الأمن التونسي يعتقل 3 متهمين باغتيال شكري بلعيد

السلطات نفت فرار 7 موقوفين في هذه القضية

القيادي اليساري شكري بلعيد (أ.ف.ب)
القيادي اليساري شكري بلعيد (أ.ف.ب)
TT

الأمن التونسي يعتقل 3 متهمين باغتيال شكري بلعيد

القيادي اليساري شكري بلعيد (أ.ف.ب)
القيادي اليساري شكري بلعيد (أ.ف.ب)

كشف أيمن شطيبة، المساعد الأوّل لوكيل الجمهورية التونسية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، عن اعتقال 3 متهمين محالين في حال سراح في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، وقال في تصريح إعلامي إن المتهم ماهر العكاري، الذي أصدرت المحكمة في حقه حكماً بالسجن لمدة 6 سنوات مع النفاذ العاجل يعدّ حالياً في حال فرار من العدالة، غير أن تقارير إعلامية محلية أكدت أن المتهم سلّم نفسه للسلطات، وتم إصدار أمر بإيداعه السجن.

وأضاف شطيبة أن العكاري اعتقل سنة 2013، لكن تم الإبقاء عليه في حال سراح، مشيراً إلى أن شقيقه محمد محكوم عليه هو الآخر في قضية اغتيال شكري بلعيد بالإعدام، مع 120 سنة سجناً.

وبخصوص ما تم تداوله من أخبار حول فرار 7 موقوفين في قضية اغتيال بلعيد، نفى شطيبة نفياً قاطعاً هذا الخبر، مشدداً على أنه لا يوجد في القضية متهمون في حال فرار. كما أكد شطيبة أن جميع المتهمين حضروا جلسة الأربعاء الماضي، بمن فيهم المحالون في حال سراح.

وتابع شطيبة موضحاً أن المحكمة لا تملك أي سند قانوني لكي تبقي على ذمتها متهماً محالاً في حال سراح لمدة أكثر 20 ساعة، حيث يغادر أي متهم المحكمة عند حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم، وفي هذه الحالة فقد أصدرت المحكمة أحكاماً مع النفاذ العاجل، وهو ما جعلها توكل مهمة تنفيذها إلى قوات الأمن التي ألقت القبض على المتهمين.

كما كشف المصدر ذاته عن تحرير النيابة العامة مضامين الأحكام القضائية، وعهدت إلى الوحدات الأمنية تنفيذها، واعتقال المحكوم عليهم، موضحاً أنه تمّ تنفيذ الأحكام في حق جميع المتهمين، باستثناء المتهم ماهر العكاري، على حد قوله.

يذكر أن شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي شهد فرار 5 إرهابيين، يعدّون من أخطر العناصر المعتقلة في سجن المرناقية، ومن بينهم أحمد المالكي المكنى بالصومالي، وهو ما خلّف تساؤلات كثيرة حول طريقة خروجهم من سجن، يعد الأكثر تحصيناً ومراقبة أمنية، لكن تمكنت وحدات مكافحة الإرهاب من اعتقالهم وإرجاعهم إلى السجن بعد نحو أسبوع، فيما بقي سيناريو فرارهم دون تفسير إلى حد الآن من قبل السلطات التونسية.

مؤيدون لشكري بلعيد يطالبون بالعدالة خلال محاكمة عدد من المتهمين باغتياله (أ.ف.ب)

وكانت الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، قد أصدرت صباح الأربعاء الماضي أحكاماً في حق المتهمين في قضية اغتيال بلعيد، تراوحت بين الإعدام في حق 4 متهمين، والسجن المؤبد في حق متهمين اثنين آخرين.

كما قضت بعقوبات بالسجن في حق عدد من المتهمين في القضية، تراوحت بين عامين و120 عاماً سجناً، إضافة إلى إخضاع جميع المتهمين لمراقبة إدارية تراوحت بين 3 و5 سنوات. وعدد المتهمين في قضية اغتيال شكري بلعيد في 6 فبراير(شباط) سنة 2013، بلغ 23 متهماً، 14 منهم في حال إيقاف، و9 آخرون في حال سراح.



​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».