حذّرت «منظمة الصحة العالمية» من أن مستشفيات السودان على شفا الانهيار، وعبر تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تحدثت المديرة الإقليمية لشرق المتوسط، حنان حسن بلخي، عن «فجوة دوائية» في البلاد في وقت تتفشى فيه الأمراض الوبائية بين السكان.
بلخي كشفت كذلك عن أن «نحو 70 إلى 80 في المائة من المستشفيات في الولايات المتضررة من النزاع لا تعمل، إما بسبب الهجمات التي تطولها، أو نقص اللوازم الطبية ومستلزمات التشغيل، أو نقص العمالة الصحية». مشيرة إلى أن «المستشفيات مكتظة بالمرضى والمصابين مع استمرار تدفق الأشخاص الذين يلتمسون الرعاية، وكثير منهم نازحون داخلياً، بينما يتعذر الوصول إلى العديد من المستشفيات». كما أرجعت جانباً من الأزمة في المستشفيات إلى «انعدام الأمن» بالإضافة إلى أن «النظام الصحي في السودان، كان مُرهقاً بالفعل قبل الحرب، وهو الآن على مشارف الانهيار».
أزمة مخيفة
المسؤولة بالمنظمة أطلقت عبر تصريحاتها صرخة للمجتمع الدولي لتسريع العمل على وصول المساعدات الإنسانية وإنهاء الأعمال العدائية المستمرة في بعض ولايات السودان، مشددة على الإيفاء بما أقرّه مؤتمر باريس الأخير، وكاشفة عن خطط تمويلية، في حال تم الالتزام بالتعهدات الدولية، ذات الصلة.
وبلخي التي زارت السودان منتصف الشهر الماضي، تقول عن جولتها: «لقد أكدت مشاهداتي على أرض الواقع في السودان، ما أفضى إليه الصراع المستمر من أزمة إنسانية مدمرة ذات أبعاد مخيفة؛ حيث يحتاج 25 مليون شخص إلى مساعدة عاجلة العام الحالي، بينما أدت الحرب إلى نزوح 8.6 مليون شخص، وقُتل ما لا يقل عن 14600 شخص، وجُرح 33 ألفاً آخرين على أقل تقدير».
وتابعت بلخي: «زرت السودان في 12 و13 مارس (آذار) الماضي، لمتابعة تداعيات الحرب على الأوضاع الصحية في السودان؛ حيث التقيت نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة، والمنسق المقيم لوكالات الأمم المتحدة وأعضاء مجموعة الصحة وموظفي منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية في أثناء أداء واجبهم... كانت الزيارة مناسبة لتأكيد وتجديد التزامنا، في (منظمة الصحة العالمية)، بالتصدي للأزمة الصحية والإنسانية المتفاقمة في السودان».
ووفق بلخي، فإن «تفشي الأمراض يزداد، بما في ذلك الكوليرا، والحصبة، والملاريا، وفيروس شلل الأطفال من النوع 2، وحمى الضنك، والتهاب الكبد E، في ظل مواجهة انقطاع خدمات الصحة العامة الأساسية، بينما وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستوى قياسي؛ حيث يعاني ما يقرب من نصف الأطفال من سوء التغذية الحاد».
فجوة دوائية
ومع إقرارها بصعوبة الأوضاع في السودان، تؤكد بلخي أن «منظمة الصحة العالمية» تبذل أقصى ما بالوسع «في إطار الإمكانات المتاحة. وننتهج جميع السبل الممكنة ونعمل مع الشركاء المحليين والدوليين لجعل الرعاية الصحية المنقذة للحياة في متناول الملايين من الأشخاص الأكثر ضعفاً».
وعلى مدى عام كامل وفق بلخي، حافظت «الصحة العالمية» وشركاؤها على وجود كبير على الأرض؛ حيث قدمت المنظمة المساعدات لنحو 2.5 مليون شخص وقدمت العيادات المتنقلة خدماتها إلى 3.3 مليون فرد، مع توفير لقاحات الكوليرا، والحصبة، والحصبة الألمانية لملايين الأشخاص في الولايات المختلفة.
وأفادت بتوزيع الإمدادات الحيوية لعلاج 115 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد مع مضاعفات طبية، مبينة أن الجهود الأخيرة التي بذلتها منظمة الصحة العالمية والشركاء، أدت إلى انخفاض حالات الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.
وقالت بلخي: «لا تزال التقارير ترد عن نقص في الأدوية والإمدادات الطبية، بما في ذلك علاجات الأمراض المزمنة، على الرغم من الإمدادات التي تقدمها (الصحة العالمية)، وغيرها من الشركاء الصحيين».
وتابعت: «أخشى أن صحة ملايين السودانيين معلقة على المحك جراء ندرة الإمدادات والمعدات الطبية والوقود ونقص أعداد العاملين الصحيين وشح الموارد المالية اللازمة لتغطية التكاليف التشغيلية للمستشفيات؛ حيث وجهنا نداءات عاجلة ووضعنا خططاً تمويلية، ونناشد المجتمع الدولي سرعة التحرك لنتمكن من الوفاء بالتزاماتنا».
هجوم على المستشفيات
وقالت المديرة الإقليمية لـ«الصحة العالمية» إنه منذ بداية الحرب في السودان «تحققت المنظمة من 62 هجوماً على الأقل على الرعاية الصحية أسفرت عن 38 حالة وفاة و45 إصابة»، وأضافت: «بهذه المناسبة ندين بأشد العبارات استمرار الهجمات على الرعاية الصحية في السودان، واحتلال المرافق الصحية. لا بد لهذه الاعتداءات أن تتوقف».
وقالت بلخي: «إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، نتوقع ارتفاع أعداد الوفيات بين جميع السكان بسبب النزوح وتفشي الأمراض، وعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، وعدم تلبية الاحتياجات الصحية للأمهات والمواليد، ونقص الغذاء والماء والدواء».
وشددت على أن «الصحة العالمية» تهيب بالالتزامات التي تعهد بها مجتمع المانحين في أثناء انعقاد المؤتمر الإنساني الدولي في باريس أخيراً لصالح السودان والبلدان المجاورة، بغية إيصال المساعدات الإنسانية وإنهاء الأعمال العدائية المستمرة.
وأضافت بلخي أن «مبلغ الملياري دولار، الذي تم التعهد به للاستجابة الإنسانية في السودان هو بمثابة شريان حياة للأشخاص الذين يواجهون معاناة لا تطاق، ويتعرضون للعواقب الصحية الناجمة عن الحرب والنزوح وتفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي».