فرضت اللقاءات المتتالية، التي يجريها الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، مع شخصيات ليبية في إسطنبول نفسها على الأوضاع الجارية في البلاد، وطرحت سؤالاً ملحاً حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته العديدة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة؟
ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.
ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزر ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف من لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضهم ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق، وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».
في استمرار للجولة الرابعة مع المشاورات واللقاءات التي نجريها في سعينا نحو انجاح المساعي نحو حوار وطني شامل تحت مظلة الشرعية الدستورية الملكية ، التقيت بكل الترحاب وفداً مُقدراً من النخب والفاعليات الاجتماعية من الجبل الغربي وباطن الجبل من مختلف القبائل المحترمة من المنطقة الغربية... pic.twitter.com/8zdlkghUzc
— Mohammed El-Senoussi (@CPofLibya) February 1, 2024
وعبّر السنوسي عن سعادته في الجولة الرابعة من المشاورات بالنقاش مع «النخب والفعاليات الاجتماعية من الجبل الغربي وباطن الجبل، من مختلف القبائل المحترمة من المنطقة الغربية»، مشدداً على «دعمهم لمساعي إنقاذ البلاد من تشتتها ووهنها».
ومحمد المولود عام 1962، الذي يطالب بعض الليبيين بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد له لتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة»، دائم الاشتباك مع الأحداث الجارية في بلده، إما بإطلاق المبادرات أو البيانات. وخلال الأسبوعين الماضيين انتشرت شائعات تتحدث عن «عقد صفقة» بين السنوسي وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، تضمن تسهيل عودة الملكية لليبيا، وهو الأمر الذي قلل من أهميته أحد المقربين من الأمير محمد، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «ليس في حاجة إلى عقد صفقات؛ وهناك قبول وتفهم لمشروعه المتكامل، الذي يعتمد على دستور الاستقلال».
وتباينت ردود الأفعال حيال تحركات ولقاءات السنوسي بأطراف ليبية، بين من يرى عودة الملكية حلاً لأزمات البلاد، وبين من يعدها «خلطاً للأوراق ولعبة استخباراتية غربية»، وهو ما ذهب إليه خالد سليمان الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للشؤون الخارجية، الذي رأى أن هذه اللقاءات «تجرى برعاية إنجليزية».
وسبق أن أطلقت مئات الليبيات مبادرةً تستهدف «إنقاذ البلاد من التخبط السياسي»، من خلال العودة إلى النظام الملكي، الذي سبق أن حكم ليبيا قبل مجيء الرئيس الراحل معمر القذافي إلى سدة الحكم عام 1969.
واستندت المبادرة، التي جاءت تحت عنوان «سيدات ليبيا لإنقاذ الوطن»، ووقعت عليها قرابة 300 مواطنة، إلى أنه «لا يوجد مشروع سياسي واضح يحل تعقيدات المشهد الراهن، ويحد من حالة الفشل في إدارة شؤون البلاد، وينهي التدخلات الإقليمية والدولية». وقالت السيدات الموقعات الداعمات لهذه المبادرة آنذاك: «نحن سيدات ليبيا من أبناء شعبنا الكريم، نتقدم بهذه المبادرة من أجل إنقاذ وطننا، وهي تتلخص في تفعيل دستور الاستقلال، وإعلان العودة الفورية للشرعية الدستورية التاريخية المغتصبة، كما كانت عليها البلاد حتى 31 أغسطس (آب) عام 1969».
وفي مواجهة أنصار السنوسي المطالبين بتنصيبه ملكاً على البلاد، يعتبر سياسيون ليبيون أنه «ليس من المقبول، بعد ما شهدته البلاد من أحداث جسام وتفاعلات ساخنة، أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يقبل أنصار القذافي، وأنصار حفتر (القائد العام للجيش الوطني)، و(ثوار 17 فبراير) أن تحكمهم الملكية، ويتوج عليهم رجل غادر البلاد وهو ابن سبع سنين».
استقبلت بكل الترحاب وفداً يمثل نخبةً من الأخوة الطوارق الأفاضل في استمرار لمشاوراتنا المكثفة من أجل الوصول إلى حوار وطني ناجح تحت مظلة الشرعية الدستورية الملكية .مكون الطوارق هو جزء أصيل ومهم من مكونات مجتمعنا الليبي الوطني الكريم وهذا ساهم في إثراء النقاش الذي دار بيننا اليوم... pic.twitter.com/WnwEKfRFvo
— Mohammed El-Senoussi (@CPofLibya) January 30, 2024
ويؤكد السنوسي في ختام كل لقاء بأطراف ليبية على إجرائه مشاورات «من أجل الوصول إلى حوار وطني ناجح، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».
وخلال المؤتمر الوطني الرابع لتفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا، الذي عقد بالعاصمة في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، رأى المجتمعون أن «أي محاولة للبحث عن حلول تتجاهل الدستور، الذي كان قائماً في 31 أغسطس (آب) عام 1969، مخالفة للشرعية»، وذهبوا إلى أن «تجاهل هذا الدستور لا يعني بلغة المنطق والقانون إلا الاعتراف باغتصاب غير شرعي للسلطة»، بعدما رأوا أنه «يقيم الحق، ويمنع الظلم، ويساوي بين أبناء الوطن، ويعدل في توزيع الثروات».