وسط أزمة غلاء وشكاوى من نقص بعض السلع الأساسية، أعلنت السلطات المصرية، الأربعاء، توقيف عشرات المسؤولين في وزارة التموين والتجارة الداخلية بتهم تتعلق بـ«الفساد». وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إنه جرى «ضبط مجموعة من أصحاب منافذ مشروع (جمعيتي) في محافظة القاهرة، ومسؤول مشروع (جمعيتي) بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، وعدد من المحاسبين، وكذلك العضو المنتدب المالي بالشركة».
واتهم البيان الموقوفين بـ«التلاعب في مستندات وأذون صرف السلع لبعض منافذ جمعيتي بمحافظة القاهرة»، وأكد إحالتهم إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق معهم.
وتأتي الاتهامات الحالية بعد نحو شهر من الإعلان عن توقيف 9 مسؤولين آخرين بالوزارة، اتهمتهم جهات التحقيق بالوقوف وراء «أزمة السكر»، التي شهدتها الأسواق المصرية، في الأسابيع الأخيرة. ووفق وسائل إعلام محلية حينها، وجهت النيابة المصرية للمتهمين التسعة اتهامات تتعلق بـ«الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، وإهدار المال العام، وحجب سلع، والسعي لاحتكار سلع استراتيجية»، في حين ما زالت القضية رهن التحقيقات.
وعلق عضو مجلس النواب (البرلمان) الإعلامي مصطفى بكري، على التوقيفات الأخيرة، قائلا عبر حسابه على منصة «إكس» إن «الرقابة الإدارية تواصل ضبط المتورطين في قضايا فساد بوزارة التموين... عشرات المتهمين في مشروع (جمعيتي) وأدلة قوية على حجم الجرائم».
الرقابه الإداريه تواصل ضبط المتورطين في قضايا فساد بوزارة التموين . عشرات المتهمين في مشروع ( جمعيتي ) وأدله قويه علي حجم الجرائم
— مصطفى بكري (@BakryMP) December 27, 2023
وشهدت مصر ارتفاعا قياسيا لأسعار العديد من السلع الأشهر الماضية، من بينها السكر والأرز والبصل، فيما تكثف الحكومة جهودها لضبط الأسواق عبر طرح كميات من هذه السلع في المنافذ الحكومية بأسعار مناسبة، أو منع تصديرها.
وقال وزير التنمية المحلية هشام آمنة، الأربعاء، إن «هناك اجتماعات ومتابعة دورية لرئيس الوزراء للتأكد من توافر السلع الاستراتيجية، ولضمان عدم نقص أي سلعة لتلبية احتياجات المواطنين».
ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فإن معدل التضخم الأساسي وصل إلى 38.1 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أن تكرار ضبط قضايا الفساد بوزارة التموين يعكس «تزايد نشاط الأجهزة الرقابية في الآونة الأخيرة»، لكن في المقابل «يعكس وجود فساد، وخاصة فيما يتصل بالسلع الغذائية وأزمتها»، وطالب عبده في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«التدقيق في اختيارات مسؤولي التموين خاصة مع تكرار وقائع الفساد».
وترى أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة الدكتورة نهى بكر، أن «تكرار ضبط قضايا فساد يدل على وجود إرادة سياسية لمكافحته وحوكمة مؤسسات الدولة، وبخاصة ما يتعلق منها بالمصالح المباشرة للمواطنين مثل السلع الغذائية»، وقالت بكر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة المصرية زادت اهتمامها بمكافحة الفساد، واستحدثت استراتيجية جديدة تتضمن استخدام الآليات الإلكترونية والرقمنة، بما يجعل كل مؤسسات الدولة خاضعة للرقابة».