تونس: إحباط تهريب 1160 أفريقياً وحجز عشرات المراكب والمحركات البحرية

وزارة الداخلية ترفع درجة مراقبة المناطق الحدودية

وزير الداخلية يتفقد قوات الحرس الوطني في المناطق الحدودية التونسية الجزائرية (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية يتفقد قوات الحرس الوطني في المناطق الحدودية التونسية الجزائرية (الداخلية التونسية)
TT

تونس: إحباط تهريب 1160 أفريقياً وحجز عشرات المراكب والمحركات البحرية

وزير الداخلية يتفقد قوات الحرس الوطني في المناطق الحدودية التونسية الجزائرية (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية يتفقد قوات الحرس الوطني في المناطق الحدودية التونسية الجزائرية (الداخلية التونسية)

رفعت السلطات الأمنية التونسية درجة التعبئة والاستنفار في محافظاتها الحدودية مع ليبيا والجزائر، في سياق الوقاية من الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة ومكافحة «الاتجار بالبشر»، بعد ارتفاع عدد الوافدين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء بهدف المشاركة في رحلات «الهجرة غير النظامية» نحو سواحل جنوب أوروبا.

وزير الداخلية كمال الفقي ومدير عام الحرس الوطني يتفقدان قوات أمن الحدود مع الجزائر (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

وارتفع مستوى مراقبة الحدود التونسية الليبية بعد أحداث العنف وعمليات تبادل إطلاق النار في معبر رأس الجدير الحدودي من الجانب الليبي قبل أيام، ما تسبب في صدور قرار من سلطات الأمن في البلدين بغلقه «مؤقتاً» أمام المسافرين والحركة التجارية في الاتجاهين.

وزير الداخلية كمال الفقي ومدير عام الحرس الوطني يتفقدان قوات أمن الحدود مع الجزائر (من موقع وزارة الداخلية التونسية)

المحافظات الصحراوية

ورغم الإبقاء على معبر «الذهيبة» الصحراوي (من محافظة تطاوين في أقصى الجنوب التونسي) مفتوحاً، فإن الحركة بين البلدين تراجعت بشكل ملموس لأن نحو 90 في المائة من المسافرين والتجار يستخدمون معبر «رأس الجدير» بوصفه الأكبر والأقرب إلى المدن الساحلية التونسية والليبية، خلافاً للمعبر الثاني الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بعد الوصول إلى المحافظات الصحراوية القاحلة.

وكان وزيرا الداخلية التونسي كمال الفقي والليبي عماد الطرابلسي قد عقدا جلسة عمل بحضور كوادر أمنية عليا من البلدين قبل أسابيع، وأعلنا عن ترفيع التنسيق الثنائي في مجالات مكافحة التهريب والمخدرات والإرهاب والهجرة غير القانونية. وجاءت تلك الخطوة بعد ارتفاع بنسق سريع للمرشحين للهجرة غير القانونية الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء ممن يستخدمون السواحل الليبية والتونسية وأراضي البلدين.

مناورات أمنية رفيعة المستوى في مركز «الطريشة» قرب الحدود الجزائرية التونسية (الداخلية التونسية)

المحافظات الغربية

في نفس السياق، كثف وزير الداخلية كمال الفقي والكوادر الأمنية العليا في الوزارة وفي قوات النخبة في الحرس الوطني مراقبة المناطق الحدودية التونسية الجزائرية والمحافظات الغربية للبلاد التي تنتشر فيها الغابات والجبال، وتستخدمها منذ عقود عصابات تهريب السلع والبشر. كما شهدت في العشرية الماضية أخطر العمليات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والفارين من القضاء.

واكتشفت قوات الأمن التونسية في هذه المناطق خلال الأيام والأسابيع الماضية مزيداً من المهاجرين الأفارقة الذين يتسللون إلى تونس بوصفها «بلد العبور الأقرب» نحو إيطاليا وجنوب أوروبا.

وبعد أسبوع واحد عن زيارة عمل قام بها وزير الداخلية وكبار مسؤولي قطاع الأمن إلى محافظة سليانة، وإعلان ترفيع خطة «التصدي للإرهاب والتهريب»، كانت قد شهدت محافظة الكاف الحدودية مع الجزائر جلسات عمل ومناورات أمنية و«عمليات بيضاء» شاركت فيها قوات النخب في قطاعات الشرطة والحرس الوطني والحماية المدنية ومكافحة الإرهاب والتهريب.

ونشر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية مشاهد عن «عملية بيضاء حول تأمين الحدود البرية» في المركز الحدودي المتقدم للحرس الوطني «الطريشة» التابع لمنطقة قلعة سنان التي يوجد بها أحد المعابر البرية التي تربط بين غرب تونس وشرق الجزائر.

وكشفت المشاهد التي وقع بثها مشاركة عربات متطورة وأسلحة ثقيلة في المناورات و«العملية البيضاء».

إحباط عشرات عمليات التهريب

من جهة أخرى، كشفت مصادر أمنية رسمية عن إحباط عشرات عمليات التهريب الجديدة من قبل قوات «الوحدات العائمة التابعة للحرس البحري».

وحسب نفس المصدر، فقد وقع إحباط 28 عملية تهريب للبشر، وإنقاذ 1160 مهاجراً أفريقياً من بلدان جنوب الصحراء و18 تونسياً. وفي المقابل جرى إخراج جثتين.

ومتابعة لهذه العمليات الأمنية، أوقفت قوات الحرس الوطني 9 مهربين ووسطاء، وحجزت عشرات وسائل التهريب بينها 15 مركباً حديدياً، و 25 محركاً بحرياً وكمية من المحروقات.

وكانت الإدارة العامة للحرس الوطني قد أعلنت قبل ذلك بيوم واحد عن إحباط 14 عملية تهريب، وإنقاذ 633 «مهاجراً غير نظامي» من جنسيات مختلفة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.

وأسهمت تلك العملية في إيقاف 77 «مفتشاً عنهم من منظمين ووسطاء»، وحجز عدد مركبين حديديين و11 محركاً بحرياً وكمية من المحروقات.

كما أوقفت قوات الأمن البرية 4 مهاجرين أفارقة من بلدان جنوب الصحراء نجحوا في التسلل إلى التراب التونسي، وكانوا في طريقهم إلى سواحل مدينة صفاقس، 270 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس، استعداداً للمشاركة في إحدى عمليات تهريب البشر نحو جزيرة لمبادوزا الإيطالية.

وقبل ذلك بـ3 أيام كشفت المصادر نفسها عن «إحباط عدد 8 عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة» وإلقاء القبض على 172 مهاجراً أفريقياً و3 تونسيين وحجز مراكب ومحركات بحرية وأموال ومحروقات.

تنسيق أمني تونسي - إيطالي - أوروبي

يُذكر أن السلطات السياسية والأمنية والعسكرية التونسية كثفت تنسيقها الأمني مع إيطاليا وبعض البلدان الأوروبية منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، بعد لقاءات قمة ثنائية جمعت الرئيس التونسي قيس سعيد برئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، تُوجت بالتوقيع على اتفاق لمحاربة الهجرة غير القانونية مقابل تجهيزات أمنية ومساعدات مادية تمنحها إيطاليا وبعض الدول الأوروبية إلى تونس.

وكان من بين نتائج ذلك الاتفاق تشديد السلطات الأمنية التونسية مراقبة حدودها البرية مع ليبيا والجزائر من جهة، وحدودها البحرية من جهة ثانية.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.