الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية

مقربون منه وصفوا الانتخابات المرتقبة بأنها «فضيحة كبرى»

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

قدّم الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء - الخميس، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 29 يونيو (حزيران) المقبل، فيما وصف مقربون منه الانتخابات المرتقبة بأنها «فضيحة كبرى».

الرئيس محمد ولد الغزواني يدلي بصوته في الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

وحكم ولد عبد العزيز (67 عاماً)، وهو جنرال سابق في الجيش، موريتانيا عقب انقلاب عسكري عام 2008، وبقي في الحكم حتى 2019، لكن فور مغادرته للسلطة وجهت إليه اتهامات بالفساد، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات نهاية العام الماضي، بعد إدانته بتهمتي الإثراء غير المشروع، وغسل الأموال، وظل يرفض ذلك، ويصف محاكمته بأنها «تصفية حسابات سياسية».

 

مرشح سجين

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية قرر ولد عبد العزيز أن يترشح لها، وأسند مهمة إعداد ملف الترشح إلى هيئة المحامين، التي تدافع عنه أمام القضاء الموريتاني، ورغم الشكوك التي أثيرت حول إمكانية ترشحه لوجوده في السجن منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن القضاء الموريتاني منحه إذناً بالخروج من السجن لإيداع ملفه عند المجلس الدستوري.

ولد الغزواني خلال تقديم ملف ترشحه للمجلس الدستوري (صحافة محلية)

وبالفعل خرج ولد عبد العزيز في حافلة تابعة للسجن، وكان تحت حراسة فرقة خاصة من الحرس الوطني، واستقبله عدد من أنصاره عند المجلس الدستوري، حيث قدم ملفه قبل دقائق من إغلاق الباب أمام استقبال الترشحات (منتصف ليل الأربعاء - الخميس)، وكان بذلك آخر مترشح يسلم ملفه للمجلس الدستوري.

ورغم أن المجلس الدستوري تسلّم ملف ترشح الرئيس السابق، فإن ذلك لا يعني أنه أصبح مرشحاً للانتخابات، لأن المجلس تسلّم ملفات تسع شخصيات موريتانية ترغب في الترشح للانتخابات، سيخضعها للفحص والتدقيق، قبل أن يصدر اللائحة النهائية يوم الاثنين 20 مايو (أيار) الحالي.

عقبات الترشح

تفاجأ الموريتانيون بتمكن ولد عبد العزيز من إكمال ملف الترشح، وهو ملف شديد التعقيد لأنه يتضمن شهادة تبريز، وهي وثيقة يمنحها القضاء الموريتاني لإثبات خلو السجل الجنائي من أي إدانة، وقد حصل عليها ولد عبد العزيز لأن الأحكام الصادرة في حقه لا تزال «ابتدائية»، ومحل استئناف من طرفه.

من أجواء حملة الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

أما العقبة الأخرى التي كانت تواجه ولد عبد العزيز فهي أن النظام الانتخابي الموريتاني يفرض على كل من يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية أن يحصل على توقيع «تزكية» من مائة عضو في المجالس البلدية، من بينهم خمسة رؤساء بلديات، لكن هذه المجالس تهيمن عليها أحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

ولم يعلن ولد عبد العزيز كيف تمكن من تجاوز عقبة المستشارين المحليين، لكنّ مقربين منه أكدوا أن ملفه كان ناقصاً حتى دقائق قبل تسليمه إلى المجلس الدستوري، لكن من الواضح أنه نجح في إكمال الملف لأن المجلس الدستوري لا يتسلم سوى الملفات المكتملة.

ووصل ولد عبد العزيز إلى مبنى المجلس الدستوري عند حوالي الساعة 23:30 بالتوقيت المحلي (التوقيت العالمي الموحد نفسه)، أي نصف ساعة قبل نهاية الفترة الزمنية لتقديم ملفات الترشح للرئاسيات، وبقي داخل المبنى لقرابة ساعة ونصف الساعة، سمح خلالها للصحافيين بالتقاط بعض الصور من بداية تسليم الملف، قبل أن يطلب منهم الأمن مغادرة المكان.

انقلاب

جرت العادة أن تنتظر الصحافة في بهو المجلس الدستوري لتأخذ تصريحاً من أي شخصية أكملت إجراءات الترشح للانتخابات، وجرى ذلك مع جميع المرشحين السابقين، باستثناء الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني.

المرشح الرئاسي بيرام الداه عبيد (أ.ف.ب)

وقد طلبت وحدات الحرس الوطني، المسؤولة عن حراسة ولد عبد العزيز، من الصحافيين مغادرة مبنى المجلس الدستوري، وأبلغتهم أنه لن يدلي بأي تصريح صحافي. وبهذا الخصوص قال الوزير السابق، سيدنا عالي ولد محمد خونة، وهو أحد أكبر داعمي الرئيس السابق وأبرز المقربين منه: «لقد منعوه من الحديث للصحافة بعد أن سلم ملف ترشحه، لقد مُنع بقرار من العسكريين».

وأضاف ولد محمد خونة في حديث للصحافيين: «ما حدث انقلاب داخل المجلس الدستوري، لقد أصبح يتحكم فيه العسكريون، وأي انتخابات بدأت بهذا التصرف فمعناها أنها لن تكون ديمقراطية ولا شفافة».

وأضاف ولد محمد خونة متحدثا باسم الرئيس السابق: «نحن متأكدون من أن المجلس الدستوري سيتلقى أوامر بمنع محمد ولد عبد العزيز من الترشح، فهذا المجلس مسلوب الإرادة، ولا يمتلك أي قدرة على اتخاذ القرار، بل إنه ينفذ ما يصدره العسكريون من قرارات».

العودة الصعبة

يرى مراقبون أنه حتى إذا وافق المجلس الدستوري على ترشح ولد عبد العزيز للانتخابات الرئاسية، فإنها لن تكون المرة الأولى التي يحاول فيها رئيس سابق العودة إلى الحكم في موريتانيا عبر الانتخابات، وكانت جميعها محاولات فاشلة.

وبدأ الأمر مع التعددية السياسية في البلاد، حين ترشح المصطفى ولد محمد السالك قائد انقلاب 1978، في أول انتخابات رئاسية تعددية تجري في موريتانيا عام 1992، ولكنه خسرها أمام الرئيس آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطائع، قائد انقلاب 1984.

المرشح الرئاسي حمادي ولد سيد المختار (الشرق الأوسط)

وفي عام 2003، عاد محمد خونة ولد هيدالة، قائد انقلاب 1979، إلى المشهد السياسي بعد سنوات من الغياب، وترشح ضد ولد الطائع لكنه خسر الانتخابات، رغم دعمه من طرف المعارضة آنذاك.

وفي عام 2009، كان الموعد مع إعلي ولد محمد فال، زعيم انقلاب 2005 الذي أطاح بولد الطائع، حين قرر أن يترشح ضد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، لكنه حصل على أقل من 2 في المائة من الأصوات.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».