مصادر سودانية: استئناف مفاوضات «منبر جدة» مطلع مارس

تقرير أممي: الجيش و«الدعم السريع» يرتكبان «جرائم حرب»

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) عام 2019 (أ.ف.ب)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) عام 2019 (أ.ف.ب)
TT

مصادر سودانية: استئناف مفاوضات «منبر جدة» مطلع مارس

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) عام 2019 (أ.ف.ب)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) عام 2019 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر من الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، يوم الجمعة، عن استئناف المفاوضات بين الجيش و«الدعم السريع» في منبر جدة، مطلع مارس (آذار) المقبل. وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن المفاوضات بين الطرفين ستنقل إلى جدة وثيقة مبادئ وأسس الحل الشامل للأزمة السودانية، التي جرى توقيعها في العاصمة البحرينية المنامة، الشهر الماضي، بين نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي، ونائب قائد قوات «الدعم السريع» الفريق عبد الرحيم دقلو.

ووفق المصادر، شدّدت الوثيقة على تكوين جيش قومي مهني من القوتين المتقاتلتين، والقبض على قيادات تنظيم «الإخوان المسلمين»، وعلى رأسهم المطلوبون للمحكمة الجنائية الدولية، والفارّون من السجون، وتفكيك نظام «الحركة الإسلامية».

وعبَّرت المصادر عن مخاوف من أن تعمل قيادة «الإخوان المسلمين» على عرقلة المفاوضات، التي توقعت أن تمضي بشكل أفضل من الجولات السابقة، وأشارت إلى حدوث هذا في جولات تفاوض سابقة.

نائب قائد قوات «الدعم السريع» الفريق عبد الرحيم دقلو (الشرق الأوسط)

ورشة عنتيبي

وقالت المصادر إن قوات «الدعم السريع» عقدت ورشة في مدينة عنتيبي الأوغندية، في الفترة من 15 حتى 20 فبراير (شباط) الحالي، بحضور مفاوضيها في منبر جدة، وجميع أعضاء المكتب الاستشاري لقائد «الدعم السريع»، بالإضافة إلى الحواضن القبلية في إقليميْ كردفان ودارفور التي تقاتل إلى جانب قوات «الدعم السريع»، وناشطين إعلاميين.

ونوّهت المصادر بأن طابع الورشة كان سياسياً تفاوضياً، تمهيداً «لترتيب أجندة التفاوض بالنسبة لقوات (الدعم السريع)». وشددت الحكومة السودانية، هذا الشهر، على أن منبر جدة هو المنصة الوحيدة للتفاوض مع قوات «الدعم السريع»، معلنة رفضها القاطع لأي تفاوض خارجه.

وقال وزير الإعلام السوداني المكلف جراهام عبد القادر إن «حكومة السودان تؤكد أن منبر جدة هو المنبر الوحيد الذي من خلاله يجري التفاوض بشأن الحرب التي فرضتها قوات (الدعم السريع) على البلاد». وشدد على أن «حكومة السودان لن تجلس أو تتفاوض مع (الدعم السريع) في أي منبر آخر، وأن ما يُبث أو يُشاع بأن هناك موافقة على التفاوض مكانياً، أو عبر الأجهزة الإلكترونية، معلومات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة».

واتفق الطرفان على أكثر من هدنة في منبر جدة، الذي انطلق في مايو (أيار) الماضي، برعاية السعودية والولايات المتحدة، وانضمت إليهما لاحقاً الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، والاتحاد الأفريقي، لكن طرفي النزاع تبادلا الاتهامات بانتهاكها مراراً.

واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد توتر على مدى أسابيع، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

دمار سبّبته الاشتباكات بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في إقليم دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

جرائم حرب

قال مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، إن طرفي الحرب الأهلية في السودان ارتكبا انتهاكات قد تصل إلى حد جرائم حرب تشمل هجمات عشوائية على مواقع مدنية مثل مستشفيات وأسواق وحتى مخيمات النازحين. وفشلت الجهود، حتى الآن، في إنهاء الصراع المستمر منذ 10 أشهر. وقتل آلاف الأشخاص وأجبر أكثر من 6 ملايين على الفرار من منازلهم، الأمر الذي يعني أن السودان أصبح به أكبر عدد من السكان النازحين في العالم.

وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في بيان مصاحب للتقرير: «بعض هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب... يجب إسكات الأسلحة وحماية المدنيين». وقررت الولايات المتحدة، رسمياً، بالفعل، أن الطرفين المتحاربين ارتكبا جرائم حرب، وقالت إن قوات «الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها متورطة في عمليات تطهير عرقي في غرب دارفور. وقال الجانبان إنهما سيحققان في التقارير المتعلقة بعمليات القتل والانتهاكات وسيحاكمان أي مقاتلين يثبت تورطهم.

ويغطي تقرير الأمم المتحدة الفترة من أبريل (نيسان) إلى ديسمبر (كانون الأول)، ويستند إلى مقابلات مع أكثر من 300 ضحية وشاهد، بالإضافة إلى لقطات وصور من الأقمار الاصطناعية. ويقول إنه في بعض الأحيان أصبح أولئك الذين يفرون للنجاة بحياتهم أو النازحين بسبب العنف، ضحايا لهجمات بمتفجرات.

من مساعدات «مركز الملك سلمان للإغاثة» في ولاية القضارف بالسودان (أرشيفية - واس)

النساء والأطفال

وذكر التقرير أنه في أحد الحوادث، قتل عشرات النازحين عندما تعرض مخيمهم في زالنجي بدارفور للقصف من قبل «قوات الدعم السريع»، في الفترة من 14 إلى 17 سبتمبر (أيلول). وقتل نحو 26 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال في 22 أغسطس (آب) بقذائف قيل إن القوات المسلحة السودانية أطلقتها بينما كانوا يحتمون تحت أحد الجسور. ويقول التقرير أيضاً إن «قوات الدعم السريع» اعتمدت استراتيجية عسكرية تتمثل في استخدام الدروع البشرية، مستشهداً بشهادات الضحايا المعنيين.

ويصف التقرير الحوادث التي وقعت في العاصمة الخرطوم، حيث جرى القبض على عشرات الأفراد، ووضعهم في الخارج بالقرب من المواقع العسكرية لـ«الدعم السريع» لردع الضربات الجوية التي تشنها الطائرات المقاتلة السودانية.

ووثق محققو الأمم المتحدة، حتى الآن، حالات عنف جنسي طالت 118 شخصاً، من بينهم امرأة اعتقلت وتعرضت للاغتصاب الجماعي بشكل متكرر لأسابيع. وأضاف التقرير أن عدداً من عمليات الاغتصاب ارتكبها أفراد من «قوات الدعم السريع».

كما وثقت «رويترز» حالات اغتصاب جماعي في هجمات ذات طابع عرقي شنتها «قوات الدعم السريع» والميليشيات العربية المتحالفة معها.

واندلعت الحرب في أبريل الماضي بسبب خلافات حول صلاحيات الجيش و«قوات الدعم السريع» بموجب خطة مدعومة دولياً للانتقال السياسي نحو الحكم المدني وإجراء انتخابات حرة.


مقالات ذات صلة

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

شمال افريقيا المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

ملف المساعدات الإنسانية في السودان شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
TT

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن «الحرب أفرزت واقعاً إنسانياً مريراً»، وإن حجم الاحتياجات كبير جداً، لكن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها متواضعة بسبب تعقيدات الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، وإدخال المساعدات وحركتها داخل البلاد».

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً»، إذ إن الملايين من السودانيين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف قتلوا وأصيبوا جراء الحرب التي تسببت أيضاً في نزوح أكثر من 11 مليون داخل وخارج السودان، وتأثرت البنى التحتية بشكل كبير خصوصاً خدمات المياه والصحة والكهرباء».

وأوضح حزام «أن ما يقدم من مساعدات للاستجابة الإنسانية للواقع المأساوي في السودان يهدف إلى التخفيف من هذه المعاناة بقدر المستطاع».

وقال إن اللجنة الدولية «تركز هذا العام على الأنشطة والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة في مجالي الصحة والحماية، وتقديم الإغاثة والمساعدات الغذائية والمالية للمجتمعات الأكثر تضرراً والقريبة من مناطق الحرب، بالإضافة إلى عملها في ملفات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب القتال، والبحث عن المفقودين».

وأضاف أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع «الهلال الأحمر السوداني» في معظم مناطق البلاد، وتتعاون أيضاً مع السلطات الصحية الرسمية. وأشار إلى أن ملف المساعدات الإنسانية في السودان «شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية، ونحاول من خلال العمل المشترك التخفيف من المعاناة، ولا نستطيع أن نقول إنهاءها، لأن الصراع أفرز واقعاً إنسانياً مريراً».

أجزاء كبيرة من جنوب السودان تعاني من الحرب والمجاعة (أرشيفية - رويترز)

وأشار إلى أن اللجنة الدولية تتواصل مع جميع الأطراف في السودان لتسهيل عملها في الوصول للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية. وقال: «نحاول تذكير أطراف الصراع بالوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وتسهيل الخروج الآمن للمواطنين أثناء عمليات النزوح، وعدم استهداف المرافق الصحية والخدمية التي توقفت 80 في المائة منها عن العمل».

ورأى المتحدث باسم «الصليب الأحمر» أن «سوء الواقع الصحي والبيئي في السودان انعكس سلباً على المواطنين، ما صعب حصول الكثيرين منهم على الرعاية الصحية، وفي ظل تفشي بعض الأوبئة والأمراض الموسمية تتضاعف جهود المؤسسات الصحية التي لا تزال تعمل».

وقال: «نأمل في أن تتوقف الاعتداءات على المرافق الصحية والطواقم الصحية، وأن يكون هناك مزيد من الاحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني».

دور الوسيط

وبشأن إجلاء المدنيين العالقين في مناطق الحرب، أفاد حزام، بأن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوار دائم مع طرفي القتال: الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في ملف الحماية، وحضّهما على فتح ممرات آمنه في مناطق الصراع، وهذا التزام قانوني وأخلاقي يجب الوفاء به».

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة الدولية «لعبت في الفترة الماضية دورها بوصفها وسيطاً محايداً في إخلاء وتسهيل خروج المحتجزين من الطرفين، لكن هذا يتم بتنسيق وطلب مباشر منهما، مع ضرورة وجود ضمانات أمنية». وأضاف: «مَن أراد البقاء من المدنيين يحظون بالحماية لكونهم لا يشاركون في العمليات العدائية والقتالية».

وعبَّرَ عن أمله في «أن يعم الأمن والسلام في السودان، لأن ذلك سيخفف بشكل كبير من المعاناة الإنسانية»، وقال: «إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان». وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «محايدة وتعمل باستقلالية وفق مبدأ عدم التحيز، وتحاول من خلال عملها الوصول إلى مَن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة «منفتحة على الاستماع لأي انتقادات والرد عليها، ونأمل إنصاف ما تقدمه المنظمات من عمل، لأن الأزمة الإنسانية في السودان لا تحتمل الكثير من الجدل، الذي يؤثر بشكل كبير على عمليات الاستجابة الإنسانية»، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من الموظفين في الحرب الدائرة.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.