعاني من العجز، ولا يتناسب مع عدد السكان».

وحسب خليل، فإن «تأجير المستشفيات الحكومية أخطر من بيعها؛ لأن متوسط العمر الافتراضي لأي أجهزة طبية لا يتجاوز 7 سنوات، وهو ما قد يعني أن يسلمها المستثمر للحكومة بعد انتهاء عقد التأجير غير صالحة».

في المقابل، أوضح المركز الإعلامي بمجلس الوزراء أن «القانون يهدف إلى السماح للقطاعين الخاص والأهلي بالمشاركة في المجال الصحي، من خلال إنشاء وتطوير المنشآت الصحية الحكومية وآليات تشغيلها وإدارتها»، وكذلك «المشاركة في تقديم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين، دون المساس بها أو الانتقاص منها، بما يؤدي إلى تحسين جودة تلك الخدمات، ورفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل».

ويعاني القطاع الصحي المصري من مشكلات، تتعلق -وفق خبراء- بضعف التمويل، مما يتسبب في تدني مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بالمستشفيات الحكومية. وفي هذا السياق يشير الدكتور محمد حسن خليل إلى أنه وفق القانون الجديد «ستضطر الدولة إلى شراء الخدمات الصحية لصالح مرضى التأمين الصحي من المستثمر الذي سيقوم بتأجير المستشفى، وهو أمر غير منطقي، لذلك يجب على الحكومة أن تبحث عن مصادر تمويل أخرى للقطاع الصحي، تضمن عدم المساس بحقوق المرضى».

وبلغ عدد المستشفيات في مصر 1798 عام 2020، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينها 662 مستشفى حكومياً، بينما بلغ عدد الأَسِّرَّة بالمستشفيات الحكومية نحو 88597 سريراً.

ويرى عضو مجلس النواب، الدكتور فريدي البياضي، أن «أخطر ما تضمنه القانون الجديد عدم وجود آلية لتسعير الخدمات الصحية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المستثمر «سيقوم بتحديد سعر الخدمات الصحية وفق آليات السوق، وهو ما سيضع الغالبية العظمى من المواطنين في مأزق كبير»، وحسب البياضي فإن «الخدمات الصحية ستشهد ارتفاعاً كبيراً في التكلفة، نتيجة تخلي الحكومة عن إدارة مستشفياتها، والأولى أن يقوم القطاع الخاص بإنشاء مستشفيات جديدة بدلاً من تأجير الحكومية».


مقالات ذات صلة

حراك لافت للأحزاب المصرية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية

العالم العربي أحزاب مصرية معارضة نظَّمت مؤتمراً تحت عنوان «لا لطرد المستأجرين» لرفض مشروع قانون حكومي لتعديل «الإيجار القديم» (الحركة المدنية)

حراك لافت للأحزاب المصرية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية

تشهد الساحة الحزبية في مصر حراكاً لافتاً قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية المرتقبة نهاية العام الحالي، مدفوعة بتعديلات حكومية لقوانين حيوية أثارت جدلاً.

رحاب عليوة (القاهرة)
رياضة عربية منتخب مصر تألق وهزم غانا ليتأهل لمونديال الشباب (الاتحاد المصري)

«شباب أمم أفريقيا»: مصر والمغرب إلى كأس العالم

تأهل منتخب مصر لكأس العالم للشباب لكرة القدم تحت 20 عاماً المقررة في تشيلي بفوزه بركلات الترجيح 5 - 4 على غانا.

«الشرق الأوسط» (السويس)
رياضة عربية بيراميدز طلب تأجيل مباراته بالدوري (نادي بيراميدز)

بسبب نهائي الأبطال... بيراميدز يطلب تأجيل مباراته بالدوري

أعلن نادي بيراميدز تقدمه بطلب رسمي لرابطة الأندية المصرية المحترفة لكرة القدم، وذلك من أجل تأجيل مواجهته مع سيراميكا كليوباترا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)

كيف يعزز التعاون العسكري المصري - التركي التقارب بين البلدين؟

تطرح مخرجات الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المصرية-التركية في أنقرة تساؤلات حول كيفية انعكاس توجه البلدين نحو زيادة التعاون العسكري المشترك على مساعي التقارب.

أحمد إمبابي (القاهرة)
رياضة عربية الإسباني خوسيه ريفيرو مرشح لتدريب الأهلي المصري (نادي أورلاندو)

هل يدرب الإسباني ريفيرو الأهلي المصري؟

أعلن نادي أورلاندو بيراتس الجنوب أفريقي رحيل مدربه الإسباني خوسيه ريفيرو من منصبه، وذلك وسط تقارير تتحدث عن انضمامه إلى الأهلي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فرنسا تستثمر 150 مليون يورو في «الصحراء» دعماً لسيادة المغرب

الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأخيرة الرباط ولقائه العاهل المغربي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأخيرة الرباط ولقائه العاهل المغربي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تستثمر 150 مليون يورو في «الصحراء» دعماً لسيادة المغرب

الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأخيرة الرباط ولقائه العاهل المغربي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الأخيرة الرباط ولقائه العاهل المغربي (أ.ف.ب)

في سياق ازدياد الانخراط الدولي في «الصحراء الغربية»، وتماشياً مع الموقف الفرنسي من قضية «الصحراء»، أعلنت «الوكالة الفرنسية للتنمية» عن استثمار جديد بقيمة 150 مليون يورو في الإقليم خلال عامي 2025 و2026، في خطوة تؤكد دعم باريس المتنامي موقف المغرب السيادي على الإقليم المتنازع عليه منذ نحو نصف قرن.

جاء الإعلان عقب زيارة رئيس «الوكالة»، ريمي ريو، العاصمة المغربية الرباط وإقليم الصحراء، ولقائه مسؤولين حكوميين ومحليين.

ووفق بيان رسمي، فستُوجّه هذه الاستثمارات إلى مشروعات في مجال البيئة وتوفير المياه، وبرامج تنموية واقتصادية واجتماعية بالمنطقة.

وكانت فرنسا قد أعربت على لسان رئيسها، إيمانويل ماكرون، في الأشهر الماضية دعمها مقترح الحكم الذاتي المغربي بوصفه «حلاً وحيداً واقعياً» للنزاع الطويل مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زار ماكرون المغرب، وجرى توقيع اتفاقات بقيمة تجاوزت 10 مليارات دولار؛ مما مهّد الطريق لتوسيع التعاون الثنائي، لا سيما في المجالات الاقتصادية والثقافية. كما أكدت باريس أنها ستفتح مركزاً ثقافياً وخدمة قنصلية لمعالجة طلبات التأشيرات من داخل إقليم الصحراء.

وتدهورت العلاقات بين فرنسا والجزائر بعد دعم ماكرون موقف المغرب بشأن «الصحراء». ويحظى المغرب منذ عام 2020 بدعم الولايات المتحدة، وإسبانيا؛ القوة الاستعمارية السابقة للمنطقة، وأكثر من 24 دولة أفريقية وعربية. ودعا مجلس الأمن الدولي في قراراته الأخيرة الطرفين إلى التفاوض على حل «سياسي» و«مقبول من كليهما» للصراع، وانسحبت جبهة البوليساريو من هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة.