موريتانيا تطالب المجتمع الدولي بتمويل «خطة طوارئ للاجئين»

قالت إنها تستضيف أكثر من 120 ألف مهاجر... نصفهم من النساء والفتيات

موريتانيا تستضيف حالياً أكثر من 120 ألف لاجئ نصفهم من النساء والفتيات (أ.ف.ب)
موريتانيا تستضيف حالياً أكثر من 120 ألف لاجئ نصفهم من النساء والفتيات (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا تطالب المجتمع الدولي بتمويل «خطة طوارئ للاجئين»

موريتانيا تستضيف حالياً أكثر من 120 ألف لاجئ نصفهم من النساء والفتيات (أ.ف.ب)
موريتانيا تستضيف حالياً أكثر من 120 ألف لاجئ نصفهم من النساء والفتيات (أ.ف.ب)

أعلن وزير الاقتصاد والتنمية الموريتاني، عبد السلام ولد محمد صالح، أن بلاده وضعت خطة طوارئ للتصدي لتزايد تدفق اللاجئين من مالي ودول الساحل الأفريقي على البلاد، بسبب انعدام الأمن والحروب والأزمات.

وقال وزير الاقتصاد خلال عرض قدمه ليلة أمس الخميس، للشركاء الدوليين الماليين والفنيين في نواكشوط (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والهيئات المالية الدولية والإقليمية) إن خطة الطوارئ متعددة الأبعاد التي أعدتها موريتانيا تهدف للتخفيف من معاناة اللاجئين. ووجه الوزير، بحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الألمانية»، نداء إلى المجموعة الدولية من أجل «تدعيم التضامن والتعاون الدوليين حتى يظل اللاجئون يتمتعون بالحماية، وحتى لا تكون الأعداد الجديدة المتوافدة سبباً في تراجع المكاسب المحققة في مجال التنمية المستدامة واللحمة الاجتماعية» في موريتانيا، مؤكداً أن هذه الخطة ستساهم في «تسهيل دمج اللاجئين الجدد في المجتمعات المضيفة، وتقليل اعتمادهم على المساعدات الإنسانية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، من خلال الأنشطة التي من شأنها أن تعود بالنفع على الجميع».

السلطات الموريتانية قالت إن خطة الطوارئ تهدف للتخفيف من معاناة اللاجئين (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، ذكر الوزير خلال كلمة في الاجتماع المخصص لاستعراض خطة موريتانيا بأن السنوات الممتدة من 2019 إلى 2023، شهدت تضاعف عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في ولاية الحوض الشرقي، حيث ارتفع الرقم من 57 ألفاً إلى 112 ألفاً في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وأرجع الوزير ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي، والمخاطر الأمنية المتزايدة في منطقة الساحل، حيث تستضيف موريتانيا حالياً أكثر من 120 ألف لاجئ، كما شهد عام 2023 وحده دخول نحو 15 ألف شخص لولاية الحوض الشرقي، تشكل النساء والفتيات فيه نسبة 58 في المائة، والأطفال 65 في المائة.

وأكد ولد محمد صالح أن هذه الوضعية شكلت تحدياً للدولة في مجالي الاستجابة الإنسانية والتنموية، وبالنظر للضغط المتزايد على الخدمات الأساسية المحدودة أصلاً على مستوى المنطقة، التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين، وهي ولاية الحوض الشرقي، مشيراً إلى أن الحكومة قررت بصفة استعجالية، وبدعم من شركائها في التنمية، إعداد خطة طوارئ للتصدي لهذه الأزمة، تتماشى مع جهود موريتانيا في تعزيز صمود اللاجئين، ودمجهم في الحياة النشطة.

كما استعرض ولد محمد صالح خطة الطوارئ متعددة الأبعاد، التي أعدتها الحكومة للتخفيف من معاناة اللاجئين، منبهاً إلى أن هدفها هو تمكين الوافدين الجدد من اللاجئين من التمتع بالحماية، وضمان الحصول على المساعدة للفئات الأكثر ضعفاً، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمعات المضيفة، من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي، موضحاً أن الخطة تأخذ بعين الاعتبار أيضاً مختلف أصحاب المصلحة، وتعطي الأولوية لمقاربة تشرك اللاجئين من خارج «مخيم أمبرة»، مما سيساهم في تسهيل دمج اللاجئين الجدد في المجتمعات المضيفة، ومن شأنها أن تعود بالنفع على الجميع.

من جهتها، رأت ممثلة برنامج الغذاء العالمي، ممثلة الأمم المتحدة بالنيابة، كينديا ساميا، في كلمتها، أن الأزمات الإنسانية «تؤثر بالتساوي على جميع أفراد المجتمع من نساء وأطفال، والذين يشكلون غالبية الوافدين الجدد، وغالباً ما يواجهون نقاط الضعف»، مشيرة إلى أن خطة العمل ترتكز على نهج شامل للجنسين.



«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».