سكان زليتن الليبية يهجرون ديارهم... وحكومة حمَّاد تعلن «الطوارئ»

بعد أن أصبحت المدينة مهددة بالغرق بسبب تدفق المياه الجوفية

جانب من المياه الجوفية التي يشتكي منها سكان مدينة زليتن (صفحات تابعة للمدينة)
جانب من المياه الجوفية التي يشتكي منها سكان مدينة زليتن (صفحات تابعة للمدينة)
TT

سكان زليتن الليبية يهجرون ديارهم... وحكومة حمَّاد تعلن «الطوارئ»

جانب من المياه الجوفية التي يشتكي منها سكان مدينة زليتن (صفحات تابعة للمدينة)
جانب من المياه الجوفية التي يشتكي منها سكان مدينة زليتن (صفحات تابعة للمدينة)

يتخوف سكان مدينة زليتن، الواقعة في غرب ليبيا، من غرق منازلهم، بعد ازدياد منسوب المياه الجوفية التي دفعت مئات منهم إلى هجرها إثر سقوط بعضها، وإجلاء السلطات المحلية لآخرين إلى مناطق أكثر أمناً.

ومنذ نهاية الشهر الماضي، ارتفعت شكاوى مواطني زليتن، البالغ عددهم 350 ألف نسمة، من انبعاث مياه جوفية بشكل كبير من أسفل منازلهم، وفي ساحات عديدة بالمدينة، الأمر الذي تسبب في تضرر مئات المنازل، وسط توجيه اتهامات لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بـ«التقصير» في التصدي لـ«الكارثة».

حماد يلتقي نواباً عن مدينة زليتن لدرس مشكلة ارتفاع منسوب المياه (الحكومة الليبية)

وأصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية كمبلغ يخصص للطوارئ. (الدولار يساوي 4.81 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار. كما قرر حماد خلال لقائه أعضاء مجلس النواب الليبي عن مدينة زليتن، توفير 10 آليات لمواجهة الأزمة، وتوجيه وزير الصحة بتوفير كافة الأدوية الخاصة باللشمانيا والحساسية الجلدية.

وتعمل السلطات المحلية بشكل متسارع على إزالة المياه التي حوَّلت كثيراً من شوارع زليتن إلى برك ومستنقعات؛ لكنها سرعان ما تتجمع سريعاً، وسط مناشدة المواطنين للحكومة «بسرعة إنقاذ منازلهم، بعدما هبط بعضها عن سطح الأرض».

وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أعيتنا الحيل؛ فكلما سحبنا كمية من المياه المتجمعة عادت أكثر من الأول، وأصبحنا نعاني من البعوض والحشرات والناموس الكثيف».

وتحدث مصطفى البحباح، رئيس لجنة الأزمة وعضو مجلس زليتن البلدي، عن أبعاد «الكارثة»، وقال إن «عدد البيوت المتضررة من ارتفاع منسوب المياه الجوفية يتجاوز ألفي منزل، وقد تم إجلاء عشرات العائلات».

صورة توضح مدى ارتفاع منسوب المياه في زليتن (صفحات تابعة للمدينة)

ووجه البحباح -في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية- نداءً إلى السلطات المعنية بالبيئة «بسرعة التدخل» لمواجهة «الكارثة» بسبب انتشار الحشرات، لافتاً إلى أن البلدية «لم يعد في استطاعتها ردم البرك والمستنقعات وتكتفي بشفط المياه، نظراً لقلة إمكاناتها»؛ لكنه أشار إلى «قرب وصول فريق خبراء أجنبي، استدعته الحكومة للوقوف على أسباب تدفق المياه الجوفية إلى سطح الأرض».

وتعرض طفل يبلغ من العمر عاماً ونصف عام، ويدعى غسان زغيليل، للغرق في مستنقع للمياه قبالة منزله، وجرى إسعافه بعد نقله إلى مستشفى بالمدينة.

في سياق ذلك، نظم مركز البحوث والدراسات العلمية بالجامعة الأسمرية الإسلامية بزليتن، ندوة علمية للوقوف على أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمدينة، انتهى فيها عدد من الأكاديميين إلى مجموعة من التوصيات، من بينها إعلان حالة الطوارئ في البلدية، واعتبار زليتن مدينة «منكوبة»، مطالبين الحكومة بالاضطلاع بمسؤولياتها و«إيجاد الحلول السريعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».

كما دعا المركز إلى «ضرورة صرف ميزانية طوارئ لزليتن لتنفيذ الحلول العاجلة، وجبر الضرر للمواطنين المتضررين»، والإسراع بتكليف مكتب استشاري ذي خبرة لدراسة الظاهرة، ووضع حلول نهائية لها، والإسراع في تنفيذ ما يتم التوصل إليه.

وسبق أن وعدت حكومة الدبيبة بحل المشكلة؛ لكن سكان المدينة يقولون إنهم «لم يلحظوا أي استجابة فعلية للجان الحكومية المشكلة للتعامل مع الكارثة».

وزار إبراهيم العربي منير، وزير البيئة بحكومة الدبيبة، صباح اليوم (الثلاثاء)، مدينة زليتن، رفقة مدير إدارة التغيرات المناخية والتنمية المستدامة بالوزارة، وعدد من الاختصاصيين، وذلك لمناقشة آخر المستجدات فيما يخص ارتفاع منسوب المياه بالمدينة.

وقالت حكومة «الوحدة»، اليوم الثلاثاء، إن وزارة الشؤون الاجتماعية أرسلت مساعدات إنسانية إلى مدينة زليتن، وأمرت بتوفير كافة الاحتياجات للعائلات التي نزحت من منازلها؛ موضحة أنها أرسلت أيضاً فرقاً لإعداد تقرير عاجل لتقييم حجم الضرر الذي لحق بالأسر، وخصوصاً النساء والأطفال وذوي الإعاقة، والعمل على التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص بالبلدية، قصد تخفيف المعاناة عن سكان المناطق المتضررة.

ودعا مركز البحوث والدراسات العلمية بالجامعة الأسمرية الإسلامية بزليتن، وزارتي الحكم المحلي والموارد المائية، إلى دراسة الآثار البيئية وتأثيرات ارتفاع المنسوب على البيئة، ودعم مختبر تحاليل المياه التابع لإدارة شؤون الإصحاح البيئي في زليتن بكل الإمكانات، قصد متابعة مصادر تلوث المياه، واتخاذ الإجراءات بالخصوص. كما أوصى خبراء مركز البحوث بإعادة تأهيل آبار المراقبة البيزومترية، لمراقبة التغيرات التي تطرأ على مناسيب المياه الجوفية ومراقبة نوعية المياه.

ودخلت لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب على خط الأزمة، وطالبت حكومة أسامة حمَّاد وجميع جهات الاختصاص بمعالجة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن، تفادياً لوقوع كارثة إنسانية أو بيئة. وعبَّرت عن أمنيتها بالشفاء العاجل للطفل غسان زغيليل الذي سقط في مستنقع للمياه الناتج من ارتفاع منسوب المياه الجوفية قبالة منزله.


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)
TT

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة، وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي المستمر».

وقال إن «القوات الجوية تظل دائماً الذراع القوية للقوات المسلحة المصرية، التي تمتلك القدرة على تنفيذ مختلف المهام التي تسند إليها على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية للدولة المصرية». جاء ذلك خلال زيارة القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، الفريق أول عبد المجيد صقر، لإحدى القواعد الجوية، الأحد، بحضور رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري فإن «الزيارة تأتي في إطار المتابعة الميدانية لوحدات وتشكيلات القوات المسلحة، للوقوف على مدى الجاهزية والاستعداد القتالي لتنفيذ المهام كافة التي توكل إليها».

وأضاف أن القائد العام للقوات المسلحة قام بالمرور على «معرض أرضي» لعدد من الطائرات والمقاتلات متعددة المهام، واستمع إلى شرح تفصيلي لأحدث الأنظمة القتالية والأسلحة ومعدات الطيران التي زودت بها تلك الطائرات. وناقش عدداً من الطيارين في أسلوب التخطيط والتنفيذ للمهام المكلفين بها لتأمين المجال الجوي المصري تحت مختلف الظروف، كما تابع تنفيذ إقلاع عدد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ إحدى المهام التدريبية التي أكدت «قدرة وكفاءة عناصر القوات الجوية على أداء المهام بدقة عالية».

زيارة وزير الدفاع المصري تأتي في إطار المتابعة الميدانية لوحدات وتشكيلات القوات المسلحة (المتحدث العسكري المصري)

جولة وزير الدفاع المصري تأتي وسط توترات إقليمية عدة، أبرزها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والمستجدات في لبنان وسوريا. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، تفقد وزير الدفاع قاعدة «محمد نجيب» العسكرية شمال البلاد، مؤكداً حينها أهمية القاعدة باعتبارها «قوة ردع على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي»، وقدرتها على «صد أي عدائيات».

وبحسب بيان المتحدث العسكري المصري، الأحد، قام القائد العام للقوات المسلحة بالمرور على إحدى الدورات للتدريب على أعمال القتال الجوي التي تنفذ بمشاركة القوات الجوية المصرية وعناصر من القوات الجوية للدول الصديقة والشقيقة. ورحب بطياري الدول المشاركة بالدورات التدريبية المختلفة على أرض مصر، مؤكداً حرص القوات المسلحة على «دعم آفاق التعاون العسكري وتبادل الخبرات مع جيوش الدول الصديقة والشقيقة».

من جانبه، قال قائد القوات الجوية المصرية، الفريق محمود فؤاد عبد الجواد، إن «مقاتلي القوات الجوية يمتلكون القدرة لتأمين حدود الدولة والدفاع عن سماء مصر وترابها في ظل التحديات الراهنة».

قام وزير الدفاع المصري بالمرور على إحدى الدورات للتدريب على أعمال القتال الجوي (المتحدث العسكري المصري)

تأكيدات الجيش المصري جاءت غداة إعلان الحكومة الأميركية «الموافقة على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار».

وبحسب إفادة رسمية لـ«الخارجية الأميركية» فإن الوزارة أبلغت الكونغرس بموافقتها على «بيع تجهيزات خاصة بـ555 دبابة من طراز (إيه1 أم1 أبرامز) الأميركية الصنع بقيمة 4.69 مليار دولار، و2183 صاروخ جو - أرض من طراز (هلفاير) بقيمة 630 مليون دولار، وذخائر موجّهة بقيمة 30 مليون دولار». (الدولار الأميركي يساوي 50.88 جنيه في البنوك المصرية).

وكانت واشنطن قد علقت خلال السنوات القليلة الماضية نحو 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة لمصر، بعد ربطها باشتراطات تتعلق بملف «حقوق الإنسان». وفي سبتمبر الماضي، قررت الولايات المتحدة عدم تعليق جزء من مساعداتها العسكرية لمصر، لتحصل القاهرة على كامل قيمتها البالغة 1.3 مليار دولار، في خطوة عدها مراقبون آنذاك مؤشراً على «إدراك واشنطن لأهمية القاهرة في المنطقة».

القوات البحرية المصرية توقع عقد اتفاق مع «إدارة الهيدروغرافيا البحرية الفرنسية» (المتحدث العسكري المصري)

في سياق آخر، وقعت «شعبة المساحة البحرية المصرية»، الأحد، عقد اتفاق تقني مع «إدارة الهيدروغرافيا البحرية الفرنسية» في مجالات الملاحة، وذلك بحضور قائد القوات البحرية، الفريق أشرف عطوة.

وأفاد المتحدث العسكري المصري، بأن ذلك «في إطار تعزيز علاقات التعاون العسكري المشترك بين القوات البحرية المصرية والفرنسية لدعم وتعزيز قدرات القوات البحرية».

وأضاف أن الاتفاق يهدف إلى «بحث سبل تبادل المعرفة والخبرات في مجالات الهيدروغرافيا وعلوم المحيطات، واستكشاف فرص التعاون المستقبلي بين (شعبة المساحة البحرية) و(إدارة الهيدروغرافيا الفرنسية) لتعزيز القدرات العملية لكلا الطرفين».

وكذا «تطبيق إطار العمل الخاص بـ(المنظمة الهيدروغرافية الدولية)، الذي يمثل نقلة نوعية في تطوير خدمات الملاحة والمساحة وأعمال المسح البحري بما يحقق توطين التكنولوجيا وصناعة الخرائط الرقمية والبحرية وفقاً للمستويات الدولية، ويعزز المصالح المشتركة، ويدعم القدرات لكل الأنشطة البحرية المصرية، بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة للدولة».