«#تدفق_الاستثمارات»... «تفاؤل حذر» لدى المصريين بشأن الغلاء

تزامناً مع تسلّم القاهرة الدفعة الأولى من «صفقة رأس الحكمة»

سوق العتبة في وسط القاهرة «لم تعد تشهد زحاماً بسبب ارتفاع الأسعار» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
سوق العتبة في وسط القاهرة «لم تعد تشهد زحاماً بسبب ارتفاع الأسعار» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«#تدفق_الاستثمارات»... «تفاؤل حذر» لدى المصريين بشأن الغلاء

سوق العتبة في وسط القاهرة «لم تعد تشهد زحاماً بسبب ارتفاع الأسعار» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
سوق العتبة في وسط القاهرة «لم تعد تشهد زحاماً بسبب ارتفاع الأسعار» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«متفائل خلال الفترة المقبلة، وأرى أن الأسعار تنخفض في مصر»، عبارة ذكرها حساب باسم أحمد البرديسي، على «إكس»، الجمعة، ليرد عليه أحد متابعيه، بالقول: «المهم مش الكلام المهم الفعل، وأن يشعر المواطن بتأثير انخفاض الأسعار على متطلباته اليومية». فما بين تفاؤل و«تفاؤل حذر»، جاءت ردود فعل المصريين على إعلان رئاسة مجلس الوزراء المصري، الجمعة، تسلّم 5 مليارات دولار جديدة من الإمارات، تكتمل بها الدفعة الأولى من «صفقة مشروع رأس الحكمة» على الساحل الشماليّ الغربيّ لمصر.

وانعكس الإعلان الحكومي على صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#تدفق_الاستثمارات_على_مصر)، الجمعة، الأعلى قراءة على «إكس»، حيث شهدت المنصة تبادلاً للآراء بشأن تأثير تلك الدولارات على حالة الغلاء بالبلاد.

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن. وجاء الإعلان الحكومي في إفادة رسمية من جانب المتحدث الرسميّ باسم رئاسة مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، الجمعة، مبيناً أنه بذلك تكون الدفعة الأولى للمشروع (بقيمة 10 مليارات دولار) قد اكتملت بشكل فعليّ.

ويبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار في مصر 30.9 جنيه، بينما تراجع سعره بـ«السوق الموازية» إلى متوسط 47 جنيهاً، بعد أن تجاوز حدود 70 جنيهاً، قبل الإعلان عن «صفقة رأس الحكمة»، وفق تقارير لوسائل إعلام محلية.

ووقّعت مصر الأسبوع الماضي عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين، وسط تطلع مصري لأثر سياسي واقتصادي مستدام من الصفقة، «حيث تستهدف الدولة المصرية نجاح هذا المشروع التنموي المهم والضخم ليكون نجاح هذه الشراكة نموذجاً لبناء شراكات استثمارية أخرى، تُدر عوائد كثيرة على الشعب المصري»، وفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري».

منفذ «أهلاً رمضان» الحكومي بحي العمرانية في محافظة الجيزة (صفحة محافظة الجيزة على فيسبوك)

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أعلن خلال اجتماع الحكومة، الخميس، أنه جرى تسليم 5 مليارات دولار من الدفعة الأولى للصفقة، وأن الـ5 مليارات الأخرى سيجري تسلمها، الجمعة، لافتاً إلى أنه جرى اتخاذ إجراءات للتنسيق بين البنك المركزي والجانب الإماراتي، لتحويل 5 مليارات دولار من الوديعة إلى الجنيه المصري، وأنه في غضون شهرين ستحصل مصر على المبلغ المتبقي الذي جرى الإعلان عنه، لاستكمال مبلغ 35 مليار دولار استثمار مباشر يدخل للدولة من هذه الصفقة، بخلاف نسبة الـ35 في المائة التي ستحصل عليها الدولة من صافي أرباح المشروع.

وتنوعت ردود فعل رواد «السوشيال ميديا» على تأثيرات «صفقة رأس الحكمة» على «دولار السوق السوداء»، فبينما رأى حساب على «إكس» يحمل اسم «هبة أحمد» أن «الحياة هتبقى حلوة» للمصريين خلال الفترة المقبلة، بحسب وصفها، رأت حسابات أخرى على «إكس»، «ضرورة انتظار الإجراءات والعوائد المنتظرة من صفقة مشروع رأس الحكمة وتأثيرها على غلاء أسعار المنتجات والسلع».

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، أن الأثر الاقتصادي الذي حدث بمجرد الحديث عن صفقة مشروع رأس الحكمة، وما حدث من تراجع لـ«دولار السوق السوداء»، وأسعار بعض السلع والخدمات، والانتقال من الأثر المعنوي للصفقة إلى المادي الحقيقي، جعل هناك حالة من التفاؤل لدى كثيرين، فهم يشاهدون الصفقة واقعاً على الأرض. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن بعض المواطنين لديهم «تفاؤل حذر» من الصفقة، وذلك يرجع لأن بعضهم يرى أن «الصفقة جيدة ومهمة، وأعطت متنفساً للاقتصاد المصري»، لكن البعض الآخر يرى أن هذا الأمر «يجب أن يصبح مستداماً، ويستلزم معه الحاجة إلى تطوير السياسات الاقتصادية وتقييم السياسات المالية والنقدية عن الفترة السابقة والعمل على تطويرها».

مصريون يأملون في خفض أسعار السلع قبل شهر رمضان (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كما انصّب أكثر التعليقات المتفاعلة مع هاشتاغ (#تدفق_الاستثمارات_على_مصر)، الجمعة، حول تأثير المشروع على الاقتصاد والغلاء والحياة اليومية على المواطن. وذكر حساب يحمل اسم «ميجو» على «إكس»، أن تسلم الدفعة الأولى من صفقة «رأس الحكمة» ستخلص الأسواق من «السوق السوداء». وقال حساب باسم «مراد»، على «إكس»، إن تدفق الاستثمارات على مصر هو أول خطوه نجاح وخير لمصر.

وهنا أكد جاب الله أن «صفقة رأس الحكمة» وضعت الاقتصاد المصري في «وضع مريح يسمح لها بقراءة أفضل لجالة لاقتصاد الكلي داخلياً وخارجياً، ومعيار النجاح هو تطوير الأداء بعد الدفعة التي حصل عليها الاقتصاد المصري من صفقة رأس الحكمة».

كذلك؛ لم يخلُ التعامل مع الإعلان الحكومي من مسحة للتندر، حيث عبّر البعض عن تفاؤلهم بربطه مع بعض المشاهد من الأفلام والدراما المصرية.

وتندر حساب باسم «أماني» على «إكس»، على حال أصحاب «السوق السوداء» بعد «انهيار سعر الدولار فيه»، بحسب قولها.

من جانبه، فسر أستاذ علم الاجتماع في مصر، سعيد صادق، تنوع ردود الفعل من جانب فئات المصريين، بقوله إن «مشروع رأس الحكمة انعكس منذ البداية على اهتمامات رواد (السوشيال ميديا)، وتواصل الأمر أخيراً مع الإعلان عن اكتمال وصول الدفعة الأولى للمشروع، حيث تنوعت ردود الفعل، وهذا التنوع يقاس ويرتبط بمدى ثقة المواطن بالحكومة، وبناءً على خبرات قديمة متراكمة تجاهها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، «من علّق مُبدياً تفاؤله جاء تعبيره رد فعل بعد الصعوبات الكثيرة التي واجهها الاقتصاد المصري في الفترات الأخيرة، وبالتالي فهو يرى ضوءاً في آخر النفق». أما من أبدى حذره، فذلك مُبرره القلق من المشروع، خصوصاً مع «حالة الغموض التي سبقت الإعلان عن المشروع، ثم ما تلاه من التشكيك فيه من جانب البعض».


مقالات ذات صلة

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

العالم العربي دومة خلال توقيع نسخ من ديوانه (حسابه على فيسبوك)

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

يواجه الناشط المصري أحمد دومة شبح الحبس مجدّداً على خلفية ديوانه الشعري «كيرلي» الذي أُعيد إصداره مؤخراً، بعد بلاغات ضده بتهمة «ازدراء الأديان».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

أرّق «غلاء البيض» أسراً مصرية مجدداً، وسط «اتهامات للتجار برفع الأسعار»، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية بـ«استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية» على الطلاب في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الطيران المدني المصري سامح الحفني خلال لقاء عضو مجلس الوزراء السعودي عصام بن سعد بن سعيد (مجلس الوزراء المصري)

السعودية ومصر تعززان التعاون في مجال الطيران المدني

رحّب وزير الطيران المدني المصري بوزير الدولة السعودي والوفد المرافق له، وأشاد بقوة وعمق العلاقات الثنائية الممتدة بين مصر والمملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.