الجزائر لفتح «ملف الصراع المذهبي بغرداية» الذي خلف 25 قتيلاً

أعيان المنطقة طالبوا بإلغاء أحكام المؤبد ضد 30 شخصاً

صورة أرشيفية للمواجهات الطائفية الدامية التي اندلعت في 2013 (حسابات ناشطين)
صورة أرشيفية للمواجهات الطائفية الدامية التي اندلعت في 2013 (حسابات ناشطين)
TT

الجزائر لفتح «ملف الصراع المذهبي بغرداية» الذي خلف 25 قتيلاً

صورة أرشيفية للمواجهات الطائفية الدامية التي اندلعت في 2013 (حسابات ناشطين)
صورة أرشيفية للمواجهات الطائفية الدامية التي اندلعت في 2013 (حسابات ناشطين)

قررت الرئاسة الجزائرية إعادة معالجة «ملف أحداث الصراع المذهبي»، الذي وقع في ولاية غرداية (600 كلم جنوب) بين 2013 و2015، وذلك بمراجعة أحكام السجن مدى الحياة، التي صدرت بحق عشرات الأشخاص، بعد أن أدانهم القضاء بـ«القتل وتخريب الأملاك العامة والخاصة، ونشر الرعب في أوساط المواطنين».

وأكد وزير العدل عبد الرشيد طبي، مساء أمس الخميس، في حديثه مع أعيان غرداية، خلال وجوده بها لفتح محكمة محلية جديدة، أن لائحة تلقاها من الرئاسة «تتضمن التكفل بالمطالب التي رفعتموها إلى السيد الرئيس». مشيرا إلى أن وزارة العدل «بدأت تشتغل على الملف، ونحن على علم بما وصل إليه الوضع ومتابعون له». لكن طبي لم يتعهد بتلبية طلب وجهاء المنطقة، وهو الإفراج عن الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام ثقيلة، واكتفى بالقول: «تبقى الأمور الأخرى بيد القضاء، فما نحن إلا مسهلون... صحيح أن لدينا أوامر بالتعامل مع مطالبكم، لكن ذلك سيكون وفق ما يقره القانون».

وخاض الوزير في «قضية المحكوم عليهم بالإعدام في أحداث غرداية»، عندما ناشده منتخب ببلدية غرداية، أن «تضعوا ملف أحكام المؤبد فوق مكتبكم لمدارسته، وإننا على يقين بأن النتيجة ستكون إيجابية، ولعل شهر رمضان الذي هو على الأبواب سيكون بادرة خير، ونحن متأكدون أنه لا يظلم عندكم أحد». وكان المنتخب المحلي محاطا برموز من سكان المنطقة، المعروفة بخصوصيتها الدينية والثقافية، وقد اغتنموا فرصة وجود المسؤول الحكومي بينهم لمطالبته بإعادة النظر في الأحكام القاسية التي أنزلها القضاء بنحو 30 شخصا، وفق حقوقيين في المنطقة على أساس أنهم «كانوا ضحايا ظرف سياسي».

اتهام حكومة رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال بـ«تصعيد المواجهات الدامية بسبب تفضيلها الحلول الأمنية» (حساب الوزارة)

ويتهم غالبية أصحاب هذا المطلب الحكومة في عهد رئيس الوزراء السابق، عبد المالك سلال (في السجن منذ 2019 بتهمة الفساد)، بـ«تصعيد المواجهات الدامية، بسبب تفضيلها الحلول الأمنية الراديكالية، بدل السعي للصلح». وتوجه المآخذ أساسا إلى وزير الداخلية آنذاك، دحو ولد قابلية، ومسؤولي جهازي الشرطة والدرك وقتذاك، فيما يعد أصحاب المطلب أن مسعى الدولة لـ«طي صفحة نظام الرئيس السابق بوتفليقة ينبغي أن يشمل ملف مساجين غرداية».

ويصف الإعلام الأحداث بأنها «مواجهات مذهبية بين العرب السنة والأمازيغ الإباضيين»، وهما المكونان الثقافيان والدينيان الوحيدان في غرداية، واللذان عاشا مئات السنين في وئام وتصالح. وقد عد قطاع من المراقبين أنها «صراع عرقي نشب بين عرب وأمازيغ». لكن رغم مرور تسع سنوات على الوقائع، ليس بإمكان أحد أن يذكر بدقة ما هي الأسباب، التي أدت إلى اندلاع مواجهات بالأسلحة البيضاء في الشوارع، والتي خلفت وراءها 25 قتيلا. غير أن مراقبين محليين يؤكدون أن حالة احتقان حادة سادت المنطقة سبقت الأحداث، سببها ملف التشغيل. فبنو ميزاب، بحسبهم، اتهموا الحكومة وممثليها المحليين، بـ«ممارسة مقاييس مزدوجة» في منح المناصب بالمرافق العامة والمؤسسات الحكومية بالمنطقة، وبأنهم يفضلون عليهم جيرانهم السنة العرب في ملف التوظيف.

مظاهرة لأتباع المذهب الإباضي بغرداية سنة 2013 (حسابات ناشطين)

أما المالكية الشعانبة فيقولون إن أغلب بني ميزاب حالتهم ميسورة بفضل التجارة، وهي تخصصهم منذ قرون، وإن ما يأتيهم منها يغنيهم عن طلب العمل عند الدولة. كما أنهم يشتكون من «احتكار النشاط التجاري، ورفض تشغيل السنة في محلات الإباضيين».

وتدخَّل على خط المواجهة نشطاء سياسيون معروفون، ما زاد حدّة الأزمة، وأبرزهم الطبيب الميزابي، والقيادي في الحزب المعارض «جبهة القوى الاشتراكية»، كمال الدين فخار، الذي اتهم قوات الشرطة بـ«الانحياز إلى الشعانبة». ودعا أبناء مذهبه إلى «الدفاع عن أنفسكم بأنفسكم وعدم طلب الحماية من الشرطة». وكان هذا الموقف أحد أسباب سجنه، حيث توفي في 28 من مايو (أيار) 2019 متأثرا بتبعات إضراب عن الطعام.

تشييع المناضل الإباضي الراحل كمال الدين فخار عام 2019 (حسابات ناشطين)

وحاولت السلطات في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، احتواء الوضع بإطلاق مصالحة بين الجانبين. وتم عقد «اتفاق» يتضمن تعهدا منهما بالاحتكام إلى «العقلاء»، في حال وقوع أي خلاف. غير أن الوثيقة لم تصمد طويلا، فعادت معارك الشوارع، ما دفع الحكومة إلى إرسال قوات الجيش إلى غرداية لحسم الوضع. وتم تنظيم عشرات المحاكمات، وصدرت عقوبات قاسية ضد عدد كبير من الموقوفين في تلك الأحداث.


مقالات ذات صلة

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر بهدف زعزعة استقرار البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.