وجّه «حزب الأمة القومي» السوداني انتقادات حادة لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، وألمح إلى «إعادة النظر» في استمراره في التحالف حال عدم إجابة مقترحاته، ومن بينها انتقاده توقيع إعلان أديس أبابا مع قوات «الدعم السريع»، و«عدم حياد» التحالف المدني بين طرفي الحرب، وترجيح دور منظمات المجتمع المدني على الأحزاب، ومساواة الحركات المسلحة بها، وعدم مراعاة أوزان الأحزاب في هياكل التحالف، وأعطى مهلة أسبوعين لإجراء الإصلاحات المرجوة ليحدد بموجبها مصير استمراره في التحالف من عدمه.
وانتقد الحزب، الذي يعدّ أحد أكبر الأحزاب السودانية، في مذكرته توقيع «إعلان أديس أبابا مع قوات الدعم السريع، باعتباره فعلاً ماساً بدور الوسيط في حل النزاعات»، وقال: «برغم الإيجابيات التي وردت فيه، فإنه يجانب الأساس الصحيح للتوسط في حل النزاعات، فضلاً عن مخالفته مسار العمل المتفق عليه في خريطة الطريق الصادرة عن (تقدم)، التي قصرت الاتصال بطرفي الحرب على مداولة وقف العدائيات، كما أن التعهدات التي تضمّنها تحقق عكسها على الأرض».
وقال «الأمة» في مذكرة إصلاحية قدّمها لـ«تقدم» بالقاهرة، الجمعة، إن التمثيل في التحالف «رجّح دور المجتمع المدني، مهنيين، ونقابات، ولجان مقاومة، على الأحزاب، برغم أن المقام هو مقام سياسي».
وقسمت «تقدم» حصص أطرافها إلى 30 بالمائة للأحزاب السياسية والحركات المسلحة، و70 بالمائة لقوى المجتمع المدني، وأبدى «حزب الأمة» تحفظه على وضع الأحزاب والحركات المسلحة ضمن فئة واحدة.
وحذّر الحزب مما أسماه «شبهات غياب الحياد الإيجابي والانحياز الإعلامي لأحد طرفي الحرب»، ملمحاً بصراحة لانحياز «تقدم» لجانب قوات «الدعم السريع»، كما انتقد ما أطلق عليه «الدور الأجنبي المتجاوز لكونه ميسراً وممولاً ومساعداً للقوى المدنية، لمساعدة أنفسهم».
وشارك رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر، وأمينه العام الواثق البرير، ومساعد رئيس الحزب الصديق الصادق المهدي، في توقيع «إعلان أديس أبابا». ولم يعلنوا أي تحفظات بشأنه وقتها.
وأشار الحزب إلى عدم رضاه عن تمثيله في تحالف «تقدم»، بقوله: «لا توجد معايير موضوعية لتمثيل الأحزاب السياسية، بما يراعي اختلاف الأوزان، ولا تمثيل المجموعات المدنية، وعلى رأسها المهنيون»، إلى جانب استعجال التحضير للمؤتمر التأسيسي من دون تحقيق المشاركة الواسعة المطلوبة.
وشدّد على «أهمية رفع نسبة تمثيل النساء في التحالف إلى 40 بالمائة، لتماثل النسبة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية لتمثيل النساء في المجلس التشريعي، بدلاً من نسبة 30 بالمائة التي خصصتها (تقدم) لهن»، عادّاً ذلك «تراجعاً عن الحقوق المكتسبة للنساء بأمر الثورة».
وقال إنه درس مشاركته في «تقدم» وتوصل لضرورة إصلاحها، «بما يجعل من التحالف الأقدر على تنفيذ مهمة وقف الحرب، وربطها بالتحول المدني الديمقراطي، بما يؤمن الوجود الوطني والسلام والديمقراطية والعدالة والتوازن».
ووعد «الأمة» بتقديم مقترحات إصلاحية تفصيلية في غضون 72 ساعة، مشترطاً حصوله على ردود عليها خلال أسبوعين، «يتخذ وفقها الإجراءات اللازمة من أجل تحديد دوره في التحالف».
وأعاد التشديد على أهمية ما أسماه «الحياد التام» بين طرفي الحرب، وتصحيح «أي مسلك يتعارض مع الحياد»، والتزام خريطة طريق «تقدم»، مع تغليب تمثيل الأحزاب والقوى السياسية وفقاً لمعايير موضوعية، وتحديد مرجعية واضحة لتمثيل المجموعات المدنية. ونوّه إلى أهمية تسريع الاتصالات مع القوى السياسية، وتوسعة التحالف بصورة جادة، «لتجاوز مشكلات المرحلة السابقة، وتصميم عملية سياسية تلي مرحلة وقف العدائيات».
ويعدّ «حزب الأمة القومي» إحدى ركائز تحالف «تقدم»، وخروجه منه أو تجميد نشاطه فيه يشلّ التحالف الذي تنظر إليه القوى المناهضة للحرب أنه الأقدر. ويعدّ من أكبر وأعرق الأحزاب السياسية السودانية، وفاز في آخر انتخابات برلمانية حرة ونزيهة بأعلى الأصوات، وشكّل آخر حكومة ديمقراطية، ترأسها رئيسه الراحل الصادق المهدي.
وأُسقطت حكومة المهدي بانقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989 الذي نفذته «الجبهة الإسلامية» بقيادة صهره الراحل حسن الترابي، الذي حكم البلاد أكثر من 30 سنة، برئاسة الرئيس السابق عمر البشير.