القاهرة تطالب بدعم دولي لمساعدتها في تحمل أعباء اللاجئين

تشير تقديرات مبدئية إلى وجود نحو 9 ملايين مُقيم في مصر

وزير الخارجية المصري سامح شكري يستقبل مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يستقبل مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب (وزارة الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تطالب بدعم دولي لمساعدتها في تحمل أعباء اللاجئين

وزير الخارجية المصري سامح شكري يستقبل مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يستقبل مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب (وزارة الخارجية المصرية)

طالبت مصر بدعم دولي واسع يعزز قدراتها على تحمل أعباء اللاجئين، مع ازدياد تدفقات المهاجرين بسبب صراعات المنطقة. وعدّ وزير الخارجية المصري سامح شكري، عقب لقائه مدير عام المنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب، يوم الاثنين، أن الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي «لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها».

وتأتي زيارة المسؤولة الأممية للقاهرة، خلال الفترة من 21 إلى 23 أبريل (نيسان) الحالي، في وقت بدأت فيه الحكومة المصرية عملية لحصر أعداد اللاجئين المقيمين على أراضيها، بهدف احتساب تكلفة استضافتهم، والوقوف على الأعباء المالية، في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها البلاد.

وتشير تقديرات مبدئية للحكومة المصرية، وجهات دولية، إلى وجود نحو 9 ملايين مُقيم في مصر. وتواجه مصر «تدفقات مزدادة من المهاجرين الذين اضطروا إلى ترك بلادهم بحثاً عن الاستقرار، نتيجة للصراعات أو لأسباب اقتصادية أو لتداعيات تغير المناخ»، وهو أمر «انعكس بوضوح في الزيادة الحادة لأعداد المهاجرين إلى مصر»، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية عقب لقاء شكري وإيمى بوب.

الحكومة المصرية تبحث ملف اللاجئين في مناسبة سابقة (رئاسة الوزراء)

دعم غير مناسب

وقال شكري إن «الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها، خصوصاً أن هذه الظاهرة تتزامن مع وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من تبعات الأزمات العالمية، وهو ما يتطلب قيام المنظمة الدولية بدورها في توفير الدعم اللازم لمصر».

وتطرق اللقاء أيضاً، بحسب البيان المصري، إلى التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، والوضع في غزة والاحتياجات المزدادة لتوفير المساعدات الإنسانية والمناطق الآمنة لإيواء النازحين. ونقل البيان عن المسؤولة الأممية «تثمينها قيام مصر باستقبال عدد كبير من اللاجئين السودانيين منذ بداية الأزمة، ودور السلطات المصرية في توفير الدعم للفارين من الصراع على المستويين الحكومي والشعبي وتلبية احتياجاتهم».

وأعربت المسؤولة الأممية عن «استعداد المنظمة لتقديم الدعم لمصر لتعزيز قدرتها على رعاية اللاجئين السودانيين، بالتعاون مع وزارات التضامن الاجتماعي والصحة»، مشيرة إلى «اهتمام المنظمة الدولية للهجرة بالسودان خشية تحولها إلى أزمة منسية»، حيث يعمل ما يقرب من 800 موظف أممي في السودان ودولة جنوب السودان ممن لديهم القدرة والرغبة في مساعدة الشعب السوداني.

لاجئون سودانيون يسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر (المفوضية)

طلب 175 مليون دولار

وبحسب إحصاءات أممية، أجبرت الحرب في السودان حتى الآن أكثر من 1.7 مليون شخص على الفرار إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك مصر التي كانت تعاني بالفعل من استنزاف الموارد كونها تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين قبل الصراع في السودان.

وطالبت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر، في بيان، الثلاثاء الماضي، بالحصول على 175.1 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للاجئين السودانيين الذين فروا إلى مصر منذ منتصف أبريل 2023.

وتضاعف عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية في مصر 5 أضعاف ليصل إلى 300 ألف شخص، منذ أبريل 2023، وهو ما يمثل أكثر من 52 في المائة من عدد اللاجئين المسجلين في البلاد، بحسب المفوضية.

وقالت المفوضية إن 250 ألف سوداني آخرين ينتظرون التسجيل لدى المفوضية في مصر. بينما توقعت أن يزداد الطلب على التسجيل بشكل مستمر في الأشهر الستة المقبلة بسبب «الوضع المضطرب في السودان، مع عدم وجود آفاق فورية لسلام مستدام في الأفق».


مقالات ذات صلة

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015 في كتابها «حرية».

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

أدت النزاعات والكوارث الطبيعية في أفريقيا إلى زيادة كبيرة بعدد النازحين داخلياً حتى وصل إلى 35 مليوناً بنهاية العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.