القضاء التونسي يبدأ محاكمة المتهمين في اغتيال بلعيد

أنصار «الوطد» نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بمحاسبة الجهات التي تقف وراء العملية

القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
TT

القضاء التونسي يبدأ محاكمة المتهمين في اغتيال بلعيد

القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)

بدأ القضاء التونسي، اليوم الثلاثاء، أولى جلسات المرافعة المخصصة لقضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، على أن تعقد خلال الأيام المقبلة جلسات أخرى تخصص للاستماع لهيئة الدفاع عن بلعيد، ولهيئة الدفاع عن المتهمين، فيما يتوقع عدد من الحقوقيين بأن تطول المحاكمة لعدة أسابيع أو شهور، بالنظر إلى أن عدد المتهمين يصل إلى 23 متهماً، من بينهم 14 موقوفاً و9 متهمين بحال سراح، وأيضاً لأن الملف ثقيل، وبه كثير من التعقيدات القانونية والسياسية.

ورفض ثلاثة متهمين حضور الجلسة القضائية، فيما رفض متهم رابع عملية الاستنطاق من طرف المحكمة الابتدائية التي تنظر في الملفات التي لها علاقة بالإرهاب.

أنصار حزب «الوطد» في أحد اجتماعاتهم (موقع الوطد)

وقبل انطلاق المحاكمة، ضغطت مختلف الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية من أجل الكشف عن كل الحقائق والملابسات التي تلف حادثة الاغتيال التي وقعت بالعاصمة التونسية، على بعد مائة متر فقط من مركز للأمن التونسي، في السادس من فبراير (شباط) 2013. وبهذا الخصوص، توقع حاتم مزيو، عميد المحامين التونسيين، أن تصدر عن الجلسة أحكام قضائية «بعد طول مماطلة في السنوات الماضية»، على حد تعبيره، وقال إن اغتيال بلعيد «هو اغتيال لصوت الحق ولصوت المحامي الفصيح، الذي دافع عن الديمقراطية، ووقف أمام كل الأفكار الظلامية، مؤكداً مساندة هيئة المحامين لقضية بلعيد؛ «أولاً لكونه كان محامياً، وثانياً لأن اغتياله مثّل ضربة قاصمة للتعايش السياسي، ومن الضروري أن يلقى الجناة العقاب الذي يليق بهم».

وشهد مقر المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، صباح اليوم الثلاثاء، وقفة نظمها عدد من منتسبي حزب الديمقراطيين الموحد (الوطد)، الذي كان يتزعمه بلعيد، وناشطون سياسيون، للمطالبة بمحاسبة الجهات التي تقف وراء اغتيال بلعيد، والكشف عن كل الأطراف التي ساهمت في هذه الجريمة. ورفع أنصار الحزب لافتات تدين فترة حكم الترويكا، وتتهم رئيس حركة «النهضة»، راشد الغنوشي، بالوقوف وراء اغتيال بلعيد، والنائب البرلماني محمد البراهمي، الذي تم اغتياله في 25 يوليو (تموز) 2013. معتبرين أن تونس عاشت «عشرية سوداء»، ساد فيها الإرهاب والعنف السياسي، والتحريض على القتل ضد كل معارضي الإسلام السياسي.

وكان الرئيس قيس سعيد قد انتقد بشدة خلال لقاءاته مع وزيرة العدل، ليلى جفال، سير ملف قضيتي الاغتيال، داعياً المحكمة إلى البت في الجريمتين، بعد نحو عقد من الزمن دون إحراز تقدم يذكر.

أنصار حزب «الوطد» اتهموا رئيس حركة «النهضة» بالوقوف وراء اغتيال بلعيد والبرلماني محمد البراهمي (رويترز)

من جهته، كشف زياد بالأخضر، رئيس حزب (الوطد)، عن أن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في ملفّ «الجهاز السري»، الذي كشفت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، عن تورطه في عملية اغتيال بلعيد والبراهمي، قد استمع لإفادته في الأول من هذا الشهر، باعتباره الممثّل القانونيّ للحزب.

بدوره، قال عبد المجيد بلعيد، شقيق شكري بلعيد، إن الجميع ينتظر أن تتم محاسبة الشخصيات المتورطة في الاغتيال، واعتبر أن تصفية شقيقه كانت «سياسية، الهدف منها إسكات صوته، الذي كان عالياً ضد المشاريع التدميرية للإسلام السياسي في تونس»، على حد تعبيره. وأشاد بما سماها «الإرادة السياسية الحالية التي تدفع باتجاه محاسبة الجناة والإرهابيين، الذين نفذوا وخططوا وقاموا باغتيال رئيس حزب (الوطد)»، معتبراً أن القضاء كان في السابق «تحت ضغط حزب حركة (النهضة) وأعوانها، الذين حاولوا في أكثر من مناسبة طي الملف وإغلاقه، مع الإشارة إلى أن قيادات النهضة طالما دحضت الاتهامات التي توجهها أطراف يسارية لها، وتقول إنها صادرة عن أطراف معادية لوجودها في المشهد السياسي التونسي».

يذكر أن جريمتي اغتيال بلعيد والبراهمي مثلتا، بحسب مراقبين، «محطة فارقة في تاريخ تونس بعد الثورة، وزلزالاً سياسياً» دخلت تونس على إثره في أزمة سياسية حادة لم تخرج منها إلا بإقرار حوار وطني، تمخض عن خروج حكومة الترويكا، بزعامة حركة «النهضة» من الحكم



مصر: إحالة أوراق «سفاح التجمع» إلى المفتي تمهيداً لإعدامه

المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)
المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: إحالة أوراق «سفاح التجمع» إلى المفتي تمهيداً لإعدامه

المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)
المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)

أحالت محكمة «الجنايات المستأنفة» في مصر، الخميس، أوراق المتهم كريم محمد سليم، المعروف إعلامياً بـ«سفاح التجمع»، إلى مفتي الديار المصرية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه، وحددت المحكمة جلسة 25 ديسمبر (كانون الأول) المقبل للنطق بالحكم، وهو القرار الذي جاء بعد تقديم المتهم طعناً على حكم سابق (أول درجة) بإعدامه. وعدّ قانونيون «قرار المحكمة خطوة تمهّد لإعدامه».

وكانت محكمة «جنايات أول درجة القطامية» بمصر قد قضت في سبتمبر (أيلول) الماضي، بالإعدام شنقاً لـ«سفاح التجمع»، بعد أن أخذت رأي مفتي البلاد، على خلفية إدانته بـ«قتل 3 سيدات والتخلص من جثثهن في الطريق الصحراوي بين محافظات القاهرة وبورسعيد والإسماعيلية»، وهي «الجرائم التي ارتكبها في الشقة التي يقيم فيها بضاحية التجمع الخامس شرق القاهرة، بعد معاشرتهن جنسياً وتخديرهن، مع تصويره لهن خلال ارتكاب جرائمه»، وفق ما جاء في أوراق القضية.

وشهدت جلسة، الخميس، انهيار المتهم وبكاءه بالتزامن مع استماع المحكمة لدفوع محاميه الذي أكد معاناة موكله من عدة أمراض نفسية منها «اضطراب ثنائي القطب» و«السيكوباتية»، مشيراً إلى أن ارتكاب جرائمه بغرض الانتقام ورغبته في «إثبات رجولته» بعد تشكيك طليقته فيها. كما استند دفاع المتهم إلى وجود «قصور في الإجراءات»، والحصول على اعترافات موكله تحت تأثير تعاطيه المواد المخدرة؛ إذ سبق أن قام بمعاينة تمثيلية للجرائم التي ارتكبها أمام النيابة العامة.

وطلب دفاع المتهم في الجلسة تعديل «القيد والوصف» في القضية ليكون «ضرب أفضى إلى موت» وليس «القتل العمد» مع زعمه «عدم وجود دليل مادي» على ارتكاب جرائم القتل العمد لضحاياه، وهو الطلب الذي فسره المحامي المصري محمد وحيد، باعتباره «محاولة لإقناع المحكمة باستبعاد حكم الإعدام بحق المتهم».

وأضاف وحيد لـ«الشرق الأوسط» أن قرار المحكمة بإحالة أوراق المتهم للمفتي «يعكس عدم قناعتها بالدفوع التي قدمها محامي المتهم، واعتزامها إصدار حكم نهائي بالإعدام ما لم يكن هناك (مستجدات جوهرية)» في القضية قبل إصدار الحكم في الجلسة المقبلة.

وكانت محكمة «أول درجة» قد شاهدت في «جلسات سرية» مقاطع فيديوهات مصورة بمعرفة المتهم يصل عددها إلى 50 مقطعاً مصوراً و20 تسجيلاً صوتياً، تضمنت وقائع تعذيب الضحايا، ووُصفت بأنها «خادشة للحياء»، وتسببت في انسحاب عدد من محامي هيئة دفاع المتهم من القضية.

وبحسب المحامي المصري هشام رمضان، فإن قرار المحكمة بالإحالة للمفتي يعكس قناعة المحكمة بإدانة المتهم بإجماع الآراء، مشيراً إلى أن تأييد حكم محكمة الجنايات بإعدام المتهم المتوقع صدوره في الجلسة المقبلة، بمثابة «استنفاد لمسارات الطعن العادية أمام القضاء».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن عقوبة الإعدام التي تواجه المتهم تفرض على النيابة العامة الطعن على الحكم أمام محكمة «النقض» حال لم يطعن المتهم بنفسه على الحكم خلال 60 يوماً من صدور حكم «الاستئناف»، وأوضح أنه في حال قناعة «النقض» بوجود ما يشوب حكم «الاستئناف» من ملاحظات، يُقبل الطعن وتعاد محاكمة المتهم من البداية، لكن في حال تأييد المحكمة للحكم ورفض الطعون المقدمة، يصبح الحكم باتاً ونهائياً وغير قابل للطعن.

وكانت النيابة المصرية قد طالبت بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم لارتكابه جرائم القتل والتمثيل بالجثث، مع «تنفيذ جرائمه بدم بارد»، مع التأكيد على قيامه بـ«معاشرة القاصرات تحت تأثير المخدرات، وخرق كل القوانين، واستباحة كل الحرمات، وقتل إناث دون ذنب».