تونس تقرّ «حوافز استثمارية» لتجاوز أزمتها المالية الخانقة

رئيس الحكومة وعد بـ«تسهيل الإجراءات الإدارية المعقدة»

أحمد الحشاني لدى إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار (الحكومة التونسية)
أحمد الحشاني لدى إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار (الحكومة التونسية)
TT

تونس تقرّ «حوافز استثمارية» لتجاوز أزمتها المالية الخانقة

أحمد الحشاني لدى إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار (الحكومة التونسية)
أحمد الحشاني لدى إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار (الحكومة التونسية)

صادقت الحكومة التونسية على حزمة من الحوافز لدعم المشاريع الاستثمارية، وتشجيع الاستثمار في القطاعين العام والخاص، وتجاوز أسباب تعطل عدد كبير من المشاريع الحكومية، باعتبارها قاطرةً للتنمية.

وتشمل حزمة الحوافز معالجة بطء الإدارة في الموافقة على المشاريع الاستثمارية، وتمتع المستثمرين بحوافز مادية، علاوةً على حوافز أخرى تمكن المستثمرين من قطع عقارية ضمن المناطق الصناعية، التي توفرها السلطات لاستغلالها وإحداث مشاريع تنموية بها.

وأقر أحمد الحشاني، رئيس الحكومة، لدى إشرافه مساء أمس (الجمعة) على الاجتماع الرابع للمجلس الأعلى للاستثمار (حكومي) بوجود عدد من الصعوبات، التي تعوق الاستثمار، من بينها الإجراءات الإدارية المعقدة، ودعا إلى تحسين مناخ الاستثمار لتحقيق نمو اقتصادي، وحل الملفات الاقتصادية والاجتماعية الملحة، مشيراً إلى أن هذه الحوافز تأتي في إطار تنفيذ توصيات الرئيس قيس سعيد لدفع الاستثمار في تونس.

وخلال الأشهر الماضية، نظمت الحكومة التونسية عدة اجتماعات خصصت للنظر في معوقات إنجاز المشاريع الاقتصادية، بعيداً عن الاتهامات التي وجهها الرئيس سعيد لمنظومة الحكومة السابقة، بزعامة «حركة النهضة»، واتهامها بالتغلغل في مفاصل الدولة، والسيطرة على القرار داخل الإدارة التونسية، وتعطيل المشاريع الحكومية لإظهار السلطة في موقع عجز.

وتشير تقارير حكومية إلى وجود نحو 500 مشروع حكومي معطل، وهذه المشاريع إما أنها لم تنجز من الأساس، أو أنها بقيت في مرحلة الدراسات الفنية دون تجاوزها، كما أن هناك مشاريع انطلقت بصفة فعلية لكنها توقفت لعدة أسباب، أهمها عدم وفاء الحكومات المتتالية بالتزاماتها الخاصة ودفع مستحقات منفذي تلك المشاريع.

ويرى مراقبون أن أسباب تعطيل المشاريع الحكومية، كما حددتها «اللجنة العليا لتسريع إنجاز المشاريع العمومية»، ليست كلها سياسيةً، بل هناك أسباب أخرى، أبرزها نقص التمويل، وتراجع الاستثمارات المحلية والدولية. فيما تقدر بعض التقارير الحكومية قيمة المشاريع الحكومية المعطلة بنحو 17 مليار دينار تونسي (نحو 5.7 مليار دولار)، دون احتساب المشاريع التي بقيت في مرحلة الوعود، دون المرور إلى مرحلة التنفيذ.

وسبق أن كشفت هذه اللجنة الحكومية عن وجود معوقات كثيرة تقف عائقاً أمام إنجاز عدد كبير من المشاريع، التي رصدت لها منذ سنوات مبالغ مالية ضخمة، وتهم بالخصوص قطاعات الصحة والنقل والبنية التحتية والاستثمار، علاوة على الفلاحة، والبيئة، والشباب والرياضة.

الرئيس قيس سعيد في لقاء سابق مع رئيس الحكومة لبحث عدد من الملفات الاقتصادية (الرئاسة)

وتعول السلطات التونسية على العائدات المنتظرة من إقرار الرئيس سعيد قانون الصلح الجزائي مع عدد من رجال الأعمال، الذين استفادوا بطرق غير قانونية من النظام السابق، ومنحهم الفرصة «لكي يعيدوا للشعب التونسي أمواله». لكن عائدات هذه العملية كانت ضعيفة للغاية، ولم تعط أكلها نتيجة عدة عراقيل، أهمها كيفية التعاطي مع الملفات، وتخوف رجال الأعمال من التشهير بهم خلال توجههم إلى المناطق الداخلية الفقيرة لتنفيذ مشاريع التنمية، وتوفير فرص العمل.

وكان ياسر القوراري، رئيس لجنة التشريع بالبرلمان التونسي، قد أكد خلال شهر يناير (كانون الأول) الماضي أن مداخيل لجنة الصلح الجزائي بلغت 26.9 مليون دينار تونسي (نحو 9 ملايين دولار)، موضحاً أن القائمة شملت 14 متصالحاً فقط، وذلك من بين قائمة أولية مكونة من 360 رجل أعمال متهماً بالفساد، ومبالغ مالية قدرها الرئيس بحوالي 13.5مليار دينار تونسي (حوالي 4.5 مليار دولار).



إلى أي مدى يصل التصعيد بين أسمرة وأديس أبابا؟

الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو (تموز) 2018 (رويترز)
الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو (تموز) 2018 (رويترز)
TT

إلى أي مدى يصل التصعيد بين أسمرة وأديس أبابا؟

الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو (تموز) 2018 (رويترز)
الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا يوليو (تموز) 2018 (رويترز)

تتزايد نبرة التهديدات بين إريتريا وإثيوبيا في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الماضي، وسط «شبح صراع جديد» يلوح في الأفق، تغذّيه خلافات حدودية ومصالح متشابكة في «إقليم مضطرب».

وحذّر الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، إثيوبيا، من «شن حرب جديدة»، في ظل تصاعد التوترات بين البلدين، خاصة بسبب سعي أديس أبابا للوصول إلى مواني بحرية.

وقال أفورقي، في تصريحات للتلفزيون الإريتري، نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن اجتياح بلاده «ليس بهذه السهولة»، محذراً رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بالقول: «إذا كان (رئيس الوزراء الإثيوبي) يظن أنه يستطيع اجتياح (القوات الإريترية) بهجومٍ بشري، فهو مخطئ»، مضيفاً: «قبل جرّ شعب إثيوبيا إلى حروب غير مرغوب فيها أو استغلاله لأغراض سياسية أخرى، يجب أولاً معالجة مشكلات البلاد الداخلية وحلها».

وكانت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا متوتّرة منذ استقلال الأخيرة عام 1993، وخاض البلدان حرباً دامية بين 1998 و2000، قُتل فيها عشرات الآلاف، وانتهت بتوقيع اتفاق سلام عام 2018.

وشهدت العلاقة بين أديس أبابا وأسمرة توتراً ملحوظاً عقب توقيع إثيوبيا اتفاق بريتوريا للسلام مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، من دون مشاورة حلفائها في الحرب التي استمرت لعامين كاملين (2020-2022)، وازدادت حدة التوتر بعد إعلان أديس أبابا رغبتها في امتلاك منفذ على البحر الأحمر، واتهمتها أسمرة بـ«التطلع إلى ميناء عصب الإريتري».

وعدَّ البرلماني الإثيوبي، محمد نور أحمد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تصريحات رئيس إريتريا «ليس لها أساس ولا سند ولا دليل جملة وتفصيلاً»، لافتاً إلى أنه يحاول أن يشغل الداخل لديه بهذه «الادعاءات»، وعليه أن يراجع تصريحاته. وشدّد على أن «آبي أحمد يحترم دول الجوار، ويعطي أولوية للتعاون معها، ولم يصرح أنه سيهاجم إريتريا تماماً، أو سيقطع العلاقات معها».

وطيلة الأشهر الماضية، كان التوتر حاضراً بين أسمرة وأديس أبابا، وأفادت وزارة الإعلام الإريترية، في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، بأن «إثيوبيا تستخدم أكاذيب لتبرير الصراع وإشعاله»، موضحة أنه «في الأيام القليلة الماضية، كثّف النظام الإثيوبي حملاته الدبلوماسية، بما في ذلك إرسال رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من رؤساء الدول والحكومات لاتهام إريتريا بالتعدي على السيادة الإثيوبية وسلامة أراضيها».

وكان الرئيس الإريتري شنّ أيضاً هجوماً على أديس أبابا، في مايو (أيار) الماضي، متهماً إياها بـ«السعي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي تحت شعارات تتعلق بمنفذ على البحر الأحمر»، تزامناً مع تصريحات لمستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي، قنا يدتا، كرّر فيها «التشديد على ضرورة حصول بلاده على منفذ بحري».

دبابة عسكرية إريترية متضررة بالقرب من بلدة ويكرو (رويترز)

وفي مارس (آذار) الماضي، حذّر نائب حاكم إقليم تيغراي، تسادكان قبرتسائيل، من أن حرباً جديدة بين إثيوبيا وإريتريا قد تكون على الأبواب، مشيراً إلى أن «هناك استعدادات عسكرية متسارعة في المنطقة»، واتهم أسمرة بـ«انتهاج سياسات توسعية وعدوانية».

وفي فبراير (شباط) الماضي، اتهم الرئيس الإثيوبي الأسبق مولاتو تيشومي، إريتريا بـ«العمل على إعادة إشعال الصراع ودعم المتمردين في منطقة شمال إثيوبيا»، ونفت أسمرة عبر وزير الإعلام، يماني غبريمسقل، ذلك، معتبراً أنه «إطلاق إنذار كاذب»، كما استضافت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤتمراً لمعارضين للنظام الحاكم في أسمرة، بشكل علني في فبراير الماضي.

وفي سبتمبر (أيلول) 2024، نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية تقريراً تحت عنوان «السلوكيات العدائية لإريتريا في القرن الأفريقي»، معتبراً «إريتريا تمثل عامل زعزعة استقرار المنطقة».

وانضمت إريتريا لتحالف مع مصر والصومال، واستضافت قمة ثلاثية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بين قادة البلدان الثلاثة عقب إعلان أديس أبابا عن رغبتها مطلع 2024 في امتلاك منافذ بحرية سيادية على البحر الأحمر، مع توقيع مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال الانفصالي» التي رفضتها مقديشو.

وأكّد البرلماني الإثيوبي أن بلاده «مشغولة بالتنمية وتقديم الخدمات لشعبها، ولا تنوي دخول حرب ضد إريتريا»، مؤكداً أن «هذا التصعيد من أسمرة يهدد المنطقة؛ لكن لن يجر أديس أبابا؛ إلا إذا تم الاعتداء عليها ولن تسمح بحدوث ذلك». وشدد على حق بلاده في «الوصول للبحر، وأنه لا يمكن منعها من هذا، خاصة وهي تريد تعزيز التعاون وتحقيق التنمية لكل دول الجوار، ولا تريد ذلك بالحرب والقتال، لأنه هذا ليس مطروحاً إطلاقاً من جانب إثيوبيا».