جدد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، اليوم الأربعاء، دعوته إلى العودة للحوار الوطني لحل القضايا السياسية والاقتصادية التي تشغل بال المواطن التونسي. وقال الطبوبي، في خطاب أمام تجمع للعمال بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي، إن الاتحاد سعى طوال الفترة الماضية إلى تجنيب تونس التوترات في ظرفٍ وصفه بالصعب، والدقيق على جميع الأصعدة، مؤكداً أنّه سيتصدّى لما وصفها بالإجراءات «اللاشعبية».
ورأى الطبوبي، بحسب تقرير «وكالة أنباء العالم العربي»، أن بعض الإجراءات التي صدرت مؤخراً زادت من الأسعار، وأفرغت السوق من المواد، وأثقلت كاهل العائلات، على حد وصفه. وعقب خطاب الطبوبي نظم عمال تونسيون مسيرة جابت شوارع العاصمة، وصولاً إلى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي، رافعة شعارات تطالب بتحسين أوضاعهم المالية، واستقلالية اتحاد الشغل والنقابات العمالية.
وأضاف الطبوبي بلهجة يطبعها التحدي: «سنتصدّى لكلّ من يستغل الحالة الاستثنائية التي تمر بها بلادنا ليُمعن في التنكيل بالشعب والعمال عبر إجراءات لا شعبية». في إشارة إلى اتهام المنظّمة النقابية العماليّة الحكومة بالتملّص من الحوار الاجتماعي، وعدم تطبيق الاتفاقيات المبرمة معها والحقوق النقابيّة. وتابع الطبوبي قائلاً: «مصمّمون على الحفاظ على أهمّ مكسب اجتماعي، وهو الحوار الاجتماعي، الذي ناضلت من أجله أجيال، ولن ندّخر جهداً من أجل إعادة الأمور إلى نصابها». مؤكداً أن الاتحاد الذي يضمّ نحو مليون شخص سيسعى إلى «فرض حقّ التفاوض، وحق تحسين أوضاع الأُجراء (العمال) والمتقاعدين وصون حقوقهم... ولن نقبل أن تُسحب تلك المكاسب».
كما رأى الطبوبي أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة «ألهبت الأسعار، وأفرغت السوق من المواد، وأثقلت كاهل الأجراء، مباشرين ومتقاعدين، بالضرائب، وأنهكت العائلات بمزيد من الأعباء أمام تردّي خدمات المرفق العمومي (المؤسسات العامة)».
وفي معرض حديثه عن ضرورة إجراء حوار وطني لحل المشاكل العالقة مع الحكومة، أوضح الطبوبي أن الحديث عن حوار وطني «غير ممكن في ظل غياب حوار اجتماعي، وعقلية غير مهيأة ومكتملة الجوانب لبناء تونس، وإيجاد الحلول للمشاكل، عكس ما هو موجود في تونس اليوم من هروب للأمام، وضرب للعمل النقابي، ونقل تعسفي للنقابيين والمحاكمات الجائرة بملفات كيدية، لا أساس لها من الصحة»، وتابع متسائلاً: «إذا كانت هذه الوضعية لحوار اجتماعي فكيف يمكن التطرق لملفات سياسية وتطوير الحياة السياسية؟»'.
كما شدد الطبوبي، عقب تدشين الحلة الجديدة لمبنى اتحاد الشغل وسط العاصمة، على أن مبادئ «الاتحاد» هي الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والنقابية، وحرية التعبير، قائلاً إن تونس «متجهة لمحطات انتخابية مهمة، ولذلك يجب أن يسبق موعد إجراء الانتخابات تنقية المناخ الاجتماعي، وأجواء ملائمة حتى يتنافس المتنافسون، ويبقى الحكم الرئيسي هو الشعب».
ويشكو التونسيون من نقص في عدد من المواد الأساسيّة، وغلاء الأسعار وانهيار مقدرتهم الشرائيّة. وفي هذا السياق، اتهم الاتحاد العام التونسي للشغل، في تصريحات سابقة، الحكومة برفع الدعم بشكل مقنّع، وهو ما ظلت تنفيه الحكومة باستمرار. ولم يبد الاتحاد، الذي يتمتّع بنفوذ قوي في البلاد، معارضة لإجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد بتجميد البرلمان، وإقالة الحكومة في 25 يوليو (تموز) 2021، وهو القرار الذي أعقبه حلّ البرلمان، والحكم بمراسيم قبل إقرار دستور جديد للبلاد بعد استفتاء شعبي. لكنّ علاقة سعيّد مع الاتحاد توتّرت بعد اعتقال قياديين نقابيين بارزين، العام الماضي، وذلك على خلفية إضرابات عن العمل. وقد انتقد الاتحاد بشدّة ما وصفه بالتضييق على الحريّات النقابيّة.
في سياق ذلك، أكّدت رئاسة مجلس نواب الشعب (البرلمان)، بمناسبة عيد الشغل العالمي، الدور المحوري الذي تضطلع به الوظيفة التشريعية، ومدى استعدادها للتعامل مع ما يعرض عليها من تشريعات، ترمي إلى تطوير الإطار القانوني للشغل، وصيانة حقوق الموظفين والعمال في كل مواقع الإنتاج.
وبيّنت رئاسة مجلس النواب الشعب، في بيان لها اليوم الأربعاء، تجلّي هذا التمشي بصفة فعلية عبر مبادرة النواب بتقديم مقترحي قانون، يهدفان إلى تنقيح وإتمام القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأطر الدولة والجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، وبتنظيم عطل الأمومة والأبوة والولادة في القطاعين العام والخاص.