هل تحدّ مباحثات ميلوني في ليبيا من تدفقات المهاجرين إلى إيطاليا؟

ناقشت سبل حل الأزمة مع حفتر والدبيبة

حفتر خلال لقاء ميلوني (الجيش الوطني على «فيسبوك»)
حفتر خلال لقاء ميلوني (الجيش الوطني على «فيسبوك»)
TT

هل تحدّ مباحثات ميلوني في ليبيا من تدفقات المهاجرين إلى إيطاليا؟

حفتر خلال لقاء ميلوني (الجيش الوطني على «فيسبوك»)
حفتر خلال لقاء ميلوني (الجيش الوطني على «فيسبوك»)

انشغلت الأوساط السياسية في ليبيا بنتائج اجتماعات رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مع قيادات ليبية، منتصف الأسبوع الماضي، تطرقت في جوانب كبيرة منها إلى ملف «الهجرة غير المشروعة»، وتدفقات المهاجرين إلى السواحل الأوروبية عن طريق ليبيا والدول المجاورة كتونس والمغرب.

فمن طرابلس إلى بنغازي، تعددت اللقاءات التي أجرتها ميلوني، حيث اجتمعت أولاً في العاصمة طرابلس مع رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قبل أن تتوجه إلى شرق البلاد، لتلتقي قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر.

جانب من مباحثات الدبيبة مع رئيسة الحكومة الإيطالية في طرابلس (أ.ف.ب)

وحول ما إذا كانت جهود المسؤولة الإيطالية ستحد من تدفقات الهجرة إلى بلدها، رأى مراقبون أن ميلوني ركزت في زيارتها بدرجة كبيرة على بحث سبل مواجهة تدفقات المهاجرين لشواطئ أوروبا، وأشاروا إلى أن لقاء ميلوني بحفتر حظي بأهمية كبيرة مقارنة بلقاءاتها في العاصمة.

وأرجع المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، هذه الأهمية لـ«تحول المنطقة الشرقية، الواقعة تحت سيطرة حفتر، إلى مركز وصول وتجمّع للمهاجرين من جنسيات عدة».

وقال حرشاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل الهجرة من سواحل المنطقة الشرقية كان قد انخفض بعد زيارة سابقة أجراها حفتر إلى روما في مايو (أيار) الماضي، لكن مؤخراً رصدت تقارير عودة انطلاق قوارب المهاجرين من سواحل المنطقة الشرقية إلى أوروبا.

وتقول السلطات الأمنية في شرق ليبيا إنها تعمل بشكل مكثف على التصدي لعمليات تهريب المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية، وإنها تضبط من خلال الجهات المختصة مئات الأشخاص وترحلهم إلى دولهم.

من جهته، عدّ المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، حرص ميلوني على التباحث مع حفتر «لكونه الشخصية الأكثر تأهيلاً ليكون شريكاً لبلادها في محاربة الهجرة». ورأى المهدوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش الوطني» يضم عناصر وقيادات مهنية ومدربة، خصوصاً في السلاح البحري، «مما يؤهلها للتصدي لخطط مافيا تهريب البشر»، لافتاً إلى «تورط قادة تشكيلات مسلحة بغرب ليبيا في الاتجار بالبشر»، وهو ما أشارت إليه عدة تقارير أممية سابقة. كما نوه المهدوي بأن كل الإشكاليات المتعلقة بملف الهجرة ستناقش في المؤتمر «الأفريقي - الأوروبي حول الهجرة»، الذي تحضر له حكومة أسامة حماد في بنغازي نهاية الشهر الحالي.

بدوره، يرى الحقوقي الليبي طارق لملوم أن ما تقدمه روما للمتنافسين على السلطة في شرق ليبيا وغربها مقابل كبح المهاجرين، ومنعهم من عبور البحر الأبيض المتوسط، «لم يتغير منذ عهد النظام السابق»، مشيراً إلى أن المساعدات تنحصر في دعم مجالات التعليم والصحة والتعليم، إلى جانب تقديم مساعدات لبعض البلديات المتضررة من الهجرة، لافتاً إلى توقيع الوفد الإيطالي المرافق لميلوني مذكرات تفاهم في هذه المجالات مع حكومة الدبيبة.

انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض السواحل الليبية خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا (رويترز)

ومنذ بداية العام الحالي، أعلنت السلطات الأمنية المعنية بالهجرة غير المشروعة بغرب ليبيا توقيف عدد من العصابات المتاجرة بالبشر، كما تمكنت من «تحرير» مئات المهاجرين من قبضتها. وبهذا الخصوص، قال أستاذ العلاقات الدولية، إبراهيم هيبة، إن روما حريصة على الانفتاح وتنويع علاقاتها مع الأطراف والقوى المتناحرة كافة على السلطة في ليبيا، معرباً عن اعتقاده بأنه في سياق علاقاتها مع القوى السياسية والعسكرية الليبية، ومفاوضاتها بشأن الهجرة، فإن روما قد تسعى لزيادة ثقلها في الأزمة السياسية، بجانب الاهتمام بملف الطاقة.


مقالات ذات صلة

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
TT

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

أقدم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على تفعيل قرار كان قد اتخذه بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية»، وسط حالة من الرفض والجدل للقرار الذي رأى كثيرون أنه «يخالف التشريعات القائمة» في البلاد.

ولم تتخلص ليبيا بعدُ من التأثير السلبي لأزمة الصراع على المصرف المركزي، حتى اندلع خلاف جديد، الأحد، يتمحور حول صراع الفرقاء على «الصلاحيات القانونية»، بينما يرى متابعون أن هذا الخلاف يزيد من تفتيت الجهود الرامية إلى تحريك العملية السياسية.

وقالت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» عبر بيان أصدرته في ساعة مبكرة من صباح الأحد، إنها «فوجئت بقرار من حكومة «الوحدة» بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد لها، مشيرة إلى أن القرار «سواء كان عن خطأ أو عن عمد فإنه لا يستند إلى أساس قانوني؛ بوصفها تابعة للجهة التشريعية في الدولة حسب القانون الليبي».

وأوضحت الجمعية أنه «فور علمها بالقرار من (الميديا) الليبية والإقدام على تنفيذه اتجهت لتحرك دعوى قضائية بالطعن فيه؛ كما أقدم مجلسا النواب و(الرئاسي) على الخطوة نفسها، لكن مجلس الإدارة الجديد المشكَّل من الحكومة يصر على عدم الاعتراف بالإجراءات القضائية».

فرض الأمر الواقع

وتحدثت الجمعية عن أن المجلس الجديد «مستمر في محاولاته» التي وصفتها بـ«اليائسة» في «ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ومحاولة السيطرة على إدارة الجمعية؛ بالمخالفة لقانونها التأسيسي رقم 58 لسنة 1972، وقانون رقم 9 لسنة 2023» القاضيين باختصاص وتبعية الجمعية لجمعيتها العمومية، وهيئة رئاسة مجلس النواب دون غيرهما.

وسبق أن اتخذ الدبيبة قراراً في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» ومقرها العاصمة طرابلس، ويتكون من رئيس و6 أعضاء.

وعلى خلفية التجاذبات التي تشهدها ليبيا منذ أكثر من عقد، دافع المجلس الحالي للجمعية عن نفسه، وقال إنه «حافظ على ابتعاده عن كل الصراعات السياسية، كما حافظنا طوال السنوات الماضية على أموال الجمعية التي هي في الأساس أموال الليبيين».

وبشأن أرصدة الجمعية، نوهت بأن هذه الأموال «مخصَّصة للدعوة ومساعدة المسلمين في مختلف أرجاء العالم؛ بكل أمانة وإخلاص بعيداً عن عبث العابثين»، مجددة رفضها ما سمته «محاولات جرِّ هذه المؤسسة العريقة إلى أتون الصراع والنزاع والسيطرة على أموالها بطرق غير مشروعة بشكل يضر سمعتها العالمية، خصوصاً مع وجود مساهمات من دول عدة في هذه المؤسسة العريقة».

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

مخالفة للقانون

ومع تصاعُد ردة الفعل، رأى أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن القرار الذي اتخذته «الوحدة» يشكِّل «مخالفة للقانونين اللذين ينظمان عمل الجمعية؛ ويؤكدان تبعيتها لمجلس النواب».

ويحذِّر سياسيون ليبيون «من أي محاولة للمساس بأموال الجمعية»، ويطالبون الأجهزة الرقابية في غرب البلاد «بالاضطلاع بدورها في حمايتها»، لكن حكومة الدبيبة تتمسك بأحقيتها في تغيير مجلس إدارتها، «بعيداً عن أي مساس يتعلق بمدخراتها»، كما نوهت في بيانات سابقة.

بجانب ذلك، أبدت استغرابها من «رفع هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، الرقابة المصاحبة على مصروفات وحسابات جمعية الدعوة في المصارف الداخلية والخارجية بشكل مفاجئ، ودون اتخاذ أي تدابير وقائية».

ورأت الجمعية أنه «بهذه الطريقة يسهل تحويل أي أموال من أرصدتها، وتكون عرضة للنهب والسرقة، ما يهدد المؤسسة بالإفلاس»، منوهة بأن ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة كانا يدققان قبل ذلك كل ما يخص مصروفات وحسابات الجمعية؛ و«هذا عمل نُشيد به، ونستغرب فعل عكسه بعد تشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية بالمخالفة للقانون».

وتحدثت الجمعية عن «عملية اقتحام سابقة لمقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني»، ورأت أن بعد هذا الفعل المسيء ساد ارتباك وخوف داخل المؤسسة من قِبل الموظفين أثناء التلاعب بأرصدة الجمعية في غياب الرقابة المصاحبة من الأجهزة الرقابية».

وانتقد المجلس الرئاسي الليبي، قرار حكومة «الوحدة»، وعدَّه أيضاً «مخالفاً للقانون»، وقال: «كان يجب أن تتم عملية تغيير مجلس إدارتها من قبل الجهة المخولة بذلك، الأمر الذي ثمَّنته الجمعية، داعيةً حكومة (الوحدة) إلى مراجعة قرارها، والمساهمة في الحفاظ على أموال الجمعية، وعدم تعريض سمعتها للخطر».

وانتهت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» مذكِّرة بأنها مؤسسة خاصة مستقلة بنص قانون إنشائها، ولها ارتباطات بمنظمات دولية وإقليمية، ويشارك في عضوية مؤتمرها العام (جمعيتها العمومية) ممثلون لأكثر من 50 دولة إسلامية، وبها أقليات إسلامية، ولها تمثيل دبلوماسي بأكثر من 20 دولة.