ما دلالة إعادة تشغيل خط «سكة حديد سيناء»؟

يربط بين الدلتا والعريش

محطة بئر العبد بعد تطويرها (وزارة النقل المصرية)
محطة بئر العبد بعد تطويرها (وزارة النقل المصرية)
TT

ما دلالة إعادة تشغيل خط «سكة حديد سيناء»؟

محطة بئر العبد بعد تطويرها (وزارة النقل المصرية)
محطة بئر العبد بعد تطويرها (وزارة النقل المصرية)

أثار إعلان مصر إعادة تشغيل خط «سكة حديد سيناء» الذي يربط بين مدينة العريش والدلتا، تساؤلات حول ما يحمله ذلك من دلالات، وأكد خبراء استراتيجيون أن «هذا التحرك يحمل دلالات تتعلق بالأمن القومي والاستراتيجي المصري»، باعتبار سيناء البوابة الحدودية الشرقية لمصر، في حين رأى اقتصاديون أنه بجانب الأهمية الاقتصادية لتنمية سيناء، فإن ذلك سينعكس على حياة المواطن السيناوي إيجابياً، من خلال خلق فرص عمل جديدة عبر ما سيجذبه تحسين البنية التحتية من استثمارات.

محطة جلبانة بعد الانتهاء من تطويرها (وزارة النقل المصرية)

وتحتفل مصر في 25 أبريل (نيسان) من كل عام بذكرى «تحرير سيناء»، حيث تم رفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها من إسرائيل في 25 أبريل 1982.

ووفقاً لوزير النقل المصري كامل الوزير، فإن مصر «تستعد لإعادة تشغيل خط سكة حديد سيناء (الفردان - بئر العبد)»، وقال الوزير في مداخلة تلفزيونية أخيراً، إنه «يجري تجديد ورفع كفاءة خط السكة الحديد بسيناء (الفردان - بئر العبد)، إذ كان قد توقف عن العمل عام 2011 بسبب الأوضاع الأمنية»، لافتاً إلى أنه «سيتم افتتاحه مع احتفالات نصر أكتوبر (تشرين الأول) العام الحالي».

وأكد الوزير أن «الدولة تحركت بشكل كبير بقرار من الرئيس السيسي، لعودة قطار التنمية في سيناء وربطه بالوطن الأم، ويجري العمل منذ عام 2014 على مسارات تنمية مختلفة، منها إنشاء (كوبري) بمنطقة الفردان لربط سيناء بالوادي، وكذلك إنشاء عدد من الأنفاق بقناة السويس».

وتشكل شبه جزيرة سيناء أهمية استراتيجية كبرى لمصر، بوصفها البوابة الحدودية الشرقية، وتبلغ مساحتها 61 ألف كيلو متر مربع، أي نحو 6 في المائة من مساحة مصر، وتضم محافظتين هما شمال سيناء، وعاصمتها العريش، وجنوب سيناء وعاصمتها الطور، وتعمل مصر على تنفيذ خطة وطنية لتنمية سيناء وربطها بالمدن الواقعة على الضفة الغربية لقناة السويس التي تفصلها عن الوادي، عقب نجاح جهود القضاء على التنظيمات الإرهابية التي كانت قد عززت وجودها بالمنطقة عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013.

فوائد كبيرة لإعادة تشغيل خط سكك حديد سيناء (وزارة النقل المصرية)

ورأى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن إعادة تشغيل خط قطار سيناء ضمن خطط تنميتها يحمل «دلالات سياسية واستراتيجية عدة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنمية سيناء لها أهمية قصوى للأمن القومي المصري، بوصفها بوابة حدودية مهمة، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية المحيطة بحدودها».

وبحسب عبد الوهاب، فإنه «من المنظور الاستراتيجي يعد ربط سيناء بباقي محافظات الجمهورية بالقطار أو الأنفاق والكباري تعزيزاً للأمن القومي المصري، لأن المناطق الحدودية تظل دائماً نقطة ضعف استراتيجية ومهددة، ويجب دائماً ربطها بباقي أجزاء البلاد لضمان أمنها».

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في فبراير (شباط) العام الماضي، إن «الإرهاب كان يعيق حياة الناس في سيناء وليس التنمية فقط»، متابعاً: «بعدما تحقق النصر على الإرهاب بدأنا في عملية التنمية».

وتنفذ مصر راهناً خطة طموحة لتطوير السكك الحديدية، حيث تم وضع خطة شاملة لتطوير عناصر منظومة السكك الحديدية ترتكز على 5 محاور رئيسية تشمل تطوير الوحدات المتحركة والبنية الأساسية ونظم الإشارات والورش الإنتاجية وتنمية العنصر البشري، وذلك بهدف رفع طاقة النقل وتعظيم نقل الركاب والبضائع على خطوط الشبكة، بجانب تطوير البنية الأساسية للسكك الحديدية وتأمين مسير القطارات وزيادة معدلات السلامة والأمان على خطوط الشبكة والحد من الحوادث، بالإضافة إلى تحسين مستوى الخدمة المقدمة لجمهور الركاب.

وحول التأثير الاقتصادي لإعادة تشغيل قطار سيناء، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط»، إن «البنية التحتية هي أساس التنمية، والقطار سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري عامة، وعلى تنمية سيناء على وجه الخصوص، لأن السكك الحديدية هي الأرخص في وسائل النقل، وستسهل نقل البضائع من سيناء وإليها».

وبحسب عبده، فإن «القطار سوف يجذب كثيراً من الاستثمارات لسيناء، وسيسهم في تحسين حياة المواطن السيناوي من خلال فرص عمل جديدة بمجالات مختلفة».

وتعتزم مصر مد خط السكة الحديد من بئر العبد إلى العريش، ومنها إلى طابا، وبحسب الوزير، فإن مصر تعمل على تطوير ميناء العريش وتوسعاته ليصبح ميناء دولياً محورياً مرتبطاً بشبكة خطوط السكك الحديدية، حيث يعدّ الميناء أحد المكونات الرئيسية للممر اللوجيستي المتكامل «العريش - طابا»، والذي يبدأ من ميناء العريش البحري حتى ميناء طابا البحري ويربط بينهما خط سكك حديد «العريش - طابا»، وهو امتداد لخط «الفردان - بئر العبد - العريش»، مروراً بمنطقة الصناعات الثقيلة في وسط سيناء.



«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».