السودان: قصف مدفعي في الخرطوم... وتأهب بالفاشر

الجيش و«الدعم» يحشدان غرباً رغم التحذيرات الدولية

مصاب سوداني تظاهر بالموت لينجو من هجوم لـ«الدعم السريع» على مستشفى كان يعالج فيه (رويترز)
مصاب سوداني تظاهر بالموت لينجو من هجوم لـ«الدعم السريع» على مستشفى كان يعالج فيه (رويترز)
TT

السودان: قصف مدفعي في الخرطوم... وتأهب بالفاشر

مصاب سوداني تظاهر بالموت لينجو من هجوم لـ«الدعم السريع» على مستشفى كان يعالج فيه (رويترز)
مصاب سوداني تظاهر بالموت لينجو من هجوم لـ«الدعم السريع» على مستشفى كان يعالج فيه (رويترز)

تشهد معظم مناطق القتال في السودان حالة من الهدوء الحذر، باستثناء مناوشات بالمدفعية بين أماكن تمركز الجيش وقوات «الدعم السريع»، وتراجعت العمليات العسكرية بشكل ملحوظ، شرق ولاية الجزيرة (وسط البلاد) منذ اشتباكات أول من أمس.

وحشدت «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من المقاتلين حول مدينة الفاشر (غرب البلاد)، وفرضت عليها حصاراً من الجهات كافة مع توقعات بهجوم وشيك على المدينة، برغم التحذيرات الأممية من هجوم «الدعم السريع» على المدينة، ونشوب معركة محتملة في حاضرة ولاية شمال دارفور.

وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من شرق مدينة ود مدني (شرق البلاد)، إن حركة نزوح نشطة شهدتها القرى القريبة من مناطق المواجهة، تحسباً لعمليات عسكرية بين قوات الجيش القادمة من الفاو، والقضارف، و«قوات الدعم السريع» المتمركزة إلى الشرق من ود مدني، بعد توقف الاشتباكات بين الطرفين، ليل أول من أمس (الثلاثاء).

ويحاول الجيش استرداد ولاية الجزيرة بقوات قادمة من 3 محاور، وشهد محور الفاو من جهة الشرق اشتباكات عنيفة يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين، تكبد فيها الطرفان خسائر فادحة، حققت خلالها قوات الجيش تقدماً طفيفاً، تجاه القرى الواقعة جنوب شرقي بلدة «الشبارقة» التي يتخذ منها «الدعم السريع» خط دفاع رئيسياً، يمنع تقدم الجيش وعبور جسر «حنتوب» على النيل الأزرق الذي يفصل بين شرق المدينة وغربها.

وباطّراد، يهاجم الجيش والحركات المسلحة الحليفة له «قوات الدعم السريع»، قادمين من ولاية القضارف شرق، بيد أنهم «فشلوا» في اختراق دفاعاتها الرئيسية، وخلال اليومين الماضيين قدّموا خسائر بشرية كبيرة، دون تحقيق تقدم يذكر، برغم استخدام الطيران الحربي لقصف تمركزات «الدعم السريع».

وقال الناشط محمد خليفة، على صفحته على «فيسبوك»، إن الجيش والحركات لم يستطيعوا التقدم لأن «الدعم السريع» تستخدم تكتيكات دفاعية تقوم على استخدام القناصة بكثافة، وإقامة خطوط دفاع قوية أمام القوات المهاجمة، فيما خيّم الهدوء على محور «المناقل»، وهي المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الجيش، وفي الشمال الأوضاع هادئة، وكذلك لم يشهد المحور الثالث (محور سنار) من جهة الجنوب أي اشتباكات جدية، عدا مناوشات حول القرى الواقعة قرب مصنع السكر الواقع في الولاية.

وبحسب الشهود في ولاية الخرطوم، تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» القصف المدفعي العنيف بين مناطق تمركز قوات «الدعم السريع» في الخرطوم بحري، ومنطقة كرري العسكرية، شمال أم درمان، وهما ولايتان يسيطر عليها الجيش، طوال يومي الثلاثاء والأربعاء، دون حدوث اشتباكات مباشرة. ونقلت التقارير سقوط مقذوفات في عدد من أحياء المنطقة، دون تأكيد حدوث إصابات بين المدنيين، وظلت المنطقة حول مصفاة البترول في «الجيلي» ملتهبة، حيث يحاول الجيش والقوات الحليفة له استعادتها من «الدعم السريع» دون جدوى.

وفي ولاية شمال دارفور، واصلت «الدعم السريع» حشد مزيد من القوات حول المدينة، وفرضت عليها حصاراً مطبقاً من كل الجهات، وعادة ما ينفذ الجيش عمليات إنزال جوي معقدة لنقل الذخائر والمؤن لقواته والقوات الحليفة معها، بيد أن الأوضاع ظلت هادئة طوال يومي الأربعاء والخميس.

وتواصلت التحذيرات الأممية والغربية من اندلاع حرب في الفاشر، المدينة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية بيد الجيش، بعد أن كانت «الدعم السريع» قد سيطرت على 4 ولايات من إجمالي ولايات الإقليم الخمس.

ويخشى على نطاق واسع من كارثة إنسانية وحربية وخسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، حال هجوم «قوات الدعم السريع» على «الفاشر»، لكن «الدعم السريع» تحيط المدينة بأعداد كبيرة، إضافة إلى طردها قوات «حركة تحرير السودان» الحليفة للجيش من منطقة «مليط» الحدودية (نحو 70 كيلومتراً شمال الفاشر).

ولجأت للفاشر كل «القوات الحكومية» وقوات الحركات المسلحة المساندة للجيش، بعد سيطرة الجيش على قواعده في «الجنينة، وزالنجي، ونيالا»، إلى جانب حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان»، فضلاً عن لجوء عشرات الآلاف إلى المدينة المحاطة أصلاً بمعسكرات اللاجئين منذ حرب دارفور 2003.


مقالات ذات صلة

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
TT

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

حذر ليبيون، اندمجوا في ورشة عمل نظمتها الأمم المتحدة، من تصاعد «خطاب الكراهية» في البلد المنقسم سياسياً، وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، مطالبين بالتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها خشية توسعها في المجتمع.

وقالت الأمم المتحدة إن الورشة التي عقدت عبر «الإنترنت» جاءت جزءاً من برنامج «الشباب يشارك» التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وناقش خلالها، 24 مشارِكة ومشاركاً من جميع أنحاء البلاد «سبل مكافحة خطاب الكراهية السائد في ليبيا، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي».

وأعاد الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا راهناً «خطاب الكراهية» إلى واجهة الأحداث، وذلك على خلفية الصراع حول السلطة، ما يفتح الباب لمزيد من التجاذبات السياسية.

وأوضحت الأمم المتحدة أن المشاركين سلّطوا الضوء على «مدى كون خطاب الكراهية عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي، مع وجود خلط واسع النطاق بين ما يعدّ انتقاداً مشروعاً وبين ما يمكن وصفه بـخطاب كراهية»، ورأوا أن «الاستقطاب الحاد في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعب دوراً كبيراً في تفاقم خطاب الكراهية وانتشار المعلومات المضللة في البلاد».

رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالنيابة ستيفاني خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

وقالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية»، مضيفة أن «الاختيار الخاطئ لمفردات اللغة يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة».

وأكد المشاركون أن النساء والشباب «كانوا المستهدفين في خطاب الكراهية في معظم الأحيان، وأن بعضهم يتضرر بهذا الأمر في حياته اليومية»، مضيفين أن «من الصعب على الشباب، خاصة الفتيات، رفع أصواتهم من دون مواجهة العواقب».

ولا يقتصر «خطاب الكراهية» في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحديث المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أُنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي.

وذكرت البعثة الأممية نقلاً عن أحد المشاركين أن «مكافحة خطاب الكراهية في ليبيا تمثل تحدياً كبيراً، حيث إن أغلب الصفحات التي تعج بهذا الخطاب وتنشره تتركز على منصة (فيسبوك)، وغالباً ما يديرها أشخاص مؤثرون». وأشار إلى أن «هذا الوضع يجعل التصدي لخطاب الكراهية أمراً صعباً ويشكل خطراً على الشباب».

وأوصى المشاركون في نهاية ورشة العمل بـ«معالجة خطاب الكراهية في مراحل مبكرة، وذلك من خلال التثقيف في المدارس حول منع التنمر والجرائم الإلكترونية وإلحاق الأذى بالآخرين»، مطالبين بـ«دعم السلطات لمكافحة هذا الخطاب وزيادة الوعي بالمخاطر المحيطة به بين الشباب من خلال مراكز الشباب والمجالس الشبابية».

واقترح المشاركون في ورشة العمل تنظيم حملات مناصرة لدعم تغيير في القوانين الليبية يهدف إلى تعريف خطاب الكراهية وضمان احترام هذه القوانين، كما دعوا لدعم المجتمع المدني واتحادات الطلبة ومنظمات تقصي الحقائق.

كما اقترحوا «العمل بشكل وثيق مع منصات التواصل الاجتماعي لتشخيص خطاب الكراهية في ليبيا ومواجهته»، بالإضافة إلى «دعم ضحايا خطاب الكراهية لبناء قدراتهم على التكيف والصمود وتعزيز الحوار»، ولفتوا إلى ضرورة «جمع مختلف المجتمعات المحلية معاً للتغلب على الحواجز وإزالة الانقسامات الاجتماعية».

وتشير البعثة الأممية إلى أن الهدف من ورشة العمل هو «جمع أفكار المشارِكات والمشاركين وتوصياتهم لإثراء عمل البعثة مع الشباب في جميع أرجاء ليبيا وإيصال أصوات أولئك الذين يتم في العادة استبعادهم لمن يجب أن يسمعها».

سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو خلال لقائه ستيفاني خوري في طرابلس (البعثة)

وفي شأن آخر، دعت الأمم المتحدة في ليبيا إلى اتخاذ إجراءات لحماية وتعزيز حقوق المرأة، كما أطلقت «حملة 16 يوماً» لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن هذه «حملة دولية سنوية تبدأ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، الموافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتدعو الحملة، التي تجري تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لزيادة الوعي وحشد جهود المناصرة ومشاركة المعرفة والابتكارات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات إلى الأبد.

وتؤكد الأمم المتحدة في ليبيا، «دعمها الثابت لليبيين في إنهاء جميع أشكال العنف، بما في ذلك ضد النساء والفتيات. وندعو السلطات الوطنية والمحلية إلى معالجة أي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات بشكل عاجل وتعزيز حماية حقوق المرأة وتمكينها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لهذه السلطات».

ووفقاً للبعثة الأممية، توضح التقارير، الزيادة المقلقة للعنف عبر «الإنترنت»، بما في ذلك «التحرش والتهديد والابتزاز الجنسي»، خصوصاً ضد الناشطات والشخصيات العامة، «ما يبرز بشكل متزايد الحاجة إلى تعزيز حماية حقوق المرأة، بما في ذلك في الفضاء الرقمي».

وأوضحت المنظمة الدولية أنه «مع بدء حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تود الأمم المتحدة في ليبيا أن تشيد بالتقدم المحرز من خلال التعاون بين الدولة وكيانات الأمم المتحدة في حماية وتمكين النساء والفتيات. وسنواصل العمل مع الحكومة والشركاء المحليين والمجتمع المدني لضمان أن تتمتع كل امرأة وفتاة في ليبيا بحقوقها الكاملة وأن تعيش في مأمن من العنف».

في السياق ذاته، دعا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا السفير نيكولا أورلاندو مجلس النواب إلى اعتماد قانون «القضاء على العنف ضد المرأة» الذي أقرته لجنته التشريعية في 18 يناير (كانون الثاني) 2024.

وجدد أورلاندو «التزام الدول الأوروبية بدعم ليبيا لحماية النساء والفتيات من هذه الآفة العالمية»، وقال: «اكسروا حاجز الصمت. أوقفوا العنف. لا يوجد أي عذر للعنف ضد المرأة».