وسط اندلاع اشتباكات مسلحة بين اثنتين من الميليشيات وسط شارع الضمان في مدينة الزاوية الواقعة غرب ليبيا، تصاعدت حدة الخلافات العلنية بين مجلسي النواب و«الدولة»، قبل لقاء مفترض بين رئيسيهما للاتفاق على القوانين المنظمة للانتخابات المؤجلة.
وتحدثت وسائل إعلام وشهود عيان عن سماع دوي تبادل إطلاق الرصاص بشارع الضمان في الزاوية، وسط ما وصفوه بتحرك للآليات المسلحة بالمنطقة، بغرض توسيع النفوذ على الأرض، فيما اتهم «حراك تصحيح المسار بمدينة الزاوية»، حكومة عبد الحميد الدبيبة بـ«المماطلة في إجراء الانتخابات البلدية؛ لأن مصالحها تتماشى مع مصالح المجلس الحالي».
وقال الحراك، في بيان، مساء أمس الاثنين: «كنا على أمل أن تنفذ الحكومة مطالبنا، وفعلاً نفذت بعضها، لكن كانت الغاية من ذلك إطالة عمر الحكومة فقط»، لافتاً إلى أن الحكومة تجاهلت مطالبه بدعم المديريات، وما زالت تدعم في المقابل التشكيلات المسلحة الموالية لها بالعتاد والأموال.
وتزامن البيان مع تهديد حرس المنشآت النفطية في الزاوية بإغلاق مصفاة الزاوية، ومجمعي مليتة ومصراتة النفطيين، بالتنسيق مع فروع الجهاز، «حتى تتم تسوية أوضاعهم المالية».
في غضون ذلك، اتهم عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، حكومة الدبيبة بـ«إهدار المال العام»، وحذر عدة جهات في الدولة في مخاطبات رسمية، الثلاثاء، من بينها النائب العام ومصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، وكذا المؤسسة الوطنية للنفط، من تقديم أي أموال لحكومة «الوحدة»، بسبب «إهدارها المال العام والتصرف فيه دون وجه حق».
وبعدما أوضح أن التقارير الرقابية الصادرة عن السنوات المالية الماضية، أظهرت إهدار الحكومة، التي وصفها بـ«المنتهية الولاية»، للمال العام، والتصرف فيه بغير وجه حق، رأى أن ثبوت مثل هذه التصرفات يضع المسؤولين والممثلين القانونيين لتلك المؤسسات تحت طائلة القانون، بتهمة التقصير في صيانة المال العام وإهداره بالمخالفة.
وقال صالح إنه يحظر على كافة المؤسسات والشركات الليبية العامة تقديم أي أموال لحكومة «الوحدة» في أي صورة، سواءً كانت بصورة قرض، أو تحت بند المسؤولية الاجتماعية، مشيراً إلى ما استقر عليه القضاء الليبي فقهاً وقانوناً بأن للأموال العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن.
في المقابل، جدد محمد تكالة، رئيس مجلس الدولة، رفضه التام لكل ما صدر عن مجلس النواب خلال جلسته المنعقدة في الـسادس من هذا الشهر، بإنشاء «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، وعدّها والعدمَ سواء.
ورأى تكالة في خطاب وجّهه إلى رئيس مجلس النواب أن هذا القرار يمثل «استخفافاً بدور مجلس الدولة، وتعدياً على السلطة التنفيذية وافتئاتاً على اختصاصاتها»، كما عدّ هذا القانون «مؤشراً لتعمدكم تجاهل المبادئ الحاكمة لسير العملية السياسية الراهنة»، وتعهد بالتصدي لمثل هذه الممارسات بكل حزم.
وجاء القرار بعد ساعات من إعلان مجلس النواب أداء بالقاسم، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، اليمين القانونية مساء الاثنين، مديراً لصندوق التنمية والإعمار، أمام صالح وبعض أعضاء المجلس، وبحضور رئيس لجنة إعادة الإعمار والاستقرار.
في غضون ذلك، أدرج عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، زيارة سفير اليابان شيمورا إيزورو، الثلاثاء، لمقر المفوضية بطرابلس، في إطار دعم المجتمع الدولي للمسار الانتخابي في ليبيا، والاطلاع على مستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية، المزمع تنفيذها خلال العام الجاري.
وأوضح السايح أنهما بحثا مستويات الدعم الفني والاستشاري، الذي يمكن تقديمه، بما يعزز من جاهزية المفوضية، ونقل عن شيمورا إشادته بجهود المفوضية لتوفير ظروف مثالية لإجراء الانتخابات المقبلة.
من جهته، شدد نيكولا أورلاندو، سفير الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعه، الثلاثاء، في طرابلس، مع الطاهر الباعور، وزير الخارجية المكلف بحكومة الوحدة، على الأمل في انخراط أصحاب المصلحة الليبيين بشكل عاجل وبحسن نية في وساطة باتيلي، للحفاظ على وحدة واستقرار البلاد، وقيادتها إلى انتخابات وطنية.
ومن جانبه، قال محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، إنه بحث مساء الاثنين، مع بعض أعضاء الجمعية الوطنية، من «عمداء البلديات، ومجالس الحكماء والأعيان، والمجالس الاجتماعية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومشايخ القبائل بالمنطقة الغربية، العلاقةَ بين المؤسسة العسكرية والمكونات الاجتماعية، ودعم توحيد الصفوف، ورأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد، وإنقاذ البلاد».