يحاول الجيش السوداني وضع ستار من السرية على تحرك وانتشار قواته في ولاية الجزيرة، استعداداً للمرحلة الأولى من الهجوم المضاد الذي يشنه على «قوات الدعم السريع» في الولاية الواقعة وسط السودان. لكن مصادر في «الدعم السريع» تنفي وجود أي تحركات للجيش، معلنة استعدادها للتصدي لأي هجوم مضاد.
ويجري التخطيط لهذا الهجوم المضاد منذ أشهر، بحشد أعداد كبيرة من القوات والعتاد العسكري. ووفق ما يتداول من أنباء، دخل الجيش السوداني بلدة صغيرة تبعد عشرات الكيلومترات عن العاصمة «ود مدني» دون قتال، وهي المنطقة الأولى التي يتوغل فيها إلى عمق الولاية منذ بدء هجومه، الخميس الماضي.
وقال المتحدث الرسمي باسم «الدعم السريع»، الفاتح قرشي: «لا يوجد أي تحرك للعدو في تلك المناطق»، مضيفاً: «نسمعهم يتحدثون عن تحركات قواتهم، لكنهم غير قادرين، ولا يملكون الإرادة لذلك، ويخشون مواجهتنا».
وقال قرشي لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا معلومات كاملة عن حشودهم وترتيباتهم العسكرية في كل المناطق حول الجزيرة، وقواتنا جاهزة للتصدي بعزيمة الأشاوس». وأشار قرشي إلى أن قوات الجيش لا تستطيع فعل شيء، «وأن أكثر ما يرغب فيه أشاوس (الدعم السريع) خوض معركة الجزيرة في (النقعة)» وهو اسم يطلق على الأرض المكشوفة.
وتقع المناطق التي يتحدث السكان عن وجود قوات الجيش فيها في خط الدفاع الأول لــ«الدعم السريع»، واجتيازها يفتح الطريق أمامه صوب العاصمة ود مدني. وقالت مصادر محلية، ليل الخميس - الجمعة، إن اشتباكات عنيفة تجري بين الجيش و«الدعم السريع» في بلدة صغيرة، بالتزامن مع قيام الطيران الحربي للجيش بتنفيذ غارات جوية على المواقع المتقدمة لقوات «الدعم السريع».
وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية، نبيل عبد الله، لكنه لم يستجب للاتصالات الكثيرة.
ويشن الجيش السوداني هجومه المضاد على ولاية الجزيرة من 3 محاور لتطويق «قوات الدعم السريع» التي تنتشر بكثافة، وتسيطر على كامل محافظات الإقليم الثماني.
وأظهرت لقطات مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قوات الجيش في قرية صغيرة، من دون أن يتبين ما إذا دارت هناك معارك مع «الدعم السريع». وتقول قوات «الدعم السريع» إنها تؤمّن حدود ولاية الجزيرة مع الولايات الأخرى التي تقع تحت سيطرة الجيش، حيث توجد قواتها بشكل ثابت ومتحرك لصد أي قوات تحاول أن تدخل مناطقها.
مصادر الجيش: الهجوم لن يتوقف
ويسعى الجيش السوداني من خلال شن الهجوم المضاد لتحريك الوضع العسكري لصالحه وتحقيق مكاسب باستعادة ولاية الجزيرة، ما يتيح له تأمين ظهره في تحركاته خلال المرحلة الثانية لمحاصرة «قوات الدعم السريع» في مدن العاصمة الخرطوم. ووفق تصريحات سابقة لكبار قادة الجيش السوداني، فإن التوغل البري لاستعادة ولاية الجزيرة، التي يقطنها أكثر من 6 ملايين شخص، من أيدي «الدعم السريع»، جرى الاستعداد له بخطوات محسوبة، تشارك فيها قوات من الفصائل المسلحة الموالية للجيش.
ولم يكشف الجيش عن إعداد القوات والأسلحة المشاركة لتنفيذ الهجوم، الذي سبق أن وصف بأنه سيكون واسعاً، ولن يتوقف إلا بعد تحرير كل الولايات التي استولت عليها «الدعم السريع».
ومن جهة ثانية، قالت «لجان مقاومة ود مدني» (تنظيمات شعبية محلية) في بيان على موقع «فيسبوك»: «دخل انقطاع شبكات الاتصالات الهاتفية والإنترنت في ولاية الجزيرة شهره الثالث، مع عدم استقرار الإمداد المائي والكهربائي».
وأضاف البيان أن «ميليشيا الدعم السريع» تواصل ارتكاب جرائمها ضد المواطنين والاقتحامات المتكررة للقرى. وفي 19 ديسمبر (كانون الأول) سيطرت «قوات الدعم السريع» على كامل ولاية الجزيرة، بعد انسحاب الفرقة «الأولى - مشاة» التابعة للجيش السوداني.
وتواجه «قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) اتهامات بارتكاب انتهاكات فظيعة من أعمال قتل ونهب وسرقة ممتلكات المواطنين في بلدات وقرى الجزيرة.