مصر تقدر تكلفة اللاجئين لديها بأكثر من 10 مليارات دولار

مدبولي قال إن بلاده تستضيف 9 ملايين شخص

لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
TT

مصر تقدر تكلفة اللاجئين لديها بأكثر من 10 مليارات دولار

لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

قدر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، ما بين لاجئ ومقيم، بسبب ظروف عدم الاستقرار في بلادهم، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

وقال مدبولي، الاثنين، خلال فعاليات اليوم الثاني للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تستضيفه الرياض، إن «الدولة المصرية تتحمل هذه التكلفة بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي تجابهها».

ووفق تقديرات حكومية مصرية ودولية، فإن أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أراضيها تتعدى 9 ملايين أجنبي، من نحو 133 دولة.

وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها تصريح رسمي حول التكلفة المباشرة التي تتحملها الدولة المصرية للاجئين والمقيمين والوافدين للبلاد، بعد زيادة أعدادهم بشكل مطرد على خلفية الأزمة السودانية، التي دفعت بمئات الآلاف من السودانيين للنزوح إلى مصر، تبعتها حرب غزة واستقبال مصر كثيراً من الجرحى الفلسطينيين.

مدبولي يتحدث خلال فعاليات اليوم الثاني للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض (مجلس الوزراء المصري)

وشكت مصر مراراً من عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيها، وسط مطالبات متكررة بزيادة الدعم الدولي المقدم إليها، كان آخرها الأسبوع الماضي خلال لقاء مدبولي مع المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب.

وقبل أشهر، بدأت الحكومة المصرية في إجراء حصر دقيق للوافدين والمقيمين واللاجئين مع منحهم فرصة لتسجيل بياناتهم بالجهات الرسمية حتى يونيو (حزيران) المقبل، لاستخراج «بطاقة التسجيل» التي سيتم بموجبها الاستمرار في تقديم الخدمات ضمن خطة الدولة لحصر جميع الأجانب المقيمين داخل البلاد.

ولا يعد مبلغ الـ10 مليارات دولار، الذي قدره رئيس الوزراء، إجمالي تكلفة المقيمين في مصر، وفق عضوة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب النائبة سهام مصطفى، التي تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الوزراء تحدث عن التكلفة المباشرة فقط، لكن ثمة تكاليف غير مباشرة لم تحتسب أو تقدر بعد».

وأضافت: «أيضاً التكلفة المباشرة ستكون أعلى في الفترة المقبلة حال استمرار استقبال الوافدين وغياب الضوابط التي يجب فرضها، خصوصاً على من يمارسون الأنشطة التجارية».

وازدادت أعباء الحكومة المصرية المالية في توفير الخدمات الأساسية للأجانب على أراضيها، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد خلال الأشهر الأخيرة، في ظل ارتفاع معدلات التضخم على خلفية تراجع سعر الجنيه أمام الدولار، وتراجع إيراد قناة السويس والسياحة؛ بسبب تداعيات حرب غزة. وتؤكد البرلمانية المصرية أن «الوافدين لمصر يحصلون على الامتيازات نفسها التي يحصل عليها المواطن المصري سواء بتوفير المياه أو الكهرباء بسعر مدعم، أو حتى الاستفادة من أسعار المحروقات المدعومة للتخفيف عن المواطن المصري بخلاف امتيازات التعليم والصحة بالجهات الحكومية التي يعامل غالبيتهم فيها معاملة المصريين، وبالتالي يدفعون رسوماً زهيدة للغاية في مقابل خدمات تتكلف آلاف الجنيهات».

«ولا تحصل مصر دعم مالي من المجتمع الدولي يتناسب مع الأعداد التي تستضيفها على أراضيها»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمة السودانية ودخول مئات الآلاف من السودانيين في العام الأخير للبلاد فاقم الوضع بشكل كبير، خصوصاً بعدما لم يتمكن عدد كبير من السودانيين المقيمين بالأساس من العودة لبلادهم».

وأضاف: «استمرار مصر في استقبال السودانيين مع تفاقم الأوضاع الأمنية، وكذلك استمرار تطبيق الإجراءات المتبعة نفسها بمعاملتهم معاملة المصريين أمام مختلف الجهات، جعلا هناك تكلفة إضافية على ميزانية الدولة المصرية»، مشيراً إلى أن «الدعم المقدم من الأمم المتحدة عبر مفوضية اللاجئين وغيرها من الجهات لا يتناسب مع الأعداد المتدفقة واحتياجاتهم بظل سياسة الاندماج في المجتمع لجميع الوافدين من دون تمييز».

وتسجل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة نحو 596 ألف لاجئ من 60 دولة، أكثرهم من السودان بواقع 315 ألف لاجئ، يليهم السوريون بواقع 155 ألف لاجئ.

وتحذر عضوة مجلس النواب من الأبعاد الاجتماعية والأمنية لاستمرار تدفق الوافدين من دون رقابة ومتابعة حكومية خصوصاً مع وجود كلفة غير مباشرة تتحملها البلاد، ليس فقط على المستوى الحكومي، ولكن أيضاً على المستوى الشعبي بزيادة الضغط على الخدمات والمرافق في بعض الأماكن التي يتركز فيها الوافدون، مما يؤدي لزيادة الأسعار.

وتلقي البرلمانية المصرية باللوم على الحكومة في إهمال التعامل مع الملف، حتى وصل إلى مرحلة خطيرة تستوجب وجود آليات أسرع للتعامل معه بحزم، وهو ما تتمنى أن يتحقق سريعاً.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».