ارتفاع أسعار الإنترنت الأرضي يرُبك المصريين

مخاوف من موجة غلاء جديدة... وتوجيهات حكومية برقابة الأسواق

عدد من البنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
عدد من البنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع أسعار الإنترنت الأرضي يرُبك المصريين

عدد من البنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
عدد من البنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وسط مخاوف من موجة غلاء جديدة في مصر، وتزامناً مع توجيهات حكومية بـ«تكثيف الرقابة على الأسواق»، أربك ارتفاع أسعار الإنترنت الأرضي في البلاد المصريين، الثلاثاء، وبينما انتقد متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي الزيادات الجديدة في أسعار الإنترنت، دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط الأزمة، وتقدم عدد من النواب بأسئلة برلمانية للحكومة بشأن الزيادة الجديدة.

ووفقاً لوسائل إعلام محلية، قررت الشركة المصرية للاتصالات «وي»، (وهي المشغل الرئيسي لخدمات الإنترنت الأرضي) في مصر، الثلاثاء، رفع أسعار باقات الإنترنت الأرضي بنسب متفاوتة، على أن تطبق الزيادة الجديدة بدءا من 5 يناير (كانون الثاني) الحالي، مع إتاحة تصفح المواقع الإلكترونية التعليمية، والخدمية الحكومية مجاناً.

وبحسب الأسعار الجديد «ارتفع سعر باقة الإنترنت الأرضي سعة 140 غيغابايت من 120 إلى 160 جنيها، بزيادة 40 جنيهاً (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه في المتوسط)، وزادت باقة 200 غيغابايت من 170 إلى 225 جنيها، بزيادة 55 جنيها، وارتفعت باقة 250 غيغابايت من 210 إلى 280 جنيها، وباقة 400 غيغابايت من 340 إلى 440 جنيها، ووصل سعر باقة 600 غيغابايت إلى 650 بدلا من 500 جنيه، وتم تحريك سعر باقة 1 تيرابايت من 800 إلى 1050 جنيها».

وأثارت الزيادة الجديدة في أسعار الإنترنت الأرضي، انتقادات، وانطلقت دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي بـ«مقاطعة الخدمة». واشتكى المتابعون من الأسعار الجديدة، وعدم «ترحيبهم بـ(الزيادة) التي وصفوها بـ(الكبيرة)». وتحدث المتابعون عن بداية العام الجديد الذي شهد قبل ساعات تحركا في أسعار بعض الخدمات.

وتأتي الزيادة في أسعار الإنترنت الأرضي بعد يوم واحد من قرار وزارة النقل المصرية رفع أسعار تذاكر مترو أنفاق القاهرة، بنسب تراوحت من 12.5 إلى 33 في المائة، وهو ما أثار تخوفات من موجة غلاء جديدة.

ويرجح الخبير الاقتصادي المصري، رشاد عبده، أن «تشهد البلاد موجة غلاء جديدة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المصرية قد تسعى إلى تعويض العجز في الموازنة، عبر رفع أسعار بعض الخدمات»، موضحاً «سنشهد المزيد من الزيادات في الأسعار خلال الفترة المقبلة».

لكن الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، عد «الزيادة الجديدة في أسعار الإنترنت الأرضي (منطقية)». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تكلفة تقديم خدمة الإنترنت زادت بسبب ارتفاع سعر الدولار، ومن الطبيعي أن يتم تحريك الأسعار، تجنبا لتوقف الشركة أو تحقيقها خسائر». واستبعد النحاس الدخول في «موجة غلاء جديدة»، موضحاً أن «ما يحدث هو تحريك للأسعار بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج».

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع خلال العام الماضي، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وارتفاع معدلات التضخم. ووفق بيانات حديثة للبنك المركزي المصري، فإن معدل التضخم الأساسي في البلاد تراجع إلى 35.9 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد تسجيله 38.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الحكومة المصرية من جانبها أكدت على «عدم رفع الأسعار». وشدد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على «استمرار جهود الحكومة في ضبط الأسواق». وقال في إفادة رسمية، الثلاثاء، عقب اجتماع مع وزير التموين المصري، علي المصيلحي، إن «توافر السلع المختلفة سوف يُسهم في توازن الأسعار».

وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت قبل أيام قراراً بتحديد 7 سلع استراتيجية هي (زيت خليط، والفول المعبأ، والسكر، والأرز، واللبن، والمكرونة، والجبن الأبيض)، وإلزام المصانع بكتابة سعر البيع على العبوات.

رئيس الوزراء المصري خلال اجتماعه مع وزير التموين بشأن أسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

وبينما أكد النحاس أن «قرارات الدولة المصرية بإلزام المصانع بكتابة سعر البيع على العبوات سيكون لها تأثير إيجابي على الأسعار وسيساهم في ضبط الأسواق»، قلل عبده من «تأثير الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى ضبط الأسعار»، مؤكداً أنه «يصعب السيطرة على الأسواق وإلزام التجار بعدم رفع الأسعار»، بحسب رأيه.

في سياق ذلك، تقدم عضو مجلس النواب المصري، السيد شمس الدين، الثلاثاء، بسؤال إلى رئيس الوزراء ووزير الاتصالات حول زيادة أسعار الإنترنت الأرضي. وطالب شمس الدين بـ«سرعة تدخل الحكومة وإلغاء الزيادة الجديدة».


مقالات ذات صلة

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الاقتصاد الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
TT

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

تعوّل الحكومة الجزائرية على تحسّن معدلات الصناعة العسكرية، بغرض رفع نسبة النمو في قطاع الصناعة وإنعاش الاقتصاد التابع تبعية مطلقة لإيرادات النفط والغاز.

وبرزت أهمية التصنيع الحربي في «معرض الإنتاج الوطني» السنوي الذي انطلق الخميس الماضي. ففي الجناح المخصص لوزارة الدفاع في المعرض الذي يقام بالضاحية الشرقية للعاصمة، يتم تقديم مختلف المنتجات الخاصة بالقوات المسلحة، والترويج لها على أساس أنها «قاطرة الصناعة في البلاد».

تصنيع عربات عسكرية بالشراكة مع شركة «مرسيدس» الألمانية (وزارة الدفاع)

وأبرز الرئيس عبد المجيد تبون، خلال افتتاح التظاهرة الاقتصادية والتجارية، «أهمية الصناعة العسكرية كنموذج يجب اتباعه وكرافعة للصناعة الوطنية». وأكد أن الجيش «حقق مستويات في الصناعة، أتمنى أن تصل إليها الشركات الأخرى»، وهنّأ القائمين على جناح وزارة الدفاع بالمعرض، لـ«معدل التكامل العالي الذي أنجزته الصناعة العسكرية»، من دون أن يقدم أي رقم فيما يخص التصنيع الحربي.

ولفت تبون إلى أن «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة»، داعياً إلى «عدم التفريق بين الشركات التي تتبع للجيش، وبين الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ تساهم جميعها في رفع شأن الإنتاج الجزائري».

وتشارك في «معرض الإنتاج الوطني 2024» مئات المؤسسات الحكومية والخاصة. وغالباً ما تستعرض الحكومة «عضلاتها» من خلال هذا الحدث الاقتصادي، للتأكيد على «قدرة المنتوج الجزائري على المنافسة في الأسواق الدولية»، علماً أن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي في قطاع من المنتجات الزراعية، في حين تستورد كل حاجاتها من المواد المصنّعة ونصف المصنّعة.

الرئيس تبون يستمع إلى خطة عمل مؤسسات خاصة (الرئاسة)

ويقول مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصناعة العسكرية في الجزائر «أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في التنظيم والحوكمة، وكذلك في الجودة والأداء. إنه قطاع تمكن بفضل صرامته من التكيّف مع متطلبات ومعايير الإنتاج في عدة مجالات، بدءاً من صناعة الأسلحة ووصولاً إلى وسائل النقل واللوجستيات والملابس».

وأوضح المصدر ذاته، أن قطاع التصنيع العسكري «يواجه اليوم تحديات جديدة، تتمثل في التحكم في مجالات ذات قيمة تكنولوجية عالية، مثل صناعة المسيّرات ومعدات الاتصالات. ويتمثل التحدي الآخر في تحسين نسب الاندماج، من خلال الاعتماد على الإنتاج والمناولة المحلية، بهدف رفع مستويات الاندماج إلى أكثر من 60 في المائة في السنوات المقبلة».

ووفق المصدر ذاته، فإنه «يجب الإشادة بجهود والتزامات المؤسسة العسكرية في تحديث وتطوير هذه الصناعة الحربية التي تم تصنيفها كأولوية استراتيجية؛ نظراً لتأثيرها في تعزيز القوة العسكرية؛ كونها ركيزة أساسية للسيادة الوطنية». واللافت أنه لا تتوفر بيانات محددة حول نسبة مساهمة الصناعة العسكرية في نمو الصناعة الجزائرية بشكل عام.

رئيس البلاد مع مسؤولين من وزارة الدفاع في جناح الإنتاج الحربي في معرض الإنتاج الوطني (الرئاسة)

ويشار إلى أن موازنة الجيش لعام 2025 محددة بـ22 مليار دولار (الموازنة العامة مقدرة بـ126 مليار دولار)، وهي في زيادة مستمرة منذ 5 سنوات. وتبرر الحكومة حجم الإنفاق العسكري العالي بـ«التهديدات والمخاطر المحيطة بالجزائر»، وتقصد، ضمناً، الاضطرابات في مالي والنيجر، وفي ليبيا أيضاً، وتعاظم تجارة السلاح والمخدرات ونشاط المهربين في جنوب الجزائر الفسيح.

وكان تبون صرّح بنهاية 2023 بأن نسبة الاندماج في مجال الصناعات الميكانيكية العسكرية تجاوزت 40 في المائة؛ ما يدل على تقدم ملحوظ في هذا القطاع في تقدير السلطات. بالإضافة إلى ذلك، نجحت المؤسسات الصناعية التابعة للجيش الوطني الشعبي في أن تكون داعماً مهماً للنسيج الصناعي الجزائري، بعد أن وسعت دائرة اهتماماتها لتشمل مختلف المجالات الصناعية.

وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال الصناعات العسكرية الجزائرية ناشئة، وفق خبراء مستقلين. فهي بحاجة إلى المزيد من الوقت لتطوير قدراتها الإنتاجية والتكنولوجية، خاصة في مجالات الأسلحة المتطورة.