انفجارات قوية في محيط قيادة الجيش بالخرطوم

طفل يموت كل ساعتين في مخيم للنازحين... ونائب البرهان يؤكد أن الحكومة متفائلة بطريق «منبر جدة»

لاجئون سودانيون فروا من دارفور إلى أدري على الحدود مع تشاد في أغسطس (آب) العام الماضي (رويترز)
لاجئون سودانيون فروا من دارفور إلى أدري على الحدود مع تشاد في أغسطس (آب) العام الماضي (رويترز)
TT

انفجارات قوية في محيط قيادة الجيش بالخرطوم

لاجئون سودانيون فروا من دارفور إلى أدري على الحدود مع تشاد في أغسطس (آب) العام الماضي (رويترز)
لاجئون سودانيون فروا من دارفور إلى أدري على الحدود مع تشاد في أغسطس (آب) العام الماضي (رويترز)

قالت «منظمة أطباء بلا حدود» اليوم (الاثنين) إن طفلاً واحداً على الأقل يموت كل ساعتين في «مخيم زمزم» في شمال دارفور بغرب السودان، وهو أحد أكبر وأقدم مخيمات النازحين في البلاد. وقالت كلير نيكوليه، مسؤولة قسم الطوارئ بالمنظمة: «قبل اندلاع الصراع (بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع») في أبريل (نيسان) من العام الماضي، كان الناس في المخيم يعتمدون بشكل كبير على الدعم الدولي للحصول على الغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة وكل شيء. والآن، تم التخلي عنهم بالكامل تقريباً».

وتزامن موقف المنظمة مع تجدد المعارك بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في محيط القيادة العامة للجيش بشرق الخرطوم.

وأفاد سكان في العاصمة السودانية «الشرق الأوسط» بسماع أصوات انفجارات قوية ضربت مقر الجيش، وهزت الأحياء المجاورة له شرق العاصمة، ورجَّحوا أن تكون الضربات ناجمة عن قصف بالمدفعية الثقيلة. وقال مقيمون في المنطقة إنها تشهد لليوم الثاني اشتباكات عنيفة بين الطرفين بعد توقفها لأيام.

وقالت مصادر محلية إن مواقع «الدعم السريع» في مناطق جنوب الخرطوم أطلقت قذائف مدفعية على قاعدة عسكرية للجيش في منطقة وادي سيدنا، شمال أمدرمان، فرد الجيش بقصف مدفعي مماثل على تلك المواقع. وأشار شهود إلى تعرض مناطق في شرق وجنوب الخرطوم لقصف مدفعي، تركز على مواقع انتشار «قوات الدعم السريع».

مالك عقار نائب رئيس «مجلس السيادة» السوداني (إكس)

تفاؤل سوداني

إضافة إلى ذلك، أكد نائب رئيس «مجلس السيادة» في السودان، مالك عقار، الاثنين، انفتاح الحكومة على السلام في ظل رغبة جادة في إنهاء الحرب بالبلاد، معرباً عن «تفاؤل الحكومة بالطريق إلى الأمام عبر (منبر جدة)». وقال نائب رئيس «مجلس السيادة»، في بيان على حسابه بموقع «فيسبوك»، إنه التقى مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، و«تحدثتُ معه حول متطلبات وقف إطلاق النار».

وأشار مالك عقار إلى أهمية وجود ميسِّر موثوق به، يحترم سيادة السودان، لمناقشة الخطوات الإجرائية لوقف إطلاق النار. وأضاف: «أبلغت المسؤول الأممي بملاحظات السودان التي تقدم بها بشأن آلية الهيئة الحكومة الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) والآلية الموسعة للاتحاد الأفريقي، بجانب مبادرة دول الجوار، وحول (منبر جدة) للسلام». وقال: «نقلتُ كذلك تفاؤل حكومة السودان حول الطريق إلى الأمام عبر (منبر جدة)».

فيليبو غراندي حزين للوضع الحالي الذي يعانيه السودان (أ.ب)

وأعرب مفوض الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، عن حزنه للوضع الحالي الذي يعاني منه السودان، وفق البيان. وقال إن الأولوية الرئيسية للمفوضية هي اللاجئون، وأنها على استعداد لدعم النازحين داخلياً وخارجياً.

وقف فوري للحرب

من جهة ثانية، اتفق رئيس «حزب الأمة القومي»، فضل الله برمة ناصر، وقائد «حركة جيش تحرير السودان»، عبد الواحد النور، على ضرورة الوقف الفوري للحرب الدائرة في البلاد عبر «شراكة وطنية حقيقية» بين كل القوى السياسية التي تنادي بإيقاف الحرب.

رئيس «حركة جيش تحرير السودان» عبد الواحد النور ورئيس «حزب الأمة القومي» فضل الله برمة ناصر (موقع حزب الأمة على فيسبوك)

وشدد الجانبان -في بيان مشترك، الاثنين، عقب المشاورات التي جرت بينهما في جوبا عاصمة جنوب السودان- على بناء جبهة وطنية عريضة لا تستثني أحداً، عدا حزب النظام المعزول (المؤتمر الوطني) وواجهاته. وذكر البيان أن أجندة الاجتماعات: إيقاف الحرب، ومواجهة إفرازاتها الإنسانية والاجتماعية، عبر تكوين جبهة واسعة.


مقالات ذات صلة

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
خاص القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس) play-circle 01:52

خاص ماذا نعرف عن شقيق حميدتي الذي عاقبته واشنطن؟

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على السوداني القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع»، محمد دقلو، الشهير بـ(حميدتي).

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

السودان: مخاوف من عودة رموز حزب البشير للواجهة

أعرب نشطاء سياسيون في السودان، عن مخاوفهم جراء الظهور العلني المتكرر لرموز من حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد سابقاً طوال عهد الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود سودانيون من وحدة «قوات الدعم السريع» (أ.ب)

الجيش السوداني يعلن «تطهير ولاية النيل الأزرق من التمرد»

أعلنت القوات المسلحة السودانية استعادة السيطرة على منطقة جريوة بولاية النيل الأزرق، التي كانت خاضعة لـ«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا تحصى دون تحرك فوري لوقفها

قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط، اليوم (الثلاثاء)، إن حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا حصر لها دون اتخاذ إجراءات فورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
TT

محادثات «فتح» و«حماس» بالقاهرة... هل «تُقلص فجوات» اليوم التالي لـ«حرب غزة»؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

محادثات مكثفة بين حركتي «فتح» و«حماس» بالقاهرة على مدار يومين، ضمن مساعي الوصول إلى توافقات مشتركة في قضايا مرتبطة بالتطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية و«توحيد الصف الفلسطيني» وعدد من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة في قطاع غزة.

ووفق مصدر فلسطيني، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن تلك المحادثات «تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من (حرب غزة) التي تجاوزت العام، وتقليص (الفجوات المحتملة)».

وتعود شرارة تلك المحادثات لما قبل سؤال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، باسم نعيم، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن الأنباء التي ترددت عن توافق «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع والمعابر «مدنياً»، قبل أن يجيب نعيم بقوله: «غير صحيح»، لافتاً حينها إلى أنه سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن خلال لقاء بين الحركتين، في إشارة إلى أن الاجتماع سيتناول ترتيبات خاصة بإدارة القطاع والجانب الفلسطيني من معبر رفح، الذي كانت تسيطر عليه «حماس» قبل الحرب، قبل أن تحتله إسرائيل في مايو (أيار) الماضي.

رد فعل فلسطينيين في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأعلنت حركة «فتح»، في بيان صحافي، قبل أسبوع، عن عقد اجتماع في القاهرة مع «حماس»، غير أنه لم يتم، دون تقديم الحركتين تفسيراً، ليلتئم بعدها، الثلاثاء، مع وصول وفود من الحركتين إلى القاهرة؛ لبحث «التوصل إلى المصالحة»، بحسب إعلام فلسطيني وإسرائيلي.

وشهدت محادثات اليوم الأول مناقشات تهدف إلى «ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة»، وبحث «آلية عمل اللجنة المعنية بإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الأربعاء، عن مصادر مصرية، لم تسمّها.

وترأس وفد «حماس»، في اجتماع القاهرة، عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، بحسب بيان للحركة، الأربعاء، مشيرة إلى أن حركة «فتح» تشارك في الاجتماع برئاسة نائب رئيس الحركة، محمود العالول، بهدف «بحث العدوان على قطاع غزة والتطورات السياسية والميدانية وتوحيد الجهود والصف الوطني».

طفل جريح يتلقى العلاج في مستشفى ناصر بعد القصف الإسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وركّزت اجتماعات اليوم الأول بين «فتح» و«حماس» على «التطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني»، و«ناقشت عدداً من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة»، وتم مدّ الاجتماعات ليوم ثانٍ، الخميس، بحسب ما ذكرته قناة «القاهرة الإخبارية»، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام فلسطينية ومصرية، عن اتفاق بشأن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون غزة «حياتياً، وليس سياسياً»، ولا سيما إدارة معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وتوفير المستلزمات الحياتية من أدوية وتعليم وصحة وغذاء.

وبحسب معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، فإن الاجتماعات بين الحركتين بدأت ببحث لجنة مهنية لإدارة قطاع غزة، مستدركاً: «لكن (حماس) مُصرة ألا تكون لجنة، وأن تكون حكومة تكنوقراط مسؤولة عن القطاع والضفة».

كما تمت مناقشة إطار جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقودها «فتح»، لبحث ضمّ حركات أخرى، وفق معلومات الرقب، الذي أشار إلى أن «هذه المحادثات لم تنضج وتصل لاتفاق بشكل قطعي، وسط محاولات لتفكيك أي تباينات».

وقال الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، يفترض أن تلك المحادثات تسعى لقطع الطريق على إسرائيل لعرقلة أي ترتيبات مرتبطة باليوم التالي من حرب غزة، التي تجاوزت العام، وتقليص الفجوات المحتملة، موضحاً: «لكن التعنت الإسرائيلي سيبقى تهديداً محتملاً سيواجه مخرجات الاجتماع المصري، سواء بالاتفاق أو مزيد من المباحثات لتقريب وجهات النظر».

دخان ولهيب يتصاعدان من منزل أصيب بغارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وتأتي الاجتماعات وسط جمود مفاوضات «هدنة غزة» منذ أسابيع، على خلفية تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بشروط، أبرزها عدم الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح و«محور فيلادلفيا»، الحدودي مع مصر، ورفض بقاء «حماس» بالسلطة في اليوم التالي من انتهاء الحرب.

ولذا، فإن هذا التعنت الإسرائيلي، الذي عطّل مسار وقف الحرب لعام، سيحاول، مهما كانت اتفاقات القاهرة وقدرتها على تقليص أي فجوة محتملة، أن يضع عراقيل أمامها، بحسب الرقب، الذي أشار إلى أن «البيان الختامي سيضع النقاط فوق الحروف بشأن مستقبل مسار التسوية الداخلية، وقد تتبعه اجتماعات أخرى مستقبلية، تضم كل الفصائل، لتعظيم نقاط الخلاف والابتعاد عن أي خلافات».

وفي يوليو (تموز) الماضي، توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية. وسبق أن وقّعت حركتا «حماس» و«فتح» اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية، القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك به، ووصفه بـ«الاتفاق النهائي لإنهاء الانقسام الفلسطيني»؛ لكن لم يُترجم شيء من الاتفاق على أرض الواقع.

وكل هذه الاتفاقات السابقة يمكن البناء عليها، وفق أيمن الرقب، في توحيد الصف الفلسطيني، غير أنه يرى «أهمية أن يدعم المجتمع الدولي مسار تلك الاتفاقات، ويعززها حتى لا تعرقلها إسرائيل مجدداً».