لماذا يرفض أنصار القذافي الدعوة لعودة ليبيا إلى «الملكية الدستورية»؟

تحدثوا عن «مؤامرة» تحيكها مخابرات غربية على الشعب

جانب من وقفة احتجاجية سابقة أمام مقر البعثة الأممية بجنزور لممثلين عن اتحاد قبائل ليبيا (من مقطع فيديو)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة أمام مقر البعثة الأممية بجنزور لممثلين عن اتحاد قبائل ليبيا (من مقطع فيديو)
TT

لماذا يرفض أنصار القذافي الدعوة لعودة ليبيا إلى «الملكية الدستورية»؟

جانب من وقفة احتجاجية سابقة أمام مقر البعثة الأممية بجنزور لممثلين عن اتحاد قبائل ليبيا (من مقطع فيديو)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة أمام مقر البعثة الأممية بجنزور لممثلين عن اتحاد قبائل ليبيا (من مقطع فيديو)

أثارت اللقاءات المتتالية، التي يجريها الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي مع شخصيات ليبية في إسطنبول، مخاوف أطراف سياسية في البلاد، بينها أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، عادين أن هناك «مؤامرة جديدة» تحيكها أجهزة استخباراتية أجنبية على الشعب.

ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992، والأول الذي يطالب بعض الليبيين بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد له لتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة»، يكثّف لقاءاته في الخارج مع شخصيات ليبية مختلفة.

السنوسي يتوسط أكاديميين وقيادات من غرب ليبيا (حساب السنوسي على منصة إكس)

وخلال الشهر الماضي، التقى السنوسي، المولود عام 1962، شخصيات ليبية بعضهم ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق، وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

وفيما أبدت أطراف ليبية كثيرة «ارتياحاً وقبولاً» بلقاءات السنوسي الخارجية «تحمساً لمشروعه»، وصف اتحاد القبائل الليبية، الموالي للقذافي، الدعوة لعودة الملكية في ليبيا «محاولة فاشلة»، تستهدف «إقصاء الشعب من تقرير مصيره واختيار النظام الذي يناسبه، وفق التطور والتقدم الذي يشهده العالم».

وحكم القذافي ليبيا قرابة 42 عاماً، عدّها معارضوه بأنها اتسمت بـ«الديكتاتورية»، قبل إسقاط نظامه بـ«الثورة» التي اندلعت في 17 فبراير (شباط) عام 2011.

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

ويرى باحث ليبي في علم الاجتماع السياسي، تحدث إلى «الشرق الأوسط» أن أسباب رفض أنصار النظام السابق عودة الملكية الدستورية، تتمثل في أنه «إذا كان هناك حديث عن عودة نظام قديم مثل النظام الملكي، فمن باب أولى، من وجهة نظرهم، أن سيف الإسلام القذافي هو الأقرب للعودة إلى حكم ليبيا».

وقال اتحاد القبائل في بيان أصدره مساء الأحد إنه «يرفض العودة إلى الخلف، كما يرفض الوصايا الأجنبية، ويدعو إلى الاحتكام إلى صناديق الانتخابات الحرة والنزيهة».

ويرى معارضو القذافي أنه «لم يجر أي انتخابات حقيقة في عهده، وظل متمسكاً بكرسي الحكم، على مدار ما يزيد على 4 عقود».

وسبق أن أطلقت مئات الليبيات مبادرةً تستهدف «إنقاذ البلاد من التخبط السياسي»، من خلال العودة إلى النظام الملكي، الذي سبق أن حكم ليبيا قبل مجيء القذافي إلى سدة الحكم عام 1969. كما يؤكد السنوسي في ختام كل لقاء بأطراف ليبية على إجرائه مشاورات «من أجل الوصول إلى حوار وطني ناجح، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ودعا اتحاد القبائل الليبية، الأمم المتحدة، ومن أسماهم «جميع الدول المتداخلة في شؤون الشعب»، إلى «رفع أيديهم عن الليبيين، وتركهم يقررون مصيرهم بإرادته»، وانتهى إلى أن «الشعب الذي التحم في درنة على قلب رجل واحد قادر على بناء دولته على أسس صحيحة يسودها العدل والمساواة، كما أنه قادر على الدفاع عن وطنه بسواعد قواته المسلحة».

وخلال المؤتمر الوطني الرابع لتفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا، الذي عقد بالعاصمة طرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، رأى المجتمعون أن «أي محاولة للبحث عن حلول تتجاهل الدستور، الذي كان قائماً في 31 أغسطس (آب) عام 1969، مخالفة للشرعية»، وذهبوا إلى أن «تجاهل هذا الدستور لا يعني بلغة المنطق والقانون إلا الاعتراف باغتصاب غير شرعي للسلطة».

غير أن الباحث الليبي في علم الاجتماع السياسي، الذي رفض ذكر اسمه، يعتقد أن حل الأزمة الليبية «لن يكون بعودة السنوسي، أو بسيف الإسلام القذافي أو غيرهما» لكن يأتي الحل «إذا اتفقت الدول المتصارعة على السيطرة حول العالم على موقف ما في ليبيا. لكن للأسف يبدو أنها متفقة مرحلياً على الحالة التي عليها ليبيا راهناً».

وعقد الأمير محمد السنوسي، آخر لقاءاته مطلع فبراير الحالي، مع وفد من النخب، والفعاليات الاجتماعية من الجبل الغربي وباطن الجبل ممن ينتمون إلى قبائل في المنطقة الغربية، وقال إنه «عبر لهم عن تقديره لدعمهم مساعي إنقاذ البلاد من تشتتها».


مقالات ذات صلة

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

 

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

 

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

 

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

 

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.