«الاتحاد الدولي للصحافيين» يدين «ترهيب صحافيي تونس»

ناشد الرئيس سعيد «إنهاء التعسف في إجراءات متابعة الإعلاميين»

مظاهرة سابقة نظمها صحافيون تونسيون للتنديد بـ«التضييق على الحريات» (رويترز)
مظاهرة سابقة نظمها صحافيون تونسيون للتنديد بـ«التضييق على الحريات» (رويترز)
TT

«الاتحاد الدولي للصحافيين» يدين «ترهيب صحافيي تونس»

مظاهرة سابقة نظمها صحافيون تونسيون للتنديد بـ«التضييق على الحريات» (رويترز)
مظاهرة سابقة نظمها صحافيون تونسيون للتنديد بـ«التضييق على الحريات» (رويترز)

لاحظ «الاتحاد الدولي للصحافيين» أن السلطات التونسية «تعتمد تطويعاً ممنهجاً للإجراءات القانونية والقضاء لترهيب الصحافيين على نحو مخالف للدستور». وقال الاتحاد، الذي يوجد مقره في العاصمة البلجيكية بروكسل، في رسالة توجه بها إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، عبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، إن الوضع «يهدد بأن تتحول تونس من نموذج عربي ودولي لحماية الحريات، ممارسةً وتشريعاً، إلى سجن كبير للصحافيين».

«الاتحاد الدولي للصحافيين» ناشد الرئيس سعيد «إنهاء التعسف في إجراءات متابعة الإعلاميين» (د.ب.أ)

وتأتي ملاحظة الاتحاد في أعقاب توقيف الصحافي البارز زياد الهاني، الذي كثيراً ما وجّه انتقادات للسلطة والحكومة. وقد أوقفته الشرطة في مقر سكنه قبل أسبوع، وجرى إيداعه السجن بقرار من النيابة العامة، تمهيداً لمحاكمته بتهمة «الإساءة للغير»، بعد أن انتقد وزيرة التجارة كلثوم بن رجب في برنامج إذاعي، بسبب ما وصفه بـ«البيروقراطية المعطلة لمشاريع التنمية»، وطالب بتنحيها عن منصبها. وأشار الاتحاد إلى متابعة السلطات لأكثر من 30 صحافياً في سنة 2023 وحدها، وفق المرسوم «54» الذي أصدره الرئيس سعيد، ومجلة الاتصالات، وقانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، موضحاً أن ذلك لا يجعل من حالة زياد الهاني «حالة معزولة وفردية، وتشير بشكل صريح إلى وجود سياسة ممنهجة».

الإعلامية شيماء العيسى تعانق أفراد عائلتها بعد إطلاق سراحها (أ.ف.ب)

وأصدر القضاء عقوبة سجنية بخمس سنوات ضد الصحافي خليفة القاسمي، وهي الأثقل في تاريخ الصحافة بتونس، وذلك لنشره أخباراً حساسة على علاقة بعملية إرهابية. كما لا تزال الصحافية شذى الحاج مبارك قيد الإيقاف في قضية «التآمر على أمن الدولة». ولفت الاتحاد إلى أنه في كلتا الحالتين جرى «خرق فظيع للإجراءات القانونية».

من جهتها، قالت نقابة الصحافيين التونسيين، أمس (الخميس)، إن قوات الأمن أوقفت صحافياً يعمل في مكتب قناة أجنبية، وصادرت حاسوبه وهاتفه الجوال وهواتف أفراد عائلته، للتحقيق في قضية إرهابية. وطالب «الاتحاد الدولي للصحافيين» في رسالته، الرئيس سعيد، بـ«فرض احترام الدستور وحماية الحريات الصحافية، والعمل على إطلاق سراح الصحافيين، وإنهاء التعسف في تطويع قوانين ومراسيم مخالفة لإجراءات التتبع ضد الصحافيين»، علماً أن الرئيس الذي أطاح بالنظام السياسي في 2021، تعهد في أكثر من مناسبة باحترام حرية التعبير والصحافة، لكن منظمات حقوقية ونقابة الصحافيين تتهم السلطة بشكل مستمر بتقويض حرية الرأي والتعددية.

الصحافي المعتقل زياد الهاني (الشرق الأوسط)

بدوره، كشف زياد دبار، نقيب الصحافيين التونسيين، عن صدور أحكام قضائية ضد عدد من الصحافيين التونسيين، أبرزهم خليفة القاسمي وسجنه لمدة خمس سنوات «دون وجه حق»، وتواصل اعتقال الصحافية شذى الحاج مبارك، هذا بالإضافة إلى القضية الجارية ضد الصحافي زياد الهاني، والتي قد تفضي إلى سجنه لفترة تتراوح بين سنة وسنتين، وفق هذا المرسوم الرئاسي الذي يحد من حرية التعبير، على حد تعبيره.

على صعيد آخر، قرر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، تمديد قرار الاعتقال التحفظي لمدة 4 أشهر إضافية في حق كل من البشير العكرمي، وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس، والحبيب اللوز، القيادي السابق بحركة «النهضة».

وكان القضاء التونسي قد أصدر أمراً بالسجن بحق الحبيب اللوز والعكرمي من أجل تهم تتعلق بالاشتباه في الانضمام إلى تنظيم إرهابي، والتدليس وإخفاء وثائق في قضية إرهابية تمس أمن الدولة التونسية.



مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)

خطوة مصرية جديدة لتعزيز التنمية في سيناء، بعد سنوات طويلة من المواجهة مع الجماعات الإرهابية، وذلك بتشغيل أول قطار في محافظة شمال سيناء (شرق مصر)، بعد نصف قرن من توقف حركة السكك الحديدية، وسط تفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع تزامنها مع احتفالات مصر بذكرى انتصارات أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

وحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن تدشين حركة القطارات بسيناء يعني مزيداً من التنمية وحماية تلك المنطقة الحدودية، لافتين إلى أن حركة القطارات استكملت مثلث التنمية بعد تدشين أنفاق وطرق وجسور، ما سيُسهم في زيادة حركة التنقل والتجارة والتعمير.

وقبل أن تعود حركة القطارات إلى تلك المحافظة، خاضت قوات الجيش والشرطة على مدار سنوات مواجهة شاملة في شمال سيناء، ضد جماعات إرهابية موالية لتنظيم «داعش». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعمير شبه جزيرة سيناء بمثابة «خط الدفاع الأول»، وفق خطاب رئاسي في أبريل (نيسان) 2022، قبل أن يعلن في فبراير (شباط) 2023 إحباط تحول سيناء إلى بؤرة دائمة للإرهاب، واستمرار الدولة في تنميتها.

فتاة من أهالي بئر العيد في سيناء ترفع علم مصر فرحة بعودة خط قطار إلى العمل بعد نصف قرن من توقفه (مجلس الوزراء المصري)

ووفق رئيس «الجهاز التنفيذي لمشروعات تعمير سيناء»، اللواء وائل مصطفى، في حديث متلفز مايو (أيار) الماضي، فإنه تم تنفيذ استثمارات في السنوات العشر الماضية بنحو 9 مليارات جنيه (الدولار يساوي 48.40 جنيه مصري) في سيناء، تشمل بناء طرق، وتوصيل كهرباء في جنوب سيناء وشمالها، وتنفيذ ألف و15 منزلاً بدوياً، وإقامة 160 عمارة إسكان اجتماعي، و105 مشروعات إسكان تعاوني.

بينما أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الأحد، أن الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ المشروعات في سيناء ومدن القناة (شمال سيناء - جنوب سيناء - السويس - الإسماعيلية - بورسعيد) منذ العام المالي 2014 - 2015 حتى 2024 - 2025، بلغت نحو 530.5 مليار جنيه.

المحلل السياسي المصري بلال الدوي، يعتقد أن «ما يعزّز التنمية في سيناء في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتمثّل في وجود إرادة سياسية وخطة واضحة وتمويل»، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية ترى أن تعمير سيناء جزء أساسي من حمايتها؛ لذا وُضعت على خريطة المشروعات بعد مواجهة آلاف الإرهابيين والقضاء عليهم».

«لم تعرف سيناء التنمية بهذا الحجم غير المسبوق من المشروعات إلا مع القضاء على الإرهاب»، حسب الشيخ عيسى الخرافين، شيخ مشايخ سيناء، لافتاً إلى أن «سيناء شهدت إنشاء أنفاق تربطها بمصر قلّلت ساعات حركة التنقل من 4 ساعات إلى عدة دقائق، وعزّزت نقل منتجات المحافظة بصورة أسرع، بالإضافة إلى افتتاح خط قطارات بئر العبد».

وكانت حركة القطارات إلى سيناء مع موعد للانطلاق بعد توقف نصف قرن، وفق ما أفادت به وزارة النقل المصرية، الأحد، في بيان صحافي نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، بحضور «مسؤولين يتقدّمهم نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير».

نائب رئيس مجلس الوزراء المصري وزير الصناعة والنقل كامل الوزير مع محافظي شمال سيناء والإسماعيلية ومشايخ القبائل (مجلس الوزراء)

وشهد الوزير «انطلاق تشغيل أول قطار في سيناء بعد توقف 50 عاماً، وشارك أهالي سيناء الاحتفال بانطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية من جديد في ربوع سيناء، وهو خط (الفردان - بئر العبد) للسكك الحديدية بطول 100 كلم».

واستقل الوزير «قطار التنمية من محطة الشيخ زايد، حتى محطة بئر العبد، وتابع عبور أحد قطارات البضائع عبر الخط باتجاه ميناء شرق بورسعيد»، على أن يكون ركوب القطار مجاناً لمدة 7 أيام بدءاً من الأسبوع المقبل، وفق البيان.

بدوره، أكد الوزير أن «انطلاق قطار التنمية من جديد في سيناء هو هدية الرئيس السيسي إلى أهالي سيناء الحبيبة»، لافتاً إلى أن «إعادة تشغيل هذا الخط تُعدّ إضافة قوية لوسائل النقل والمواصلات في ربوع سيناء، خصوصاً أن قطار التنمية سيقدم إلى الركاب مستويات خدمة مميزة ونظيفة وسريعة».

وسيُسهم «تشغيل هذا الخط في تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع من سيناء إلى المحافظات كافّة، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ومناطق صناعية متعددة، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية بمحافظة شمال سيناء، فضلاً عن خفض تكلفة نقل البضائع والأفراد عن وسائل النقل الأخرى، وكذلك دعم حركة السياحة داخل المدن السياحية بشمال سيناء»، وفق الوزير.

وبرأي الشيخ عيسى الخرافين لـ«الشرق الأوسط»، فإن عودة حركة القطارات إلى سيناء ستعزّز من حركة النقل والتنمية، لتُضاف إلى جهود أخرى تبذلها الدولة لمزيد من تعمير سيناء، بعد مد خط القطارات الذي انطلق، الأحد، إلى مدينة العبد؛ وفي العام المقبل إلى مدينة العريش، بخلاف مشروعات عديدة أخرى.

تدشين القطار، وفق المحلل السياسي بلال الدوي، لـ«الشرق الأوسط»، يعمل على تعزيز الربط بين أهالي سيناء والقاهرة وباقي محافظات مصر، لافتاً إلى أن هذا نجاح لاستراتيجية الدولة في تنمية سيناء بعد تطهيرها من الإرهاب.

ولاقى انطلاق هذا القطار بعد توقف 50 عاماً ترحيباً في منصات التواصل، وقال الإعلامي المصري، محمد علي خير، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، إن «حركة القطارات إلى سيناء تعود بعد انقطاع نصف قرن... خطوة ممتازة وقرار عظيم لربط سيناء بباقي محافظات مصر». وعدّ المحامي والإعلامي المصري خالد أبو بكر تلك الخطوة، عبر تغريدة في منصة «إكس»، بأنها «تدل على نجاح حقيقي في منظومة الأمن في سيناء».

ويعد الشيخ عيسى الخرافين هذه الفرحة بعودة حركة القطارات تعبيراً عن تلك اللحظة التاريخية التي يرى فيها كل مصر تنمية وتعميراً في قطعة غالية من بلده بعد سنوات طويلة من مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، متوقعاً أن «هذه الفرحة ستدوم مع استمرار التنمية والتعمير ومزيد من المشروعات بسيناء».