«الأعلى للدولة» الليبي: النتائج المرجوّة من اجتماع تونس أُنجزت رغم الإلغاء

السريري قال إن بعثة الأمم المتحدة «لا تريد أي حلّ في ليبيا دون وجودها وإشرافها»

فتح الله السريري عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (الشرق الأوسط)
فتح الله السريري عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (الشرق الأوسط)
TT

«الأعلى للدولة» الليبي: النتائج المرجوّة من اجتماع تونس أُنجزت رغم الإلغاء

فتح الله السريري عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (الشرق الأوسط)
فتح الله السريري عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (الشرق الأوسط)

اعتبر فتح الله السريري، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أن إلغاء الاجتماع الذي كان مقررا عقده في تونس من أجل مناقشة تشكيل حكومة ليبيّة جديدة «لم يؤثر على مخرجاته»، وقال إن النتائج التي كانت مرجوّة منه «تحققت بالفعل»، بحسب وصفه.

وكانت وسائل إعلام تونسيّة قد تحدّثت عن إلغاء تونس الاجتماع، الذي كان سيُعقَد على أراضيها بين أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، وأعضاء من اللجنة المشتركة (6+6) للبحث في ملف تشكيل حكومة تُنهي الخلاف بين حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلّفة من البرلمان، برئاسة أسامة حمّاد. لكن السريري، وهو أيضاً عضو لجنة (6+6)، قال في تصريح خاص لوكالة «أنباء العالم العربي»: «رُبّ ضارة نافعة... فهذا الإلغاء سلّط الضوء على الاجتماع أكثر من لو أنه عُقد في ظروف عادية وطبيعية». مضيفا «لو أنه كان هناك اجتماع طبيعي وعادي، فلربما لم تكن لتخرج نفس النتائج التي خرجت الآن في إطار التوافق التام. هذا الإلغاء لقي تجاوبا وتفاعلا مع الشارع ومع الأحزاب السياسية، التي أصدرت بيانا مطوّلا تدعم فيه هذا التوجّه، وأيضا الشارع، وكثير من المؤسسات التي استنكرت هذا الموضوع». وتُعنى لجنة (6+6) بإعداد قوانين الانتخابات في ليبيا؛ وقد عقدت اجتماعات في مدينة بوزنيقة المغربية، وأعلنت مخرجاتها دون التوقيع على اتفاق.

* أوامر من السلطة

وحول أسباب إلغاء الاجتماع، قال عضو المجلس الأعلى للدولة إن اللجنة التحضيرية «رتّبت لهذا اللقاء، وحجزنا الفندق... لكن بعد يوم واحد، أعلم مدير الفندق السادة المنسّقين، أو مسؤولي اللجنة التحضيرية، بأنه لديه أوامر من السلطة التونسيّة بعدم إمكانية توفير مقرّ للاجتماع، أو صالة اجتماعات».

من اجتماع سابق لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وأضاف السريري موضحا: «حسب كلام اللجنة التحضيرية... فقد أبلغهم الفندق بأنهم موجودون على الرحب والسعة في الفندق بكل أريحية، لكن لا نستطيع أن نوفر غرفة اجتماع، جاءتنا أوامر من السلطة ممكن شفهية. ورغم ذلك كانت هناك تواصلات ولقاءات جانبية في الفندق كأي عمل سياسي؛ ودائما تأتي التوافقات في المفاوضات الدوليّة خلال اللقاءات الجانبية أكثر من الاجتماعات الرسميّة». وأردف السريري قائلا: «تجمّعنا؛ الرسالة وصلت، والهدف وصل، وأعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة التقوا بعدد كبير وحدث بينهم توافق. الكثيرون كانوا يتّهمون أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة بأنهم المعرقلون، الذين لا يريدون العملية الانتخابية، ولا يريدون توحيد السلطة التنفيذية في البلد، ويسعون دوما إلى مصالحهم الخاصة والضيّقة. لكن هذا اللقاء أثبت أن هذا الكلام غير صحيح».

وتابع السريري موضحا: «ربما يكون هناك سوء تنسيق أدى إلى إلغاء الاجتماع، رغم أن الموضوع علني وأجندته واضحة... الليبيون يجتمعون وأعضاء مجلس النواب لمناقشة الشأن السياسي، ومن ضمنه العمليّة الانتخابية، التي تدعو لها كل الغرف الدولية والأمم المتحدة... لا شيء كان سريّا، ولا شيء يدعو حتى للقلق، إلا إذا كانت هناك مصالح سياسية بين أطراف معيّنة في ليبيا وغيرها».

* أطراف معرقلة

وجّه السريري اتهاما لأطراف لم يسمّها بعرقلة الاجتماع؛ لكنه قال إن «البعض لا يستبعد أن تكون بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وراء هذا الإلغاء أو باركته، لأن البعثة الأممية، للأسف، تريد أن يكون كل شيء تحت غطائها؛ ولا تريد أن ينجح أي لقاء ليبي - ليبي ممكن... وهناك بعض الأعضاء يوجّهون أصابع الاتهام إليها».

السريري أكد أن البعض لا يستبعد أن تكون بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وراء إلغاء اجتماع تونس (البعثة)

وفي إشارة إلى عدم حضور رئيس البعثة الأممية عبد الله باتيلي الاجتماع، قال السريري: «باتيلي موظف ويمثل آراء الدول؛ وهذه الدول وبعثة الأمم المتحدة لا تريد أي حلّ في ليبيا دون وجودها وإشرافها وعن طريقها». ولم يستبعد عضو المجلس الأعلى للدولة نفسه أن يكون للأمم المتحدة دور في إلغاء اجتماع تونس، قائلا إن «الكثير من أعضاء مجلس الدولة والنواب لا يستبعدون ذلك أيضا، لأنه لا يوجد مبرر لإلغاء الاجتماع... ونحن لم نسمع رد فعل بتنديد، أو استنكار من البعثة، أو حتى دعم من البعثة أيضا، وهذه مؤشرات في هذا السياق».

* توافق «كامل»

وحول نتائج الاجتماعات، قال السريري إن اللقاء «كان موفّقا، والنتائج المرجوّة منه أُنجِزت، وتحقق البيان ومحضر الاجتماع على التوافقات، وعلى السير قدما نحو تشكيل حكومة ليبيّة موحدة تُشرف على الانتخابات، مع الالتزام والتمسك بما أنجزته لجنة (6+6) في القوانين الانتخابية، وذلك ما كنّا نريده». أضاف السريري مؤكدا أن «الهدف تحقق بتوافق كامل، ولا تُوجد معارضة من الأعضاء على الإطلاق على هذه المسائل... وقصّة المنع زادت قوة هذا التجمّع وزادت النتائج زخما». مبرزا أن المجلس الأعلى للدولة «ليس ضد تولي أي شخص الحكومة الليبية، لكن لا بد أن نؤطّر لهذه الحكومة بأسس معينة، ومن يستطيع أن يكوّن حكومة تعمل على كامل التراب الليبي، وتقدّم خدمات لليبيين، ليست لدينا مشكلة معه».

من جلسة سابقة لمجلس النواب (مجلس النواب)

لكنه اشترط «خريطة طريق تنفيذيّة؛ بعد الخريطة التشريعية، وهي القوانين... نحتاج خريطة تنفيذية واضحة المعالم، ومن يتقدم لرئاسة الحكومة فليتقدم... نحن نسعى لحلٍ عقلاني وموضوعي بعد التجارب والمآسي التي عاشها الشعب، والظروف التي تعيشها البلاد». موضحا أن الخطة التنفيذية تلك «شبه جاهزة تكريسا للخطة (التشريعيّة) المطروحة... وهي أن تكون حكومة مصغّرة، وأن يمنح مجلس النواب الثقة لرئيس الحكومة، كما يمكن ألا تكون مركزية في المحافظات... ومجلس الدولة يبدأ بالترشيح ويصوغ لمجلس النوّاب. هذه الخطوط التي نمضي عليها، وسنسعى لتنفيذها».

وأضاف السريري موضحا أن مجلس النوّاب «سيتولّى الخطوات التشريعية التي يمكن أن تحتاجها المرحلة؛ ونحن بدورنا أيضا سنتولى ما يُسند إلى مجلس الدولة... وسيكون هناك لقاء بين اللجنتين المكلفتين بالتواصل وبالتنسيق، وبإذن الله تعالى خلال شهر رمضان المبارك أو بعده، ستكون هناك خريطة واضحة المعالم، وسنبدأ تنفيذها».


مقالات ذات صلة

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.