غادر الجزائر، الخميس، وفد حكومي ألماني رفيع، ترأسه جاسبر فيك مستشار السياسة الخارجية والأمن بوزارة الدفاع الألمانية، إثر اجتماع أخير عقده بـ«المركز الأفريقي للبحوث والدراسات حول الإرهاب»، تناول تهديدات الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة الساحل، في ضوء تطورات أمنية لافتة وقعت بمالي والنيجر.
ونشر «المركز الأفريقي»، الذي يوجد مقره بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، على حسابه بالإعلام الاجتماعي صوراً لاجتماع مديره إدريس لعلالي وجاسبر فيك، وأعضاء من الوفدين، مبرزاً أن أعضاء الهيئة التابعة للاتحاد الأفريقي «قدموا (للبعثة الألمانية) عرضاً عن تطور تهديدات التطرف العنيف والإرهاب في أفريقيا، خصوصاً بمنطقة الساحل، والإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأفريقي لمواجهتها». مؤكداً أن الاجتماع «شدد على توسيع النقاش حول مكافحة الإرهاب والتشدد في أفريقيا، والسهر على تعزيز قدرات الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي، لمواجهة كل التهديدات».
وكان المسؤول الألماني قد عقد اجتماعات رفيعة بوزارتي الدفاع والخارجية الجزائريتين أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، بحثت وفق مصادر دبلوماسية جزائرية في قضايا الأمن والدفاع بالمنطقة، في ضوء تصعيد الصراع بمالي ودخول ميليشيا «فاغنر» الموالية لروسيا على خط المواجهة في الشمال بين الحكم العسكري، وجماعات «أزواد» المعارضة، وكذا الوضع في النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم في 26 يوليو (تموز) 2023، ثم قرار السلطة العسكرية الجديدة بإلغاء القانون الذي يجرم الهجرة السرِّيَّة، والذي يعني توقع موجات هجرة كبيرة نحو تونس والجزائر بشكل خاص، ومنهما إلى أوروبا، التي عبرت من خلال الاتحاد الأوروبي عن قلقها من هذا القرار. كما بحثت اجتماعات جاسبر فيك، وفق ذات المصادر، في تهديدات الجماعات الإرهابية في بوركينا فاسو.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، إن رئيس أركان الجيش، الفريق أول سعيد شنقريحة، درس خلال لقائه بالمسؤول الألماني «فرص التعاون العسكري الثنائي، وسبل تطوير وتعزيز التنسيق في المسائل ذات الاهتمام المشترك، والتحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموماً، وحوض البحر المتوسط، والقارة الأفريقية على وجه الخصوص، وتبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا الحالية».
ونقلت الوزارة عن شنقريحة أن زيارة المسؤول الفيدرالي الألماني «تفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجال الأمن والدفاع». ووصف قائد الجيش ألمانيا بأنها «شريك نوعي للجزائر، ونحن نحرص كثيراً على تعزيز علاقاتنا الثنائية معها. وفي هذا الصدد، أؤكد عزمنا على تعزيز تعاوننا العسكري أكثر فأكثر، وإدراجه ضمن ديناميكية جديدة تسمح بتجسيد الأهداف المسطرة من طرف مؤسستينا». كما أكدت وزارة الدفاع أن محادثات فيك شملت «التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموماً، وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية على وجه الخصوص». ونقلت عن المسؤول الألماني أنه «لمس إرادة قوية لدى الطرف الجزائري لتقوية علاقات التعاون والتشاور بين البلدين، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في العالم».
كما التقى جاسبر فيك أيضاً الأمين العام بوزارة الخارجية، لوناس مقرمان، الذي حدثه عن «الخطوات والجهود التي بذلتها الجزائر من أجل الحفاظ على السلم والاستقرار في دول المنطقة، وكذا في مجال مكافحة الإرهاب ومختلف الآفات التي تعاني منها المنطقة». كما حدَّثه عن «الأولويات التي ستدافع عنها خلال عهدتها بوصفها عضواً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، وفق ما نشرته وزارة الخارجية الجزائرية بشأن الاجتماع.
وكانت الجزائر قد أبدت استياءً بعد الحملة العسكرية التي شنها الجيش المالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مناطق نفوذ المعارضة المسلحة في الشمال، واستيلائه على أهم مدينة بها بمساعدة ميليشيا «فاغنر»، وعدت ذلك «تقويضاً لجهود طي الصراع الداخلي التي تحدث في إطار اتفاق السلم والمصالحة». وكان البلدان قد استدعيا سفيريهما لـ«التشاور» في سياق التطورات التي تشهدها الأزمة الداخلية.