ما أسباب زيادة نشاط عصابات الاتجار بالبشر في ليبيا؟

العثور على عشرات المهاجرين بمخازن سرية

أجهزة الأمن تضبط عشرات المهاجرين في «مخزن» بمدينة صبراتة الليبية (مديرية أمن صبراتة)
أجهزة الأمن تضبط عشرات المهاجرين في «مخزن» بمدينة صبراتة الليبية (مديرية أمن صبراتة)
TT

ما أسباب زيادة نشاط عصابات الاتجار بالبشر في ليبيا؟

أجهزة الأمن تضبط عشرات المهاجرين في «مخزن» بمدينة صبراتة الليبية (مديرية أمن صبراتة)
أجهزة الأمن تضبط عشرات المهاجرين في «مخزن» بمدينة صبراتة الليبية (مديرية أمن صبراتة)

كشفت عمليات الضبط التي أعلنت عنها الأجهزة الأمنية في مدن ليبية مختلفة، العثور على «مخازن سرية» تضم عشرات المهاجرين غير النظاميين، بالإضافة إلى ضبط «تشكيلات عصابية متورطة في خطف العمالة بقصد ابتزاز أسرهم مالياً».

وطرحت هذه الضبطيات المتكررة خلال الأيام الماضية، الكثير من الأسئلة عن الأسباب التي تقف وراء زيادة نشاط عصابات الاتجار بالبشر في ليبيا، بعد هدوء نسبي شهدته البلاد خلال الأشهر الماضية، في ظل ما تشير إليه السلطات المعنية بالهجرة بأنها «تبذل جهوداً كبيرة للحد من هذه الظاهرة».

ويرجع حقوقيون ليبيون بعض أسباب زيادة تدفق المهاجرين، إلى «الأوضاع المعيشية البائسة التي تعانيها بعض الدول الأفريقية التي ينحدر منها مئات المهاجرين؛ بجانب انتشار شبكات الاتجار بالبشر في دول المحيط الليبي، لا سيما الأفريقية منها».

وأعلنت مديرية أمن بنغازي (بشرق ليبيا) «ضبط عصابة من الجنسية البنغلاديشية متورطة في خطف عاملين وافدين من الجنسية نفسها، وطلب فدية من ذويهم».

وأوضحت المديرية في بيانها (الأحد) أنها حققت في شكوى أحد العمال البنغلاديشيين ضد ثلاثة من جنسيته بخطفه والاتصال بأسرته هاتفياً، مشيرة إلى أنها حصلت منها على 10 آلاف دينار ليبي، قبل إطلاق سراحه. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

ونوهت المديرية، إلى أن «المخطوف بعد إطلاق سراحه أبلغ عن التشكيل، فتوجهت القوات إلى العنوان المُبلغ عنه وألقت القبض على عناصره، وبعد مواجهتهم اعترفوا بالجريمة»، وأشاروا إلى أن مبالغ الفدية «كان يتسلمها مندوب يعمل معهم في بنغلاديش».

جانب من المشاركين بمؤتمر «الأفريقي - الدولي» في بنغازي (حكومة الاستقرار)

وفي نهاية الشهر الماضي، انتهى المشاركون في المؤتمر «الأفريقي - الدولي» حول الهجرة غير النظامية، الذي استضافته مدينة بنغازي، إلى التحذير من التأثيرات السلبية لهذا الملف ومخاطره على دول أفريقيا وأوروبا. وقال أسامة حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في افتتاح المؤتمر إن «الهجرة غير النظامية أصبحت تشكل اهتماما بالغا للدول الأفريقية والأوروبية كافة، بالنظر إلى ما ترتبط به من أمور خطيرة تؤثر في الاقتصادين المحلي والإقليمي، وتمثل اختراقات للأمن الدولي».

وعادة ما تلجأ عصابات الاتجار بالبشر، إلى «تخزين» ضحاياهم في حظائر ومخازن ومزارع مهجورة، لكن الأجهزة الأمنية تقول إنها تنجح في الوصول إليهم بعد فترة، و«تحريرهم»، وهو الأمر الذي كشفت عنه الأسبوع الماضي، الإدارة العامة للبحث الجنائي، (المنتقلة من بنغازي) إلى مدينة سبها.

وكانت الإدارة العامة أعلنت تحرير 79 مهجراً عثر عليهم في داخل «زنازين» أنشأها التشكيل العصابي لهذه الغرض، وتبين أنهم خطفوا على فترات متباعدة، بقصد ابتزاز أسرهم للحصول على فدية مالية. وفقاً للإدارة.

والتشكيل العصابي مكون من رجلين وامرأتين بحي عبد الكافي في مدينة سبها، وبعد تحرير الضحايا وجد بينهم 14 سيدة وعدد من الأطفال.

وبجانب خطف المهاجرين غير النظاميين، هناك محاولات أخرى تُجرى على الشواطئ من قبل سماسرة لتهريبهم إلى السواحل الأوروبية. وقالت مديرية أمن صبراتة، مساء (السبت) إنها نقلت عدداً من المهاجرين غير النظاميين إلى أحد مراكز الإيواء التابعة لجهاز مكافحة الهجرة بطرابلس كانوا قد تم ضبطهم في وقت سابق من قبل الدوريات الأمنية التابعة للمديرية.

عشرات المهاجرين بعد ضبطهم ونقلهم إلى جهاز مكافحة الهجرة بطرابلس (مديرية أمن صبراتة)

وأوضح مصدر أمني بغرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط» أن هؤلاء المهاجرين كان قد عثر عليهم «في أحد أوكار تجميع المهاجرين بضواحي صبراتة»، وقال إنه تم «ضبط عدد كبير من المهاجرين قبل تهريبهم عبر البحر؛ وقبض على الشخص الذي كان يدير الوكر».

ويرى مصدر آخر بجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «تدفق مئات المهاجرين بشكل لافت على شواطئ ليبيا، وتسربهم إلى البحر بواسطة تجّار البشر، يدل ذلك على تجاهلهم المخاطر التي تؤدي إلى هلاك بعضهم غرقاً في البحر المتوسط».

غير أن منظمة «أطباء بلا حدود» سبق لها القول إن «الافتقار إلى خيارات آمنة وقانونية، إضافة إلى العنف الذي يعانيه المهاجرون في ليبيا، لا يترك لهم خياراً سوى عبور البحر وزيادة عدد الضحايا».

وكشف الحقوقي الليبي طارق لملوم، إلى إصابة محتجزين من المهاجرين داخل مركز احتجاز بمنطقة بئر الغنم (وادي الحي) التابع لجهاز الهجرة غير المشروعة (جنوب غربي العاصمة طرابلس) بأمراض جلدية، لكن «المركز الوطني» لمكافحة الأمراض ينفي انتشار مرض (اللشمانيا) بهذه المنطقة. وهذا المرض منتشر في مدن عدة من بينها جنوب ليبيا.

ولا تزال هناك أعداد كبيرة تنجح في الوصول إلى الشاطئ الأوروبي، وهو ما نوهت إليه وكالة «نوفا» الإيطالية بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، أن 51 ألفاً و700 مُهاجر غير نظامي وصلوا إلى السواحل الإيطالية، خلال العام الماضي، مشيرة إلى أن 16 ألفاً و500 مهاجر من هؤلاء المهاجرين وصلوا من شرق ليبيا إلى إيطاليا، بينما وصل 35 ألفاً و200 مهاجر من غربها.

ورصد جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة ببنغازي، ضبط 1507 مهاجرين غير نظاميين خلال يناير الماضي.

عملية ترحيل سابقة لعشرات المهاجرين غير النظاميين (جهاز مكافحة الهجرة بطرابلس)

وتُكثف ليبيا عمليات «الهجرة الطوعية» لمهاجرين غير نظاميين إلى دولهم، حيث سهّلت خروج آلاف المهاجرين من البلاد عبر المنافذ الجوية والبرية، خلال الأشهر الماضية. ويقول «جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية» في ليبيا إنه رحّل عشرات المهاجرين غير النظاميين إلى بلدهم بنغلاديش، الأسبوع الماضي، في حين يُجهّز لترحيل آخرين ريثما ينتهي من تجهيز الوثائق الخاصة بهم.

وتحدث لملوم، عن «قوانين جديدة» سيفرضها الاتحاد الأوروبي قريباً حول طلب اللجوء والهجرة، مشيراً إلى أن ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد أعلنوا عن اتفاق يهدف إلى تشديد قوانين اللجوء والهجرة خطط للتعامل بشدة أكبر مع الأشخاص القادمين من البلدان التي تعد آمنة نسبيا.


مقالات ذات صلة

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

شمال افريقيا قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

فرض المسار البحري الرابط بين السواحل الجزائرية والإسبانية نفسه خلال عام 2025، بوصفه من أشد طرق الهجرة دموية في غرب البحر الأبيض المتوسط.

أوروبا عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)

وفاة امرأة وفقدان 3 أشخاص في غرق مركب يقل مهاجرين قبالة اليونان

عُثر على جثة امرأة تبلغ 22 عاماً، الاثنين، قبالة سواحل جزيرة ساموس اليونانية في بحر إيجه، بعد غرق مركب كان يقل أكثر من 40 مهاجراً، وفق خفر السواحل.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة تشمل المصرية والسورية والعراقية.

علاء حموده (القاهرة)
آسيا لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية - الأفغانية في تورخام بأفغانستان يوم السبت 4 نوفمبر 2023 (أرشيفية - أ.ب)

باكستان ترحّل أكثر من 2600 مهاجر أفغاني في يوم واحد

أعلنت «المفوضية العليا لشؤون المهاجرين» التابعة لحركة «طالبان» أن السلطات الباكستانية رحّلت، الأحد، 2628 مهاجراً أفغانياً، أعيدوا إلى أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (كابل )
أوروبا علم اليونان (رويترز)

السلطات اليونانية تنقذ 108 مهاجرين جنوب جزيرة كريت

أنقذت السلطات اليونانية 108 مهاجرين كانوا على متن قارب خشبي، الأحد، جنوب جزيرة كريت، على مسافة نحو 41 ميلاً بحرياً جنوب جافدوس، الجزيرة اليونانية.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
TT

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)
قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)

فرض المسار البحري الرابط بين السواحل الجزائرية والإسبانية نفسه خلال عام 2025، بوصفه من أشد طرق الهجرة دموية في غرب البحر الأبيض المتوسط، بعدما حصد أرواح 1037 شخصاً بين قتيل ومفقود. هذا ما خلص إليه التقرير السنوي للمنظمة الإسبانية غير الحكومية «كاميناندو فرونتيراس»، التي تكرّس منذ عام 2001 جهودها لتوثيق الانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة، التي يتعرض لها المهاجرون في عرض المتوسط وعلى حدود أوروبا.

خريطة لطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)

وثق التقرير، الذي جاء بعنوان «رصد الحق في الحياة - 2025»، 121 حادث غرق على هذا المسار البحري وحده، الذي يسلكه في الأساس مهاجرون يغادرون الجزائر متجهين نحو جزر البليار والساحل الشرقي لإسبانيا. وباتت ما تُعرف بـ«طريق الجزائر» اليوم أكبر مقبرة مفتوحة للمهاجرين على الطرق البحرية المؤدية إلى إسبانيا عبر المتوسط، محققة الصدارة في عدد الوفيات، ومؤكدة خطورة هذا الممر الذي أصبح يكتسي طابعاً قاتماً بشكل متصاعد.

* ارتفاع معدلات الوفيات

على مستوى كل الطرق المؤدية إلى إسبانيا، فقد 3090 مهاجراً حياتهم، أو عُدّوا مفقودين، خلال عام 2025 بجميع المسارات. وبذلك تمثل الرحلات المنطلقة من الجزائر أكثر من ثلث الوفيات المسجلة. ومن بين هؤلاء الضحايا 192 امرأة و437 طفلاً ومراهقاً، وفق ما ورد في التقرير نفسه.

وتضاعفت تقريباً نسبة الوفيات في الطريق الجزائرية مقارنة بعام 2024، حيث وثقت المنظمة الإسبانية غير الحكومية 517 حالة وفاة. وفي إطار إحصاء عدد الضحايا، أكد التقرير اختفاء أثر 47 قارباً بالكامل خلال 2025، دون العثور على ناجين أو جثث. وتتعلق حوادث الغرق هذه بشكل خاص بالرحلات الطويلة، التي تتجاوز أحياناً 300 كيلومتر، باتجاه جزر إيبيزا وفورمينتيرا ومايوركا. وكانت غالبية القوارب زوارق صغيرة، أو قوارب صيد مكتظة، وغير مجهزة لمواجهة الظروف البحرية القاسية، وفق الملاحظات التي تضمنها التقرير.

وزيرا الداخلية الجزائري والإسباني (الداخلية الجزائرية)

وأشارت الوثيقة نفسها إلى أن كثيراً من حوادث الغرق سبقتها نداءات استغاثة لم تلقَ استجابة سريعة، مع تأخر في عمليات البحث، لا سيما في المناطق البعيدة عن الخطوط التجارية. ونددت المنظمة غير الحكومية بـ«التقاعس عن واجب الإغاثة»، وهو أمر تفاقم بسبب ضعف التنسيق بين الدول وغياب آليات إنقاذ دائمة، وفق ما قالته.

* فئات جديدة من المهاجرين

مما تضمنه التقرير أن الرحلات المنطلقة من الجزائر أصبحت تشمل منذ 2025 فئات متنوعة من المهاجرين: رجال، ونساء، وعائلات، وقُصّر. وتؤكد المنظمة أن «الطريق الجزائرية» باتت من الممرات الرئيسية للهجرة نحو إسبانيا، وأشدها خطورة، لافتاً إلى أن هذا الممر البحري في حوض المتوسط «ظل لفترة طويلة بعيداً عن الأضواء الإعلامية».

ومنذ عام 2018، وثقت «كاميناندو فرونتيراس» أكثر من 28 ألف قتيل ومفقود في مجموع الطرق البحرية، التي تربط شمال وغرب أفريقيا بإسبانيا. وعدت المنظمة أن الارتفاع الأخير للضحايا في «الطريق الجزائرية» يشكل «إشارة إنذار كبرى»، داعيةً إلى تعزيز عاجل لآليات البحث والإنقاذ، وتحسين التنسيق بين الدول المطلة على المتوسط لحماية الحق في حياة المهاجرين.

طرق الهجرة البحرية نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (مواقع مهتمة بالهجرة السرية)

وواجه أرخبيل جزر البليار في صيف 2025 موجة غير مسبوقة من وصول المهاجرين، في ذروة الموسم السياحي، وفق التقرير ذاته، الذي أبرز أن «الطريق التي تربط الجزائر بجزر البليار، وهي أقل خضوعاً للمراقبة، أصبحت أعلى تفضيلاً واستخداماً بشكل متنامٍ، بينما جرى تشديد الرقابة على طرق الهجرة من تونس والمغرب وموريتانيا على وجه الخصوص».

ونقل الموقع المختص «مهاجر نيوز»، في هذا الشأن تحديداً، عن «أحد العاملين في المجال الإنساني»، أن «القوارب كانت تصل تقريباً كل يوم هذا الصيف، وكانت هناك أيضاً جثث ومفقودون... إنها أوضاع غير طبيعية لم نكن نشهدها العام الماضي».

تنسيق أمني جزائري - إسباني

اجتماع بين وفدين حكوميين جزائري وإسباني في 20 أكتوبر 2025 لبحث مكافحة الهجرة السرية (وزارة الداخلية الجزائرية)

في ضوء هذا المنحى الخطير الذي اتخذته الهجرة السرية، زار وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، الجزائر في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث بحث مع سلطاتها وقف تدفقات المهاجرين. وصرح في أعقاب اجتماعه بنظيره الجزائري، سعيد سعيود، بأن البلدين «يواجهان اليوم تحدياً مشتركاً يتمثل في ضغط الهجرة عبر طرق البحر الأبيض المتوسط»، مؤكداً أن الحكومة الإسبانية «تدرك تماماً أنها تواجه ضغطاً كبيراً بسبب تدفقات الهجرة غير النظامية عبر دول العبور، وهو ما تشهده الجزائر أيضاً، (هجرة عكسية من دول جنوب الصحراء)، حيث تبذل الدولة جهوداً كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة بكل الوسائل الممكنة».

من جهته، أشاد الوزير سعيود بنتائج الاجتماع الأمني الذي عقده البلدان في أغسطس (آب) 2025 بمدريد، والذي خصص لمكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة، وأسفر عن إعداد برنامج تدريبي للفترة من 2025 إلى 2026 يهدف إلى تعزيز قدرات الوحدات الخاصة بمكافحة الهجرة وتقوية آليات التصدي لها.

صورة للقُصّر السبعة خلال الرحلة إلى جزر البليار (حسابات حقوقيين)

وعلى هامش الاجتماع الوزاري، تطرق سعيود إلى «ملف القاصرين السبعة»، الذين غادروا البلاد نحو جزر البليار الإسبانية مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي؛ وهي حادثة أثارت جدلاً سياسياً ومجتمعياً واسعاً. وأكد المسؤول ذاته «استمرار الجهود الدبلوماسية والقانونية لاستعادتهم»، مشيراً إلى أن السلطات الجزائرية «استوفت كل المتطلبات والملفات التي طلبها القضاء الإسباني»، معرباً عن «تفاؤله باستجابة إيجابية وشيكة لطلب الجزائر القاضي بإعادتهم».


«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
TT

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)
ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)

قبل ما يقرب من 6 أشهر على انطلاق امتحانات «الثانوية العامة» في مصر (شهادة البكالوريا)، تعددت اللقاءات على مستويات تنفيذية عليا استعداداً لها، مع توجيهات بتشديد «عقوبات الغش»، و«تغطية لجان الامتحان كافة بكاميرات مراقبة» للحد من أساليب الغش المبتكرة.

وبرزت خلال السنوات الماضية، أساليب جديدة في الغش أثرت سلباً على ضبط منظومة الامتحانات، بينها «استخدام سماعات الأذن»، و«الساعات الرقمية»، و«الجوال»، مع وجود مجموعات مساعدة للطلاب من خارج اللجان عبر غروبات «واتساب»، واتباع أساليب يصعب ضبطها أثناء تفتيش الطلاب قبل الامتحان، بينها التنسيق مع بعض عمال المدارس لإخفاء وسائل «الغش» بعيداً عن أنظار المراقبين.

وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم المصرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة تدرس إدخال تعديلات على قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات»، ومضاعفة عقوبات «حيازة الجوال لاستخدامه في الغش»، وكذلك عقوبات «ضبط الطلاب المتورطين في الغش أثناء أداء الامتحان»، مشيراً إلى أن الوزارة ستوفر هذا العام كاميرات مراقبة متطورة في جميع لجان الامتحانات.

وأوضح أن الوزارة تدرس أيضاً الاستعانة بأجهزة متطورة لضبط «سماعات الأذن» المستخدمة في «الغش»، وتشديد إجراءات حماية أوراق الامتحانات بعد وصولها إلى مقار اللجان الامتحانية؛ لضمان عدم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي أثناء الامتحان، مضيفاً: «من بين الخيارات التي تدرسها الوزارة تمهيداً لتطبيقها، توفير إجراءات حماية أكبر للملاحظين والمراقبين، وزيادة عدد العاملين بكل لجنة من مراقبين ومشرفين وعمال».

ويعاقب قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات»، الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة، وفقاً للنظام المصري، دورَين متتاليَين.

كما يفرض القانون عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية)، ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف (مجلس الوزراء المصري)

وحسب المصدر المسؤول، فإن الوزارة بدأت هذا العام الاستعداد مبكراً لإجراءات تنظيم الامتحانات، وذلك بفتح باب تسجيل وتحديث بيانات المرشحين للعمل بصفتهم رؤساء ومراقبين أوائل للجان سير الامتحانات، والمستهدف هو تنقية الأسماء المختارة بعناية، واستبعاد أي عناصر ثبت تقصيرها في أداء عملها من قبل، إلى جانب إتاحة الفرصة لتدريب هؤلاء بشكل جيد على أعمال الامتحانات.

وحذّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من أن «أي محاولة للمساس بنزاهة امتحانات الثانوية العامة أو الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب ستُواجه بحسم كامل وعقوبات رادعة»، مشيراً إلى أن الدولة «ماضية بقوة في تشديد إجراءات تأمين الامتحانات».

وأكد خلال اجتماع عقده مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر محمد عبد اللطيف بمشاركة عدد من مسؤولي الجهات المعنية بتأمين الامتحانات، مساء الأحد، أن «تأمين الامتحانات لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية»، وشدّد على «أهمية اتخاذ جميع الإجراءات التنظيمية والتقنية التي تضمن سير الامتحانات في أجواء من العدالة والشفافية، مع التصدي لأي محاولات للغش سواء كانت فردية أو جماعية».

وجاء اجتماع مدبولي مع عدد من المسؤولين التنفيذيين، بعد أسبوعين تقريباً من اجتماع آخر عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير التعليم وجّه خلاله «بتشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة».

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي، أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق، بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات.

وأكد أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، الدكتور عاصم حجازي، أن الاستعدادات المبكرة لامتحانات «الثانوية العامة» تَظهر بشكل واضح على مستويات رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، «غير أن أساليب وزارة التربية والتعليم تبقى تقليدية، وأن الحديث عن مضاعفة العقوبات أو تركيب الكاميرات ليس جديداً أو مبتكراً، ولكنه متبع من قبل ولم يحقق نتائج إيجابية، ولا بد من إدخال تعديلات جذرية على شكل الامتحان».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البدء مبكراً يتيح فرصة لتعديل الإجراءات أو إضافة مزيد من المقترحات عليها، كما أن التأكيد على ضرورة التعاون بين الوزارات المختلفة لمجابهة «الغش» خطوة إيجابية ما يجعل هناك توقعات بأن تبقى الامتحانات هذا العام أكثر انضباطاً ومتابعة ورقابة.

وأشار إلى أن الاستنفار الحكومي يرجع لأن «الغش يضعف مصداقية النظام التعليمي على المستوى الدولي، وتبقى مواجهته أولوية كونه يغطي على أي تطوير آخر قد يحدث على مستوى تطوير المناهج التعليمية».

الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق أن طالب بتشديد عقوبات الغش في الامتحانات (الرئاسة المصرية)

ووجّه مدبولي بتزويد جميع لجان الامتحانات بكاميرات مراقبة ترصد مختلف الجوانب داخل كل لجنة. وحسب وزير التعليم المصري، فإن «قرابة 95 في المائة من اللجان مزودة بكاميرات، ويجري حالياً استكمال تركيبها في جميع اللجان قبل بدء الامتحانات»، وفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء المصري.

وقال أستاذ مناهج البحث والتقويم بجامعة قناة السويس، عبد العاطي الصياد، إن التعامل مع تفاقم «الغش» بإجراءات تقليدية لن يجدي نفعاً في عصر الذكاء الاصطناعي، وفي حال أقدمت الوزارة مثلاً على تركيب كاميرات أو استخدام أجهزة لضبط السماعات، فإن مزيداً من أساليب الغش المبتكرة ستكون حاضرة لدى الطلاب، لم تكن معروفة من قبل.

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن التطور يجب أن يصل إلى المعلم وتدريبه على طرق تدريس مبتكرة تتماشى مع تطور نظم التعليم الدولية، مع أهمية إجراء اختبارات قبول للطلاب قبل دخول الجامعات؛ للتأكد من توفر القدرات التي تؤهلهم للدراسة فيها.


مصر: قوائم انتظار طويلة لسودانيين يرغبون في العودة

سودانيون عائدون إلى وطنهم ضمن الرحلة 43 من محطة رمسيس بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)
سودانيون عائدون إلى وطنهم ضمن الرحلة 43 من محطة رمسيس بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: قوائم انتظار طويلة لسودانيين يرغبون في العودة

سودانيون عائدون إلى وطنهم ضمن الرحلة 43 من محطة رمسيس بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)
سودانيون عائدون إلى وطنهم ضمن الرحلة 43 من محطة رمسيس بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)

تترقب السودانية لمياء محمد (32 عاماً)، منذ أسابيع، اتصالاً يخبرها بموعد القطار الذي سيحملها هي وأسرتها من العاصمة المصرية القاهرة إلى الوطن، ضمن مشروع «العودة الطوعية للسودان»، الذي مكّن آلاف السودانيين بمصر من العودة المجانية لبلادهم، منذ انطلاقه في يوليو (تموز) الماضي، من قبل منظومة الصناعات الدفاعية في السودان بالتنسيق مع وزارة النقل المصرية.

وتتواصل رحلات المشروع بشكل منتظم لاستيعاب قوائم انتظار طويلة تنتظر دورها في الرحلات، حيث انطلق مساء الاثنين «قطار من محطة رمسيس يحمل 1028 راكباً ضمن الرحلة 43 المتجهة إلى أسوان» وفق وزارة النقل المصرية، لافتة في بيان إلى أن إجمالي المستفيدين من الرحلات التي تم تنفيذها حتى الآن 41828.

لمياء واحدة ممن تمكنوا من التسجيل في المشروع قبل غلق بابه، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدة أيام فقط، لتحجز دورها في قوائم الانتظار، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «حين ينتابني القلق من تأخير التواصل معنا، أتفقد الأخبار، وأتأكد من انتظام خروج الرحلات فأطمئن»، لافتة إلى أنها قرأت تعليقات لعائلات سجلت قبلها في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين ولم تسافر إلى الآن، وعلقت: «يبدو أن قوائم الانتظار طويلة... وأن السفر بأسبقية التسجيل».

وسبق أن قرر القائمون على المشروع مد التسجيل فيه مدة شهر، ليمتد ذلك لنهاية أكتوبر بدلاً من سبتمبر الماضي، كما كان يُقدّر لذلك في البداية، وذلك لـ«كثافة الإقبال على العودة»، ورغم ذلك ما زال كثير من السودانيين عبر صفحة المشروع على «فيسبوك» يتساءلون عن موعد التسجيل الجديد ويطالبون بفتحه، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط» وأكدته رئيسة لجنة العودة الطوعية في منظومة الدفاع السودانية، أميمة عبد الله، قائلة إنها سترفع هذه الطلبات إلى الجهات الأعلى للنظر فيها، بينما يعملون حالياً على تفويج من سجل فعلياً من قبل في المبادرة، لافتة إلى أن الأعداد كبيرة.

استمرار قطارات العودة الطوعية للسودانيين لحين انتهاء قوائم الانتظار (مشروع العودة الطوعية للسودانيين - فيسبوك)

وأضافت أميمة لـ«الشرق الأوسط»: «ستنطلق أكثر من رحلة هذا الأسبوع مثلما هو معتاد». ويبلغ متوسط عدد العائدين في الرحلة الواحدة نحو 1200 شخص، وزاد العائدون في رحلات أخرى حتى قاربوا على الـ2000 عائد مثل الرحلة رقم 28 في أكتوبر الماضي.

وترجع رئيسة لجنة العودة تباين الأعداد في الرحلات إلى أن «بعض العائدين يستقلون القطار دون تسجيل، لذا يتم إحصاء العدد بعد وصول القطار لأسوان (جنوب مصر) وعند تفويجهم في الحافلات التي تنقلهم لداخل المدن السودانية».

ووفق بيانات رسمية حصلت عليها «الشرق الأوسط» في وقت سابق، عاد إلى السودان براً منذ مطلع عام 2024 وحتى 13 أغسطس (آب) الماضي، 323 ألفاً و386 سودانياً، فيما «تتواصل أفواج العودة التي تزداد مع استقرار الأوضاع في المدن السودانية»، حسب تصريح سابق للقنصل السوداني في أسوان عبد القادر عبد الله، مقدراً أن «العائدين براً من خلال أسوان يمثلون نحو ثُلث من قدموا إلى مصر عقب الحرب، في حين تتجاوز أعداد العائدين بشكل عام هذا الرقم، فالبعض يعود جواً، وآخرون انتقلوا إلى بلدان أخرى».

سودانيون يبحثون عن أسمائهم في قائمة المسافرين ضمن الرحلة 43 لقطارات العودة (مجلس الوزراء المصري)

وخلق مشروع «العودة الطوعية» المجانية زخماً في الإقبال على العودة لدى فئات محدودة الدخل، ومن بينها عائلة لمياء، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسعار في مصر مرتفعة ولم نعد قادرين على تحملها»، علماً بأنها تحصل مقابل العمل في محل منظفات على 200 جنيه يومياً (الدولار نحو 48 جنيهاً)، وتقول إن أجرتها «لا تكفي احتياجات الأسرة».

وتسببت الحرب الداخلية بالسودان في فرار الملايين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون ونصف المليون دخلوا مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وبينما ينتظر البعض إعادة فتح التسجيل في العودة المجانية بالقطارات، يفضل آخرون كسب الوقت باللجوء إلى رحلات «الحافلات» المدفوعة. وزاد الإقبال على رحلات مبادرة «راجعين لي بلد الطيبين» التي تُسير حالياً من 3 إلى 4 حافلات يومياً، يحمل كل منها 50 راكباً، حسب منسق المبادرة محمد سليمان، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد الحافلات التي تخرج بوجه عام من مبادرتنا وغيرها يصل لـ15 حافلة».

ويعكس عدد الرحلات حالياً كثافة في الإقبال على العودة إلى السودان، إذ كان متوسط عدد رحلات هذه المبادرة في السابق 3 رحلات أسبوعياً.

وثمّن سليمان تسهيل إجراءات العودة من قبل السلطات المصرية، فـ«بدلاً من انتظار الحافلات في نقاط معينة ساعات طويلة، ما يجعل الرحلة تستغرق أياماً، أصبح الخروج مباشرة ليُختصر زمن الرحلة إلى 16 ساعة فقط». ويبلغ متوسط سعر الفرد في هذه الرحلات 2500 جنيه.