موريتانيا في 2023... محاكمة الرئيس السابق وتغييرات سياسية كبرى

أبرزها تنظيم انتخابات ثلاثية وتوقيع الحكومة على اتفاق سياسي

الرئيس محمد ولد الغزواني خلال ترؤسه افتتاح مهرجان المدن العتيقة (أ.ف.ب)
الرئيس محمد ولد الغزواني خلال ترؤسه افتتاح مهرجان المدن العتيقة (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا في 2023... محاكمة الرئيس السابق وتغييرات سياسية كبرى

الرئيس محمد ولد الغزواني خلال ترؤسه افتتاح مهرجان المدن العتيقة (أ.ف.ب)
الرئيس محمد ولد الغزواني خلال ترؤسه افتتاح مهرجان المدن العتيقة (أ.ف.ب)

كان عام 2023 مليئاً بالأحداث السياسية في موريتانيا، حيث شهد هروب 4 مسجونين متهمين بالإرهاب من السجن المدني، واحتجاجات غاضبة على مقتل ناشط حقوقي داخل مفوضية للشرطة، فضلاً عن تنظيم انتخابات ثلاثية، وهي انتخابات البرلمان والجهوية والبلدية «التشريعية والإقليمية والبلدية»، التي اكتسح فيها حزب الإنصاف غالبية الأصوات. كما شهد عام 2023 توقيع الحكومة على اتفاق سياسي، حمل اسم «الميثاق الجمهوري» مع 3 أحزاب، بينها حزب «الإنصاف» الحاكم، وحزبا «اتحاد قوى التقدم»، وتكتل «القوى الديمقراطية»، وهو الاتفاق الذي رفضته معظم الأحزاب السياسية. وبحسب تقرير لوكالة أنباء العالم العربي، يبقى أهم حدث استحوذ على اهتمام الموريتانيين هو محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومعاونين له بتهم الفساد، والإثراء غير المشروع، التي استمرت لمدة 10 أشهر.

احتجاجات غاضبة

كانت بداية عام 2023 هادئة، انتظر فيها الموريتانيون موعد الانتخابات المحلية ومحاكمة الرئيس السابق، وهو ما كان يستحوذ على جزء كبير من نقاشاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. غير أن مقتل الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين على يد عناصر من الشرطة تصدر المشهد في موريتانيا لعدة أسابيع، بعدما خرجت احتجاجات شعبية غاضبة للمطالبة بالعدالة للصوفي.

احتجاجات غاضبة في بعض شوارع نواكشوط بعد حادثة مقتل الناشط الحقوقي الصوفي ولد الشين (صورة متداولة)

وأوقفت السلطات عناصر من الشرطة، قالت إنهم ضالعون في قتل ولد الشين، الذي كشف التشريح وجود كسر في فقرات رقبته وتعرضه للخنق، فيما أشار بيان التشريح إلى أن كلا السببين يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. ووجّهت النيابة العامة تهمة «القتل العمد» إلى 4 من أفراد الشرطة الوطنية في قضية مقتل الناشط، وأحيلوا جميعهم إلى قاضي التحقيق لاستجوابهم.

صدمة الهروب

في مارس (آذار) الماضي، عاشت موريتانيا صدمة، بعد أن تمكن 4 مسجونين مصنفين على أنهم إرهابيون «خطرون» من الهروب من السجن المدني في العاصمة نواكشوط، بعد أن قتلوا اثنين من حراس السجن. وقد أثار فرارهم مخاوف الموريتانيين من عودة شبح الإرهاب إلى البلاد، خصوصاً أنها تعيش في محيط مضطرب، تسيطر فيه جماعات مسلحة على مساحات كبيرة من شمال مالي، وزاد نفوذها مع انسحاب القوات الفرنسية. ومع انتشار الشائعات، وتزايد القلق بين الموريتانيين، قطعت الحكومة الاتصال بشبكة الإنترنت عن عموم البلاد، وبررت ذلك بأنه «ضرورة أمنية لقطع الاتصال بين الفارين والمتواطئين معهم». بعد أسبوع من المطاردات، أعلنت الحكومة في 11 مارس مقتل 3 أشخاص وصفتهم بالإرهابيين، واعتقال شخص رابع وسقوط شرطي قتيل خلال عملية أمنية جرت في شمال البلاد. وقالت الحكومة إن تحديد مكان الفارين، الذين كانوا يتحصنون في منطقة جبلية وعرة، جرى بالتنسيق بين القوات الجوية والبرية، بعد أن رجّحت اللجنة الأمنية العليا المكلفة متابعة الملف إمكانية وجودهم في منطقة في ولاية آدرار، إحدى ولايات شمال موريتانيا.

صراع انتخابي

من أبرز الأحداث التي انتظرها الموريتانيون في عام 2023 تنظيم الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، وهي أول انتخابات تُنظم في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تولى السلطة عام 2019. وقد شهدت تلك الانتخابات حالة استقطاب حادة بين حزب الإنصاف وأحزاب الأغلبية، الداعمة لولد الشيخ الغزواني من جهة، والمعارضة من جهة أخرى. وحقق حزب الإنصاف فوزاً ساحقاً مكّنه من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان، وذلك بعد حصوله على 107 من أصل 176 مقعداً.

من أحد تجمعات قادة المعارضة (الشرق الأوسط)

غير أن المعارضة رفضت نتائج الانتخابات، بعد أن فشلت في تحقيق النتائج التي كانت ترجوها، ووجّهت أحزاب المعارضة انتقادات لاذعة للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، متهمة إياها بالتغاضي عن خروقات، وعمليات تزوير شابت الانتخابات. ونظّمت أحزاب المعارضة مهرجانات شعبية، رفعت فيها شعارات رافضة لنتائج الانتخابات، وتدعو فيها إلى إعادة تنظيمها. لكن الحكومة رفضت مقترح إعادة الانتخابات، بعد أن رفضت المحكمة العليا والمجلس الدستوري الطعون المقدمة.

تجمع لأنصار المعارضة في نواكشوط لرفض نتائج الانتخابات (الشرق الأوسط)

وكادت تلك الانتخابات تتسبب في أزمة سياسية في البلاد، غير أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نجح في تهدئة الأوضاع، وتنقية الأجواء عبر التشاور مع قيادات المعارضة وإجراء مباحثات معهم. كما أن الحكومة لم تكن ترغب في العودة إلى الاختناق السياسي، وتعميق الخلافات مع المعارضة. ولذلك وافقت على مطلب قديم جديد بصياغة ميثاق جمهوري، سبق أن اقترحه حزبا «تكتل القوى الديمقراطية» و«اتحاد قوى التقدم»، وهما من أبرز الأحزاب المعارضة في موريتانيا.

ووقّعت الحكومة مع حزب «الإنصاف» الحاكم والحزبين المعارضين الوثيقة في حفل أقيم في قصر المؤتمرات، حيث جرى التأكيد على أن هذا الاتفاق كان من المهم التوقيع عليه، في ظل حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي. إلا أن أحزاب المعارضة الأخرى رفضت الدعوة إلى توقيع الميثاق، ووصفته بأنه «طعنة في الظهر من حزبي التكتل واتحاد قوى التقدم». وبعد مرور 3 أشهر على توقيع الميثاق، فإنه ما زال يراوح مكانه، ولم تُترجم بنوده على أرض الواقع، في ظل إصرار الأحزاب الأخرى على رفض التوقيع. ويتضمن الميثاق خريطة طريق بشأن «القيام على وجه الاستعجال بدراسة معمقة للمنظومة الانتخابية، وإذا اقتضى الحال الشروع في الإصلاحات المناسبة، بما يعزز النظام الديمقراطي بغية تجاوز الوضع المترتب عن الانتخابات الأخيرة، وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في المستقبل».

كما ضم الميثاق ملحقاً في 18 نقطة، شمل إصلاح المنظومة الانتخابية، واستحداث «آلية ذات مصداقية» لحل ملفات حقوق الإنسان والمظالم العالقة. وشمل أيضاً نقاطاً مهمة، منها الدعوة إلى تفعيل المنظومة القانونية، التي تجرم الممارسات الاسترقاقية والعنصرية وغير المنصفة في حق الفئات المغبونة، وكذا الخطابات المحرضة على العنف والغلو، والتطرف والعنصرية والكراهية. كما تطرق الملحق إلى تكريس التنوع الثقافي للبلاد، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين عموم أفراد الشعب، ومحاربة ارتفاع الأسعار، فضلاً عن إصلاح عقاري يهدف إلى النهوض بالزراعة، وتعزيز اللامركزية والحكم الرشيد، وتطبيق مخرجات المشاورات الوطنية حول إصلاح التعليم والعدالة.

محاكمة العشرية

شكّلت محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وعدد من معاونيه في ملف «العشرية» أحد أبرز أحداث عام 2023، حيث استمرت 10 أشهر. ويعدّ ولد عبد العزيز أول رئيس سابق يحاكم بتهم الفساد والإثراء غير المشروع، إضافة إلى استغلال النفوذ من أجل تحقيق مكاسب شخصية، وهي تهم رفضها الرئيس السابق، ووصفها بأنها مجرد تصفية حسابات. لكن في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، طويت إحدى صفحات هذا الملف، بعد أن قضت محكمة الجنايات المختصة في الفساد بسجن الرئيس السابق 5 أعوام نافذة، ومصادرة حقوقه المدنية.

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المدان بالفساد (أ.ف.ب)

كما قررت المحكمة مصادرة ممتلكات رئيس الشركة الوطنية للكهرباء السابق، أحمد سالم ولد إبراهيم فال، وقضت بالسجن عامين ونصف عام، بينها 6 أشهر نافذة، وغرامة 50 ألف أوقية (الدولار الأميركي يساوي 39.575 أوقية موريتانية) على رئيس المنطقة الحرة الأسبق، محمد ولد الداف. وبرّأت المحكمة 5 متهمين. هم الوزير الأول الأسبق «رئيس الوزراء» يحيى ولد حدمين، والوزير الأول الأسبق محمد سالم ولد البشير، ووزير النفط والطاقة والمعادن، ومدير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم «إسنيم» الأسبق محمد عبد الله ولد أوداعه، ووزير النفط والطاقة والمعادن ومدير «إسنيم» الأسبق الطالب ولد عبدي فال، والعدل المنفذ محمد الأمين ولد ألوكاي. واستأنفت النيابة العامة الحكم، حيث سبق أن طالبت بسجن ولد عبد العزيز 20 سنة، وبسجن ولد حدمين، وولد البشير، وولد عبدي فال، وولد أوداعه 10 سنوات، وتغريمهم 10 ملايين أوقية ومصادرة ممتلكاتهم. كما استأنف دفاع ولد عبد العزيز الحكم، معتبراً أن إصدار القضاء هذا الحكم بحقه «سياسي... واستهداف لعائلة الرئيس السابق».



مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».