زيادة قوارب المهاجرين من ليبيا إلى كريت وجافدوس باليونان

مخاوف من ظهور طريق تهريب جديدة في البحر الأبيض المتوسط

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل السلطات اليونانية بعد انطلاقهم من سواحل ليبيا (رويترز)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل السلطات اليونانية بعد انطلاقهم من سواحل ليبيا (رويترز)
TT

زيادة قوارب المهاجرين من ليبيا إلى كريت وجافدوس باليونان

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل السلطات اليونانية بعد انطلاقهم من سواحل ليبيا (رويترز)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل السلطات اليونانية بعد انطلاقهم من سواحل ليبيا (رويترز)

أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن جزيرتي كريت وجافدوس اليونانيتين شهدتا ارتفاعاً حاداً في قوارب المهاجرين، التي وصلت إلى شواطئها من ليبيا هذا العام، مما زاد الضغط على السلطات المحلية فقيرة الإعداد والتجهيز، وأثار ذلك مخاوف من ظهور طريق تهريب جديدة في البحر الأبيض المتوسط، بحسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

ووصل أكثر من 1075 مهاجراً، معظمهم من مصر وبنغلاديش وباكستان، إلى الجزيرتين هذا العام، في حين سجل عام 2023 وصول 860 مهاجراً فقط، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتمثل اليونان البوابة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي للمهاجرين واللاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا منذ عام 2015، عندما وصل ما يقرب من مليون شخص إلى جزرها، مما تسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة، فضلاً عن وفاة الآلاف في البحر. ولم تكن جزيرة كريت وجارتها الصغيرة جافدوس، المعزولة نسبياً في وسط البحر الأبيض المتوسط، وجهة مفضلة للمهاجرين مقارنة بالجزر الأخرى الواقعة شرقاً بالقرب من تركيا. وقال وزير الهجرة، ديمتري كيريديس، لمحطة تلفزيون محلية، اليوم الأربعاء: «الوضع غير مسبوق... الأعداد صغيرة... لكن هذا الاتجاه يشهد زخماً، وهو ما يثير قلقنا».

من جانبها، ذكرت رئيسة بلدية جافدوس، ليليان ستيفاناكي، لـ«رويترز» أن قوارب تحمل عشرات الأشخاص بدأت تصل يومياً تقريباً منذ مطلع الأسبوع. ويوجد حالياً نحو 63 مهاجراً على الجزيرة في انتظار نقلهم إلى جزيرة كريت. وقالت إن جافدوس يسكنها نحو 60 شخصاً، وبها ضابط شرطة واحد. ولا يوجد في جافدوس ولا كريت مرافق للمهاجرين، ولذلك احتمى الوافدون الجدد بمبنى مهجور في جافدوس، أو في مخيمات مهجورة للأطفال في جزيرة كريت. وأرسلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي ليس لها وجود في جزيرة كريت، إمدادات تشمل مستلزمات للنوم والنظافة. وأضافت ستيفاناكي: «هذا عبء كبير علينا. نحن جزيرة صغيرة، ليست لدينا إمدادات أو متاجر. الغذاء مشكلة كبيرة. ومواردنا المالية محدودة». وتوجه معظم المهاجرين الوافدين إلى أوروبا هذا العام إلى إسبانيا، تليها اليونان وإيطاليا، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وتاريخياً، اتجهت أغلب القوارب التي غادرت ليبيا في شمال أفريقيا إلى إيطاليا.

بدورها، قالت ستيلا نانو، المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان: «يبدو أن معظم القوارب التي تسافر من ليبيا إلى كريت وجافدوس تكون متجهة إلى اليونان مباشرة، وليس عن طريق تغيير المسار بالصدفة».



تسارع خطى تكوين حكومة سودانية «موازية» في مناطق «الدعم السريع»

قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

تسارع خطى تكوين حكومة سودانية «موازية» في مناطق «الدعم السريع»

قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)

تتسارع المشاورات بين «قوى سياسية» سودانية وحركات مسلحة من جهة، وممثلين عن «قوات الدعم السريع» من الجهة الأخرى، في العاصمة الكينية نيروبي، لبحث تكوين حكومة «موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» وتحت حمايتها، وذلك في موازاة الحكومة التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة تحت حماية الجيش، الأمر الذي يسبب مخاوف من انقسام التحالف المدني، ويهدد وحدة السودان.

ومنذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، ظلت مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» بلا حكومة، في حين تفرض الحكومة الموالية للجيش، ومقرها المؤقت مدينة بورتسودان، سلطتها الكاملة على 7 ولايات، بالإضافة إلى بعض المدن ومناطق معزولة في ولايات أخرى، بما في ذلك العاصمة الخرطوم التي تمارس سلطتها فيها على مناطق محدودة منها.

وإزاء ذلك، طُرحت فكرة حكومة في مناطق «الدعم السريع» للمرة الأولى في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، ثم أعيد طرحها في اجتماع الهيئة القيادية للتنسيقية مطلع الشهر الجاري، وتم التوافق على إحالتها للآلية السياسية التابعة للتنسيقية، لكن المؤيدين لفكرة هذه الحكومة سارعوا إلى الدخول في مشاورات تكوينها قبل بحثها في الآلية السياسية.

معارضة داخل «تقدم»

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

لكن «تقدم» التي يترأسها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تعارض هذه الفكرة؛ إذ قال رئيس حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي في «تقدم»، عمر الدقير، في تصريحات صحافية، إنهم لن يعترفوا بحكومة في مناطق سيطرة «الدعم السريع» ولا بأي شرعية أخرى. ويحذر الدقير من أن فكرة الحكومة الموازية قد تقود إلى انقسامات داخل صفوف «تقدم» والقوى المدنية المنادية بوقف الحرب. وقال: «ما نحتاجه فعلياً هو إجماع مدني لينقلنا من مربع الحرب إلى مربع السلام».

ورغم أن رئيس «تقدم» عبد الله حمدوك كان قد أشار إلى نزع الشرعية عن الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة لها، وهي أيضاً غير معترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي، فإن الكثيرين حذروا من أن يقود التباين على فكرة الحكومة الموازية إلى انشطار «تقدم» التي تعد التحالف المدني الأكبر في تاريخ البلاد.

وحسب مصادر، فإن الحكومة الموازية يمكن أن تعتمد الوثيقة الدستورية الموقعة بين قادة المجلس العسكري الانتقالي وتحالف «الحرية والتغيير» في 17 أغسطس (آب) 2019، والتي تنص على مشاركة السلطة بين العسكريين والمدنيين، دستوراً يحكم العلاقات بين مكوناتها.

وتشير بعض المصادر إلى أن الحكومة المزمعة قد تتكون من مجلس سيادي ومجلس وزراء، وتتخذ من الخرطوم مقراً لها، وأن يتسلم أعضاء مجلس السيادة السابقون: محمد الحسن التعايشي، والهادي إدريس، والطاهر حجر، عضوية مجلس السيادة المزمع. كما يشارك كل من إبراهيم الميرغني من «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، وسليمان صندل من «حركة العدل والمساواة»، وأعضاء مدنيون آخرون أبرزهم أسامة سعيد من حزب «مؤتمر البجا» المعارض، ووزراء سابقون أبرزهم وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري.

وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مصادر قولها إن الحكومة المزمعة ستكون مدنية بالكامل ومستقلة عن «الدعم السريع»، لكنها تنسق معها على تولي قواتها الدور العسكري والأمني.

حرمان من خدمات الدولة

سودانيون ينتظرون أمام مكتب جوازات السفر في بورتسودان (أ.ف.ب)

ويرى المؤيدون للفكرة أن ملايين المواطنين في مناطق سيطرة «الدعم السريع» قد حُرموا من خدمات الدولة، جراء ما يعتبرونه استخداماً لهذه الخدمات كأدوات للحرب من قبل حكومة بورتسودان ضد أعدائها في «الدعم السريع». وفي هذا الصدد، يقول الناشط السياسي عزّام عبد الله إبراهيم إن «ما أُطلق عليها حكومة بورتسودان تحرم المواطنين في المناطق التي لا تسيطر عليها من حقهم في الحصول على خدمات مثل جوازات السفر والأوراق الثبوتية، بل وتعاقب بموجبها المعارضين والنشطاء».

ويعتبر عزّام أن قرار حكومة بورتسودان تبديل العملة الجزئي في مناطق سيطرتها واستثناء مناطق سيطرة «الدعم السريع»، دليل صارخ على «توظيف ملف الاقتصاد في حرب ضد ملايين المواطنين، وعقاب جماعي لهم على جريمة لم يرتكبوها». وأضاف: «لقد هرب الجيش من تلك المناطق، بما فيها العاصمة الخرطوم، وتخلى عن سكان هذه المناطق ولم يتخلوا هم عنه... والآن يعاقبهم على خذلانه لهم». ويتابع عزّام: «كما أن عقد امتحانات الشهادة السودانية في مناطق سيطرة الجيش، يحرم آلاف التلاميذ في مناطق (الدعم السريع) من حقهم في التعليم والحصول على الشهادات».

ورغم أن دعاة الحكومة الموازية يستندون على هذه الأفعال كمبرر لتشكيل حكومة موازية، فإن البعض يرى أن أي حكومة في مناطق «الدعم السريع» - مهما كان شكلها - لن تحقق الأهداف المرجوة منها؛ لأنها ستصبح جزءاً من الأداة الحربية لـ«قوات الدعم السريع» مثلما يفعل الجيش. لكن المحامي والمحلل السياسي، حاتم إلياس، يعتبر أن الحكومة الموازية تأتي «استجابة موضوعية لحاجات المواطنين في مناطق (الدعم السريع) لرعاية مصالح المواطنين». ويقلل إلياس من مخاوف الانفصال، بقوله: «الزعم بأن هذه الحكومة ستكون بذرة للانفصال، مجرد تهويل وشكل من أشكال الدعاية الحربية. من وجهة نظري، من الأفضل تسميتها بالحكومة الإسعافية». ودعا إلياس «تقدم» إلى أن تكون جزءاً من مثل هذه الحكومة إذا كانت تتحدث عن الوضع الإنساني ودخول المساعدات العاجلة، «فهذا يستدعي وجود سلطة مدنية يمكن محاسبتها على التفريط».