أثار قرار السلطات المحلية في عدد من المدن المغربية تقليص نشاط الحمامات الشعبية، ومراكز غسل السيارات بهدف ترشيد استهلاك المياه استياء واسعاً بين العاملين في المجالين، الذين اعتبروا أن الكميات التي يستخدمونها في عملهم ليست كبيرة، بالمقارنة بقطاعات أخرى كالزراعة على سبيل المثال.
وفي الفترة الأخيرة اتخذ المغرب إجراءات حاسمة للتحكم في استهلاك المياه في مواجهة شح الأمطار والجفاف، شملت إلزام الحمامات التقليدية ومحلات غسل السيارات بالإغلاق أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع. لكن هذا الإجراء، وعلى الرّغم من «الدوافع الاضطرارية» إليه، أثار جدلاً واسعاً بين العاملين في هذين القطاعين الذين يرفضونه رفضاً قاطعاً، معتبرين أن هناك حاجة لإيجاد حل بديل يحقق التوازن بين حماية الموارد المائية وضمان استدامة أعمالهم.
وقال داود القاسمي، وهو مالك محل لتنظيف السيارات لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «بحكم أني أعمل بمجال غسل السيارات أعتبر هذا القرار صادماً ومجحفاً في حقي وفي حق جميع العاملين بهذا المجال. فالجميع تضرر، ورغم قيامنا بجهود لتحديث طريقة تنظيف السيارات وغسلها باستعمال مواد مقتصدة للماء، ومع ذلك فقد طلبوا منا إغلاق محالنا». ويرى البعض أن إدارة أزمة ندرة المياه في المغرب تضع السلطات المائية بين مطرقة حماية الموارد المائية، وسندان دعم القطاعات الاقتصادية، مشدّدين على أن الإجراءات الأكثر إلحاحاً في الفترة الحالية يجب أن توجّه نحو تقييد ومنع الزراعات المستهلكة للمياه. من جهته، قال صائب عزيز، وهو صاحب حمام شعبي بطنجة: «نعلم جميعنا أن البلاد تمر بظروف صعبة بسبب الجفاف. والملك شخصياً أمر بالاقتصاد في استعمال الماء. لكن قرار الإقفال لأربعة أيام في الأسبوع هو قرار صعب جداً، ومضر لنا لأن لدينا عمالاً باتوا عاطلين عن العمل بسبب القرار».
واتخذت السلطات إجراءات إضافية لتقليل الاستهلاك من المياه، منها ري العشب الصناعي أو صناعته، ومنع ري الحدائق العامة والخاصة. كما اتخذت مدن مغربية مختلفة إجراءات أخرى بهذا الصدد، بسبب استفحال الجفاف وأثره، واستنكر العاملون بهذه القطاعات قرار السلطات منعهم من العمل، وقالوا إن القرار يؤثر سلباً على آلاف العاملين في تلك المهن. وفي المقابل، تقول وزارة الداخلية المغربية إن هذه الإجراءات تأتي في سياق جفاف حاد يشهده المغرب للسنة الخامسة على التوالي. وتراجع مخزون المياه بالسدود إلى درجات غير مسبوقة.
لكن هذه الإجراءات لا تزال تثير جدلاً واسعاً بين المهتمين بالرأي العام الوطني، حيث تعالت أصوات العديد من الفعاليات الجمعوية، معتبرة أن هذا القرار لا يغير من الواقع شيئاً، ولن يكون فعالاً في الحفاظ على الفرشة المائية، وأكدت أن تقليص عدد أيام فتح الحمامات ومحلات غسل السيارات، لا يعني تقليص كمية استهلاك المياه.
كما انتقد العديد من الجمعيات هذا القرار، مبرزة أنه لا يراعي الظروف الاقتصادية للمهنيين بالحمامات ومحلات غسل السيارات، وأكدت أن هذا الإغلاق سيؤثر بلا شك على نمط عيشهم ومدخولهم، على اعتبار أن أغلبهم يتلقون راتبهم بشكل يومي، مشيرين إلى أن هذا القرار سيساهم في إحالتهم إلى البطالة، إما بشكل جزئي وإما بشكل كلي، مما سيعمق معاناتهم ويفاقم ظروف معيشتهم.
وفي هذا السياق، وجهت الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات التقليدية والرشاشات بالمغرب، مراسلة إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، طالبته فيها بتعليق قرار إغلاق الحمامات لثلاثة أيام في الأسبوع. مؤكدة أن هذا القرار سيحرم ما يزيد على 200 ألف من شغيلة الحمامات من مدخولهم اليومي طوال مدة الأيام الثلاثة، «وهو ما سيؤثر سلباً على الطاقة الشرائية لهذه الفئة العريضة»، بحسب تعبيرهم.