الجزائر وفرنسا تنجزان خطوات متسارعة لتسوية «خلافات الذاكرة»

فريقان من البلدين يجريان مباحثات مكثفة حول «أرشيف الاستعمار»

الفريق الجزائري بلجنة «الذاكرة» مع الرئيس تبون في 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الفريق الجزائري بلجنة «الذاكرة» مع الرئيس تبون في 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر وفرنسا تنجزان خطوات متسارعة لتسوية «خلافات الذاكرة»

الفريق الجزائري بلجنة «الذاكرة» مع الرئيس تبون في 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الفريق الجزائري بلجنة «الذاكرة» مع الرئيس تبون في 2022 (الرئاسة الجزائرية)

يجري فريق من الباحثين الجزائريين في مجال التاريخ، منذ الخميس الماضي، اجتماعات بفرنسا في إطار مسعى لتسوية «نزاع الذاكرة»، الذي يحول دون إرساء علاقات عادية بين البلدين. وبحث أعضاء الفريق مع نظرائهم الفرنسيين «قضية أرشيف الاستعمار»، الذي تطالب به الجزائر، بينما تتحفظ باريس على التخلي عن جزء منه، بذريعة «أسرار الدفاع».

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وعقد الفريقان اللذان يشكلان ما يسمى «لجنة الذاكرة الجزائرية - الفرنسية»، الخميس الماضي، اجتماعاً بمقر الأرشيف الوطني الفرنسي بباريس، حيث تناولا قضية الأرشيف المصور والمكتوب، الذي يخص فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962)، خصوصاً مرحلة ثورة التحرير (1954- 1962). لكن لم تتسرب أي أخبار عن الاجتماع الذي حرصت السلطات الفرنسية على أن يجري بعيداً عن الإعلام.

وقالت مصادر على صلة بـ«اللجنة» لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادلات بين المؤرخين الجزائريين والفرنسيين تميزت بقدر عالٍ من المسؤولية، وقد أنجزوا تقدماً قياساً إلى الاجتماع الأول، وأجلوا معالجة بعض المسائل إلى الاجتماع المقبل المقرر في الجزائر، وتتعلق بقطع أثرية ومستندات تتعين على فرنسا إعادتها إلى الجزائريين، وكذلك رقمنة سجلات الأحوال المدنية والمقابر الفرنسية في الجزائر». وأكدت المصادر نفسها أنه لم يجرِ تحديد موعد للاجتماع المرتقب، مشيرة إلى أن إقامة الوفد الجزائري بفرنسا ستدوم أسبوعاً.

الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون بمطار الجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وكان الفريقان قد التقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بقسنطينة (شرق الجزائر)، التي وُلد ونشأ فيها رئيس فريق الباحثين الفرنسيين، المؤرخ الشهير بنجامان ستورا. علماً بأن المجموعة الجزائرية يقودها محمد الحسن زغيدي، بعدما ترأسها عند إطلاقها عام 2022 المستشار بالرئاسة عبد المجيد شيخي، الذي أُبْعِد عن هذه المهمة وعُزل من منصبه الحكومي في الوقت نفسه، لأسباب لم يعلن عنها.

ووفق المصادر ذاتها، فقد قضى أعضاء اللجنة، يومي الجمعة والسبت، بـ«مركز الأرشيف الوطني للأقاليم الفرنسية ما وراء البحار»، بمدينة آكس أون بروفونس بالجنوب الفرنسي، الذي يعد خزاناً ضخماً لملايين المواد ذات الصلة بتاريخ فرنسا في مستعمراتها السابقة، وفي الأراضي التي لا تزال تحت إدارتها بشتى بقاع العالم.

محمد زغيدي رئيس فريق الباحثين الجزائريين حول الذاكرة (الشرق الأوسط)

وكان الفريق الجزائري قد طلب عقد اجتماع «اللجنة» بهذا المكان، غير أن قصر الإليزيه فضّل أن يكون بباريس، وفق ما نشرته «إذاعة فرنسا الدولية» بموقعها. وتتضمن مهمة المؤرخين الجزائريين الخمسة زيارة إلى مدينة مرسيليا القريبة من «آكس»، التي تحتضن أيضاً أرشيفاً هاماً يخص الثورة ونضال المهاجرين الجزائريين بفرنسا، من أجل استقلال بلادهم خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

وكان وزير الخارجية الجزائرية أحمد عطاف، قد لمّح في تصريحات للصحافة نهاية 2023 إلى خلاف مع فرنسا، حول قضية مرتبطة بالأرشيف، يتمثل حسبه، في رفض السلطات الفرنسية تسليم الجزائر برنوس وسيف الأمير عبد القادر الموجودين في قصر أمبواز بوسط فرنسا. ونقل عطاف عن مسؤولين فرنسيين أن ذلك غير ممكن، من دون إصدار قانون، مبرزاً أن هذا الرفض حال دون إتمام ترتيبات زيارة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس، كانت محل اتفاق مبدئي أن تجري في مايو (أيار) الماضي. وضمت أجندة الزيارة، حسبه، تنقُل الرئيسين إلى «قصر أمبواز»، الذي عاش فيه الأمير عبد القادر منفياً مع عائلته، من 1848 حتى إطلاق سراحه في 1852.

المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وكان اجتماع «لجنة الذاكرة» الأول قد أصدر توصيات رُفعت إلى الرئيسين تبون وماكرون، شملت وضع تسلسل زمني للأحداث العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال فترة الاستعمار، وإنشاء «مكتبة مشتركة» للبحوث والمصادر المطبوعة أو المكتوبة، بخط اليد في القرن التاسع عشر، والموجودة في مراكز الأرشيف بفرنسا. كما تضمنت التوصيات إطلاق بوابة رقمية مخصصة للمصادر المطبوعة، والمحفوظات الرقمية والموضوعات والبحوث، ورسم الخرائط والصوت والأفلام والتسلسل الزمني، خلال حقبة الاحتلال. وتناولت أيضاً تحديد هوية المقابر، وعدد وأسماء الجزائريين الذين سُجنوا في فرنسا، ودُفنوا في مقابرها بعد وفاتهم.



 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

 

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

 

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

 

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

 

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.