غلبت مظاهر الابتهاج على سكان الأحياء المحيطة بـ«جامع الجزائر» الواقع بالضاحية الشرقية لعاصمة البلاد، إثر قرار إدارة المسجد أداء صلاة التراويح بداية من شهر رمضان المقبل، بعد قرابة 4 سنوات من افتتاح قاعة الصلاة. وأشرف الرئيس عبد المجيد تبون على بداية عمل جميع مرافق الصرح الديني الكبير الذي تريده الحكومة «رمزاً للوسطية والاعتدال»، وفق تصريحات عميده، الشيخ المأمون القاسمي. وقال عماد سليماني، من حي الدهلية القريب من الجامع، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة «نزلت أخيراً على مطلبنا بإقامة صلاتي الجمعة والتراويح بمسجدنا، بداية من رمضان هذا العام. فلم يكن معقولاً الاكتفاء بالصلوات اليومية قياساً إلى أهمية هذه المنارة الدينية والعلمية، في العالم الإسلامي». وكان عدد كبير من سكان العاصمة راسلوا وزارة الشؤون الدينية مرات عدة احتجاجاً على «استثناء صلاة الجمعة، وصلاة التراويح» من أنشطة المسجد، منذ تدشين قاعة الصلاة في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 من قبل الرئيس تبون. وقالت الحكومة إن سبب إغلاق «جامع الجزائر» طول المدة الأخيرة «يعود إلى عدم اكتمال بناء مرافقه، وإلى وجود نقص في عدد الموظفين والعمال في إدارته»، ما حال حسبها، دون تسييره بالشكل اللازم. وتفقد تبون، الأحد، أجنحة المعلم الديني مع وزيري الشؤون الدينية والسكن، يوسف بلمهدي، وطارق بلعريبي، وعميده الشيخ القاسمي، حيث زار الوفد الحكومي «متحف الحضارة الإسلامية» الواقع بالطابق الـ23 للمنارة. كما زار المكتبة حيث تلقى لمحة عن محطات هامة من التاريخ الإسلامي للجزائر، وهي تضم كتباً ومراسلات شخصية لعلماء وأعلام من الجزائر، ينتمون لمختلف المراحل التاريخية، ودعت الحكومة علماء ورجال دين من خارج البلاد، لمشاركتها حفل الافتتاح. وصرّح عميد المسجد، وهو برتبة وزير، للصحافة بأن «جامع الجزائر قلعة حصينة لمرجعية الجزائر الدينية». مشيراً إلى أن افتتاح كل أجنحة ومرافق المؤسسة الدينية «مفخرة للجزائر ومكسب للأمة الإسلامية». من جهته، أكّد الباحث في الشؤون الدينية، ومدير الديوان بعمادة «جامع الجزائر» بوزيد بومدين، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجامع «ليس مكاناً للتعبد فقط، فهو مؤسسة علمية ومعرفية. وقد حرص عميد المسجد على أن تقام به مدرسة للدكتوراه، ليصبح الجامع جامعة في نفس الوقت، تتخرج منه النخب العلمية والدينية وبمستوى عالٍ». مبرزاً أنه «يوفر تكويناً نخبوياً متميزاً، وهو فوق ذلك صرح روحي وعلمي دولي».
ويحتضن المسجد نسخاً من القرآن الكريم خطّها علماء جزائريون، إلى جانب مخطوطات في مختلف علوم الدين الإسلامي. وهو يمتد على مساحة 30 هكتاراً، خصص منها 400 ألف متر مربع لـ12 بناية. وتبلغ مساحة قاعة الصلاة 20 ألف متر مربع، تتسع لأكثر من 120 ألف شخص. وزيّنت القاعة بدعائم رخامية مميزة، وبها محراب أنجز من الرخام والجبس متعدد الألوان وفق لمسات فنية «تعكس الزخرفة الجزائرية الأصيلة»، حسب الشيخ القاسمي، الذي أكد أن تزيين قاعة الصلاة ومختلف مباني «جامع الجزائر» تم بالخط العربي على امتداد 6 كيلومترات. وتقول عمادة الجامع، في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه «أكبر مسجد في أفريقيا والثالث في العالم». كما يعد قطباً متعدد الوظائف، ويجمع طابعه المعماري بين العصرنة والبساطة، ويضم «أكبر مئذنة في العالم بطول 265 متراً، ودعائم بعمق 60 متراً». وتتشكل المئذنة من 43 طابقاً، خصص 15 منها لمتحف يروي تاريخ الجزائر. ويوجد مركز للبحوث الدينية في 10 طوابق، زيادة على محلات تجارية. وفي قمة المئذنة، يظهر منظار يعطي مشهداً بانورامياً عن العاصمة وخليجها. كما يتضمن الجامع مرافق أخرى، منها مركز ثقافي ومكتبة تستوعب مليون كتاب. وبه محطة لنزول المروحيات، ومرآب يتسع لـ4 آلاف سيارة، مبني على طابقين.