لماذا أصبحت «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي «ترنداً» في مصر؟

مدينة العلمين الجديدة في مصر (صفحة مدينة العلمين الجديدة على «فيسبوك»)
مدينة العلمين الجديدة في مصر (صفحة مدينة العلمين الجديدة على «فيسبوك»)
TT

لماذا أصبحت «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي «ترنداً» في مصر؟

مدينة العلمين الجديدة في مصر (صفحة مدينة العلمين الجديدة على «فيسبوك»)
مدينة العلمين الجديدة في مصر (صفحة مدينة العلمين الجديدة على «فيسبوك»)

على مدار الأيام القليلة الماضية شغلت مدينة رأس الحكمة المصرية، الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حتى باتت «ترنداً»، الجمعة، إثر «مزاعم» عن بيع المدينة، سرعان ما نفتها القاهرة، مع تأكيد رغبتها في «تنمية المدينة بالشراكة مع كيانات عالمية ذات قدرة تمويلية».

ومع نهاية الأسبوع الماضي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن بيع المدينة لمستثمرين عرب، متسائلين عن جدوى البيع. وتزامناً مع حالة الجدل المتصاعدة خلال الساعات الماضية، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الخميس، عن مصدر مسؤول قوله: إن «الدولة المصرية تعكف حالياً على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة، تُمكن الدولة من وضع المدينة على خريطة السياحة العالمية، خلال 5 سنوات على الأكثر كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم».

وأكد المصدر المسؤول، حسب «القاهرة الإخبارية»، أنه «يجري بالفعل التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يُعلن قريباً عن بدء تنمية المنطقة التي تبلغ مساحتها أكثر من 180 كم مربعاً».

يأتي مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة في إطار مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052، الذي يستهدف منطقة الساحل الشمالي الغربي، بوصفها من «أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية المستقبلية لمصر»، حسب المصدر المسؤول. ويستهدف المخطط تنمية مدن عدة إلى جانب رأس الحكمة هي: النجيلة، وجرجوب، إضافةً لتطوير المدن القائمة مثل مرسى مطروح والسلوم.

الإعلامي المصري أحمد موسى، دخل على خط «الترند»، وبشَّر، في منشور عبر حسابه الرسمي على «إكس»، في ساعة مبكرة، الجمعة، بما عدَّه «خيراً للبلاد» سيسهم في حل أزمة الدولار. وقال: «قريباً 20 مليار دولار دفعة واحدة لإنهاء أزمة سعر الصرف، تنمية وشراكة مصرية وعربية وعالمية في رأس الحكمة. تنمية واستثمار مباشر وتمويل من الخارج».

وأثار منشور موسى تفاعلاً وجدلاً متزايداً على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات لما عدّه البعض «بيعاً للأصول المصرية».

وتتْبع رأس الحكمة محافظة مرسى مطروح، وتقع رأس على الساحل الشمالي، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي، حتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم. وفي أغسطس (آب) الماضي قررت الحكومة المصرية، ممثلةً في وزارة الإسكان، إنشاء مدينة رأس الحكمة الجديدة على مساحة 55 ألف فدان. وأكد وزير الإسكان المصري د.عاصم الجزار، آنذاك أن «المدينة ستكون ﻣﻘﺻداً ﺳﯾﺎﺣياً ﻋﺎﻟﻣياً، ﯾﺗﻣﺎشى ﻣﻊ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻟشمالي الغربي».

جاء قرار تنمية المدينة، لاحقاً لقرار رئاسي صدر عام 2020 بإعادة تخصيص قطع أراضٍ في الساحل الشمالي الغربي بإجمالي مساحة تتجاوز707 آلاف فدان لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها في إقامة مجتمعات عمرانية جديدة.

طموحات تطوير المدينة تعود إلى عام 1975 عندما صدر قرار رئاسي بإخلائها من سكانها لإقامة مشروع سياحي، لكنّ المشروع لم ينفَّذ، حسب موقع خريطة مشروعات مصر.

واشتهرت مدينة رأس الحكمة باستراحة ملكية أنشأها الملك فاروق للاستجمام، تحولت عقب ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 إلى استراحة رئاسية، استخدمها رؤساء مصر السابقون منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.

وفي الآونة الأخيرة بدأت شركات التطوير العقاري تمد أنشطتها على طول الساحل الشمالي لإنشاء قرى ومنتجعات سياحية، حيث عدَّ خبراء مدينة رأس الحكمة «مستقبل الساحل الشمالي السياحي». وهو ما أكده رئيس قطاع تطوير الأعمال في موقع «عقار ماب» المتخصص في تسويق العقارات بمصر، أحمد عبد الفتاح، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «معدل الطلب على منطقة الساحل الشمالي الغربي ورأس الحكمة تضاعَف الصيف الماضي أربعة مرات مقارنةً بما كان عليه عام 2020».

وأوضح عبد الفتاح أن «مخطط تطوير منطقة الساحل الشمالي يعود للثمانينات من القرن الماضي، وفي كل فترة تشهد إحدى مناطقه رواجاً، حتى وصلت أخيراً إلى مدينة العلمين الجديدة وبعدها رأس الحكمة». وقال إن «مثلث رأس الحكمة يعد سوقاً واعدة سياحياً، حيث تُقبل شركات التطوير العقاري والسياحي العربية والمصرية على الاستثمار فيها، لا سيما مع زيادة عدد الفنادق وتطوير البنية التحتية السياحية».

وعلى المستوى العقاري، أشار عبد الفتاح إلى أن «ثقافة المنزل المصيفي منتشرة في مصر، حيث يحرص كثير من العائلات على توفير وحدة مصيفية، مما يجعل الطلب متزايداً على مدن مثل رأس الحكمة وغيرها على امتداد الساحل الشمالي».


مقالات ذات صلة

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الرئاسة المصرية)

السيسي: الأوضاع المضطربة في المنطقة تفرض بناء قدرات شاملة لحماية مصر

أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لـ«حماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)

زيادة مرتقبة لأسعار خدمات الاتصالات تعمق أزمة الغلاء بمصر

أثار حديث مسؤول حكومي مصري عن زيادة مرتقبة في أسعار خدمات الاتصالات مخاوف لدى المصريين من موجة غلاء جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من المحادثات المصرية - الإيطالية للتعاون في مجال المياه (الري المصرية)

تعاون مصري - إيطالي لمجابهة «الفقر المائي»

تعاني مصر من «عجز مائي» بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً».

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.