الانتخابات التونسية أمام امتحان الموعد وشروط الترشح

موعدها لا يزال محاطاً بالغموض رغم اعتبارها الأهم في مسار الانتقال الديمقراطي

هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)
هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)
TT

الانتخابات التونسية أمام امتحان الموعد وشروط الترشح

هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)
هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)

أعلنت هيئة الانتخابات التونسية عن انطلاق مسار الاستحقاق الرئاسي المقبل، من خلال عقد سلسلة من الاجتماعات التي ستحدد تفاصيل وسير الانتخابات الرئاسية، وشروط الترشح لها، وبقية التفاصيل الترتيبية الخاصة بهذه العملية الانتخابية، التي تعد الأهم في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.

الرئيس سعيّد يُدلي بصوته في الانتخابات السابقة بأحد مراكز العاصمة (أ.ف.ب)

جاءت هذه التحركات بعد أن طالبت عدة أحزاب معارضة بضرورة الإسراع في توفير مناخ سليم لإجراء الانتخابات، من خلال إزالة الغموض الذي ما زال يلفّ تحديد موعدها، على اعتبار أنها تتطلب استعدادات كثيرة، وضبط شروط الترشح للوقوف على عدد المترشحين المحتملين، والتوجه إلى القضاء لإبطال هذه الشروط في حال مخالفتها المعايير الدولية، خصوصاً في ظل «التلكؤ المتواصل» في تركيز المحكمة الدستورية.

ألفة الحامدي عبَّرت عن نيتها الترشح للانتخابات المقبلة (الشرق الأوسط)

وقالت الهيئة إثر اجتماع لها، عُقد مساء الثلاثاء، إنها ما زالت تنتظر صدور أمر رئاسي لدعوة الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وتحديد موعدها وشروط الترشح لها بشكل رسمي. علماً أن الفصل 101من القانون الانتخابي التونسي تضمَّن دعوة الناخبين بأمر رئاسي في أجلٍ أدناه ثلاثة أشهر قبل يوم الاقتراع.

بالنسبة إلى شروط الترشح، أكد محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات، أنها تشمل تحديد سن المترشح وجنسيته، وضرورة تمتعه بالحقوق المدنية والسياسية، وهي شروط ما زال يلفها كثير من الغموض على الرغم من بساطتها الظاهرة.

وفي هذا الشأن قال حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، إن تونس «تعيش مرحلة استثنائية، فهي تملك مرشحين محتملين لانتخابات رئاسية لم يعلَن بعد عن شروط الترشح لها، أو موعد إجرائها. والبيان الذي أصدرته هيئة الانتخابات لم يحمل تحديداً للمواعيد، أو أي إشارة تتعلق بشروط الترشح، وهو ما يعني أن الملف ما زال غامضاً»، على حد تعبيره.

منذر الزنايدي أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة (الشرق الأوسط)

وأوضح العيادي أن هيئة الانتخابات «تتحرك في وضع معقَّد ومركَّب، وهي ستفرض مباشرةً بعد الإعلان عن الموعد والقرار الترتيبي وصايتها ورقابتها على المشهد العام لمنع أي مساس بالعملية الانتخابية، وذلك ما قد تعده المعارضة وبعض منتقدي الهيئة خطوة استباقية لتجنب النقد والجدل السياسي، والتشكيك في نتائج الصندوق».

وفي انتظار تحديد موعد الانتخابات الرئاسية وشروط الترشح لها، عرفت الساحة السياسية إعلان سبعة مرشحين نيتهم المنافسة على كرسي الرئاسة، وهم: ألفة الحامدي، وعبير موسي، ومنذر الزنايدي، ولطفي المرايحي، والصافي سعيد، وعصام الشابّي، ونزار الشعري، في الوقت الذي لمّح فيه الرئيس الحالي إلى أنه سيتقدم لعهدة ثانية، دون أن يؤكد ذلك بصفة رسمية. وفي حال تنفيذ ما جاء به القانون الانتخابي الجديد من تحديد لسن الترشح للانتخابات الرئاسية بـ40 سنة على أدنى تقدير، فإن ألفة الحامدي التي يقل عمرها عن 40 سنة ستُقصَى لا محالة من هذا السباق.

وجود عبير موسي في السجن قد يُقصيها من الاستحقاق الانتخابي المرتقب (موقع حزب «الدستوري الحر»)

أما بالنسبة إلى ترشح عصام الشابي وعبير موسي القابعَين في السجن، فإنه في حال اشتراط أن يكون الترشح شخصياً، فمن الممكن إقصاؤهما بدورهما. كما أشار بعض التقارير الإعلامية إلى إمكانية اشتراط الإقامة في تونس، وهذا الشرط سيقصي أيضاً منذر الزنايدي، الوزير السابق المقيم حالياً في فرنسا.

ويرى مراقبون أن شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية سيكون من أكثر الشروط إثارة للجدل السياسي والحقوقي، إذ إن اعتماد هذا الشرط سيقصي الكثير من القيادات السياسية المعارضة لمسار 25 يوليو (تموز) 2021، خصوصاً بعد إيداع الكثير منهم السجن نتيجة اتهام بعضهم بالتآمر ضد أمن الدولة، وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، علاوة على عدة تهم أخرى، من بينها تلقي تمويلات أجنبية، وغسل وتبييض الأموال عبر عدد من الجمعيات الأهلية الناشطة في تونس. وسيتأكد هذا الإقصاء السياسي في حال أصدرت المحاكم التونسية أحكاماً قضائية باتّة بالسجن تتجاوز مدتها ثلاثة أشهر.



الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
TT

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

تنتهي الثلاثاء حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري، في غياب الاستقطاب السياسي الحاد، الذي يتابعه الجزائريون عادةً في الانتخابات الفرنسية، التي تعد النموذج الأقرب إليهم بحكم القرب الجغرافي، زيادة على الاعتبارات التاريخية ذات الصلة بالاستعمار.

واجتهد الرئيس المنتهية ولايته، المرشح لدورة ثانية، عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني، والمرشح اليساري يوسف أوشيش في تجمعاتهم، لإقناع الناخبين بـ«أهمية التصويت بكثافة لمنح الرئيس، الذي سيفرزه الصندوق، الشرعية اللازمة التي تمكنَه من حل المشكلات الداخلية، ومواجهة التحديات في الجوار». في إشارة إلى الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، التي يُجمع المرشحون على أنها «مصدر تهديد لأمننا القومي».

عبد المجيد تبون (حملة المرشح)

وفي بعض التجمعات واللقاءات المباشرة مع المواطنين في الشوارع، بدا اهتمام المرشحين منصبّاً أكثر على الانتخابات بوصفها فعلاً سياسياً أو «واجباً وحقاً» كما ورد في خطاباتهم، أكثر من إقناع الناخبين ببرامجهم وبتعهداتهم.

وساد الهدوء الأسبوعين الأولين من الحملة، التي استمرت 21 يوماً حسب القانون، كما كان متوقعاً، من دون أحداث بارزة. وفي اللقاءات المقررة للأسبوع الثالث التي يجرى أغلبها في العاصمة، لم تُعقد أي تجمعات جماهيرية كبيرة، باستثناء المهرجان الانتخابي الذي نظمه تبون في وهران، كبرى مدن غرب البلاد، يوم 25 من الشهر المنقضي، حيث جمع، حسب مديرية حملته الانتخابية، أكثر من 17 ألف شخص داخل قاعة للألعاب الرياضية، وحيث لوحظ حضور بعض المشاهير من بينهم بطلة أولمبياد باريس صاحبة الميدالية الذهبية في الملاكمة، إيمان خليف التي أثارت جدلاً أخذ بُعداً عالمياً بسبب حملة التنمر ضدها.

يوسف أوشيش مرشح «القوى الاشتراكية» في لقاء مع سكان حي بشرق البلاد (حملة المرشح)

وتجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج، في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الانتخابات نكهة التشويق... واللافت، بهذا الخصوص، أن المرشحين أوشيش وحساني لم يوجّها أي انتقاد لحصيلة الولاية للرئيس تبون. أما الصحافة، فقد عدَّ معظمها أنها «كانت إيجابية»، ووفرت تغطية واسعة لعدد كبير من مؤيدي تبون، الأمر الذي استهجنه المرشح الإسلامي، عادّاً وسائل الإعلام «منحازة» إلى الرئيس المترشح، لكن من دون ذكره بالاسم.

وفي مناسبات عديدة، أبدى المرشحان المعارضان استياء من تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام الاجتماعي، عدَّت «اللعبة محسومة للرئيس تبون»، وأنهما «يشاركان في الاستحقاق لغرض الديكور الانتخابي، ولمرافقة تبون إلى الأمتار الأخيرة من السباق ليفوز في النهاية».

وهيمنت القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الحملة، وبخاصة القدرة الشرائية والإسكان، والبطالة وإنعاش الاقتصاد وتطوير بعض القطاعات مثل الزراعة، وفك العزلة عن المناطق النائية.

وأضفى رئيس «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، وهو أشد مؤيدي تبون ولاءً، مسحةً من الهزل على الحملة الدعائية بتصريحات أثارت جدلاً، كقوله إن «التملق (للرئيس) شعبة من شعب الإيمان»، أو الحديث الذي جمعه بأحد المواطنين في الشارع، حينما قال له إن «راتب 30 ألف دينار الذي تتقاضاه في بلدك، أفضل من 5 آلاف يورو التي يأخذها جزائري يعيش في سويسرا».

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني مع أنصار حزبه جنوب غربي البلاد (حملة المرشح)

كما تم التركيز في الحملة على بعض القضايا الساخنة على الصعيد الدولي، مثل الوضع في غزة وفلسطين، فضلاً عن القضية الصحراوية التي أوجدت خلافاً شديداً مع المغرب، والتصريحات المتعلقة بفلسطين التي أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في قسنطينة (شرق)، وعبّر فيها عن «استعداد الجزائر لإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في غزة إذا تم فتح الحدود»، التي أثارت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية.

واضطرت حملة الرئيس المرشح إلى التحرك بسرعة لاحتواء الجدل الذي بدأ يتشكل على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما تم تصوير شاب وهو يسجد أمام ملصق انتخابي لعبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة. وكتبت الحملة في بيان نُشر يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب): «المرشح المستقل عبد المجيد تبون لا يمكنه قبول هذا النوع من التصرفات التي لطالما ناضل ضدها ورفضها، حتى وإن كانت صادرة عن مؤيديه».