مؤتمر دولي بتونس يبحث «الاستقرار السياسي في ليبيا»

الرئيس سعيد: كل تدخل في الشأن الليبي لا يزيد الوضع إلا تعقيداً

الرئيس سعيد شدد على أن كل تدخل في الشأن الليبي لن يزيد الوضع إلا تعقيداً (رويترز)
الرئيس سعيد شدد على أن كل تدخل في الشأن الليبي لن يزيد الوضع إلا تعقيداً (رويترز)
TT

مؤتمر دولي بتونس يبحث «الاستقرار السياسي في ليبيا»

الرئيس سعيد شدد على أن كل تدخل في الشأن الليبي لن يزيد الوضع إلا تعقيداً (رويترز)
الرئيس سعيد شدد على أن كل تدخل في الشأن الليبي لن يزيد الوضع إلا تعقيداً (رويترز)

احتضنت العاصمة التونسية، الجمعة، مؤتمراً دولياً حول «الاستقرار السياسي في ليبيا»، تحت عنوان: «الاستقرار والتنمية في ليبيا... رؤية استشرافية لمستقبل الأجيال القادمة)، بمشاركة شخصيات من جميع المدن الليبية، في رسالة عدّها المشاركون دعوة لتوحيد الصف والاستقرار، وإنهاء المراحل الانتقالية. وشارك في المؤتمر أيضاً خبراء ومحللون من تونس والجزائر ومصر والنيجر وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وجنوب أفريقيا، فضلًا عن أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، ومنظمات مدنية ومجلس حكماء ومشايخ ليبيا، وممثلون عن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

وينعقد هذا المؤتمر، الذي يستمر حتى مساء السبت، بمبادرة من المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، ومؤسسة شمال أفريقيا لرعاية الشباب في ليبيا، بهدف تدارس سبل تجاوز الركود السياسي، والبحث عن حلول تفضي إلى سن دستور ليبي جديد، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تنهي المرحلة الانتقالية.

ووفق تصريحات خاصة من الأطراف الليبية، فإن أجواء التفاؤل سيطرت على فعاليات المؤتمر، وهو ما عده البعض بداية للتشاور السياسي الجدي، وتجاوز الخلافات الثنائية، ومحاولات تقسيم ليبيا إلى شرق وغرب، غير أن عدداً آخر من الخبراء المشاركين في المؤتمر رأى أن حل الأزمة الليبية أصعب وأعقد من مجرد اجتماع في مؤتمر دولي خلف الأبواب المغلقة، «لأن الواقع الميداني أكثر تعقيداً، وتجاوزه يتطلب تنازلات مشتركة من مختلف الأطياف السياسية والقوى الاجتماعية».

وبحث المؤتمر كثيرا من المحاور بشأن الاستقرار في ليبيا، من بينها الاستقرار السياسي والأمني من أجل البناء والتنمية، وإنهاء الوصاية الخارجية، وتكوين شراكات دولية مبنية على الاحترام المتبادل، إضافة إلى تعزيز دور المرأة والشباب في صناعة السلام والاستقرار، والمصالحة الليبية.

وشهد اليوم الأول من المؤتمر مداخلات عدة حول تحقيق الاستقرار في ليبيا المجاورة، من بينها كلمة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الدولية والاستراتيجية في تونس، التي قدمت منهجية عمل أكدت فيها أنها قد تساعد على تركيز مقومات الاستقرار السياسي في ليبيا، وذلك من خلال إشراك جميع أطياف المشهد السياسي والمدني الليبي، مع الأخذ في الحسبان المتغيرات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية على الأصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، مشيرة إلى «نجاح» المؤتمر في لمّ شمل الفرقاء السياسيين في ليبيا، خصوصاً ممثلي الجنوب الليبي نظراً لأهميته السياسية والجغرافية.

ومن جهته، قال خالد غويل، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر والناشط السياسي الليبي، إن استقرار ليبيا «يبدأ من المصالحة الوطنية بين مختلف الأطراف، وإعادة النظر في العلاقات مع مختلف مكونات المجتمع الدولي المتدخلة في الشأن الليبي، لتصبح علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، بعيداً عن كل أنواع التدخل»، مؤكداً أن تحقيق هذا الهدف يتطلب «مصالحة سياسية أيضاً تقطع الصلة بالأجندات الأجنبية التي تعوق الوحدة، وتعمق الهوة بين أفراد الشعب».

وبدوره، عبّر صالحين عبد النبي، عضو مجلس النواب الليبي عن أمله في التوصل إلى اتفاقات تحقق الوحدة الوطنية والأمن والاستقرار لليبيا، بعيداً عن أي تدخلات أجنبية من شأنها أن تقوض السلم الاجتماعي، وهو الأمل نفسه الذي عبّر عنه إمحمد زيدان إمحمد، ممثل مجلس حكماء ومشايخ ليبيا، الذي طالب بتوحيد الصف الليبي، ومعالجة المشكلات التي تعوق إرساء الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية، مؤكداً أن «الليبيين هم أصحاب القرار، وهم ثابتون على عهدهم لتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة».

الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (موقع رئاسة الجمهورية)

يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد استقبل نبيل عمّار، وزير الخارجية التونسية، خلال اليوم الأول لهذا المؤتمر الدولي، حيث تناول اللقاء نتائج مشاركة تونس في اجتماع اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا، التي انعقدت بمدينة برازافيل في الخامس من فبراير (شباط) الحالي.

وخلال اللقاء أكّد سعيد مجدّداً موقف تونس الثابت من أن الحل في ليبيا «لا يُمكن أن يكون إلا ليبياً خالصاً، ينبع من إرادة الشعب الليبي وحده، وكل تدخّل في الشأن الليبي لا يزيد الأوضاع إلا تعقيداً"»، مذكّراً بأن بعض المؤتمرات عُقدت في غياب ممثلين عن الشعب الليبي، ولم تتوصّل لأي حل، ومشدداً على «تمسُّك تونس بوحدة الدولة الليبية».



استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.