المغرب في 2023... زلزال مدمر وتعديل مدونة الأسرة وإضراب «مفتوح» للأساتذة

الأعضاء الجدد في المحكمة الدستورية يؤدون القسم أمام الملك محمد السادس (ماب)
الأعضاء الجدد في المحكمة الدستورية يؤدون القسم أمام الملك محمد السادس (ماب)
TT

المغرب في 2023... زلزال مدمر وتعديل مدونة الأسرة وإضراب «مفتوح» للأساتذة

الأعضاء الجدد في المحكمة الدستورية يؤدون القسم أمام الملك محمد السادس (ماب)
الأعضاء الجدد في المحكمة الدستورية يؤدون القسم أمام الملك محمد السادس (ماب)

شكل زلزال الحوز، ودعم الأسر الفقيرة، وإضراب الأساتذة وتعديل مدونة الأسرة، أحد أبرز الأحداث التي عاشها المغرب خلال سنة 2023. فالمملكة المغربية تعرضت لزلزال خطير ضرب منطقة الأطلس الكبير (قرب مراكش) في 8 سبتمبر (أيلول) 2023 بقوة بلغت 7 درجات على سلم ريختر، وهو أقوى زلزال عرفته البلاد.

وحسب آخر حصيلة للزلزال الذي ضرب منطقة جبلية لا تبعد عن مدينة مراكش سوى 70كلم، فإن نحو 2946 شخصا توفوا فيما وصل عدد الجرحى إلى 5674 شخصا. ويعتبر هذا الزلزال الأكثر دمارا وفتكا، في المغرب منذ الزلزال الذي دمّر مدينة أغادير (وسط البلاد) في 1960، والذي توفي فيه نحو 15 ألف شخص. وبذلت السلطات المغربية جهدا كبيرا لتوفير المساعدات ودعم جهود الإنقاذ، وأظهر الشعب المغربي روحا تضامنية عالية لإيصال المساعدات للمتضررين.

وأعلن العاهل المغربي عن إحداث صندوق خاص لدعم ضحايا الزلزال، تشكلت موارده من تبرعات المواطنين والشركات ومساهمة الدولة، والمساعدات الأجنبية، حيث من المقرر أن تصل ميزانيته إلى 120 مليار درهم (12 مليار دولار)، كما تقرر منح مساعدات مباشرة للأسر التي تهدمت بيوتها، وإعادة بناء المساكن التي انهارت في المناطق القروية.

إضراب الأساتذة

وعاش المغرب أيضاً منذ 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إيقاع إضراب متواصل شنه الأساتذة والمعلمون في المدارس للمطالبة بتحسين أجورهم، ولإعلان رفضهم للنظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم، الذي صادقت عليه الحكومة بمرسوم.

وبما أن النظام الأساسي كان ثمرة حوار بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، خلال السنتين الماضيتين، فإن الأساتذة الغاضبين لجأوا إلى تأسيس تنسيقيات بعيدا عن النقابات، انضمت لها نقابات أخرى لم تشركها وزارة التعليم في الحوار، لكونها لا تحظى بالتمثيلية.

تلاميذ يتلقون دروسهم في إحدى الخيام التي نصبتها السلطات المغربية في مناطق ضربها الزلزال (الشرق الأوسط)

وأدى هذا الوضع إلى شلل في المدارس حيث شن الأساتذة إضرابات بمعدل 3 أيام كل أسبوع على امتداد أكثر من شهرين. وجرى تشكيل التنسيق الوطني للأساتذة الذي يضم نحو 22 تنسيقية والذي تولى تنظيم الإضرابات والوقفات والمسيرات الاحتجاجية.

الإضرابات المتكررة خلفت استياء آباء وأولياء التلاميذ، ما دفع الحكومة إلى إعلان تجميد العمل بالنظام الأساسي، وفتح حوار من جديد مع النقابات أفضى إلى زيادة عامة في الأجور تقدَّر بـ1500 درهم (150 دولاراً)، إضافة إلى الاستجابة لعدد من المطالب الأخرى. وحُرِّر محضر الاتفاق بإشراف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وتوقيع 3 وزراء هم: وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، ووزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل يونس السكوري، والوزير المنتدب المكلف الميزانية، فوزي لقجع. وعن النقابات وقع كل من مسؤولي «الاتحاد المغربي للشغل»، و«الكونفدرالية الديمقراطية للشغل»، و«الاتحاد العام للشغالين بالمغرب»، و«الفيدرالية الديمقراطية للشغل».

لكن رغم توقيع الاتفاق أعلنت التنسيقيات مواصلة الإضراب مطالبة بإعلان إلغاء النظام الأساسي لموظفي التعليم.

الدعم الاجتماعي

من أبرز القرارات التي اتخذها العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال سنة 2023، تخصيص دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة، وهو أول دعم من نوعه سواء من حيث عدد الأسر المستفيدة منه والتي تصل إلى أزيد من 4 ملايين أسرة أو من حيث قيمته الإجمالية التي تصل إلى ما يناهز 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار) سنويا. وصدر بيان عن اجتماع وزاري، برئاسة العاهل المغربي في 19 أكتوبر الماضي تم خلاله الإعلان عن تخصيص ميزانية في القانون المالي (الموازنة) 2024، لدعم الأسر الفقيرة، وتقرر أن يرتبط هذا الدعم المالي بالأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، من دون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.

وحسب بيان الديوان الملكي بمناسبة اجتماع المجلس الوزاري، فإن حجم الدعم لا يجب أن يقل عن 500 درهم شهريا (50 دولارا)، ابتداء من نهاية هذه السنة.

وفي سياق الإجراءات الاجتماعية تضمن مشروع قانون المالية 2024 دعما آخر للأسر الفقيرة يتعلق بتكفل الدولة بأداء انخراط نحو 4 ملايين أسرة في نظام التغطية الصحية، بميزانية تقدر بـ9.5 مليار درهم (950 مليون دولار).

إضافة إلى ذلك خصصت الحكومة دعما بقيمة 9.5 مليار درهم، لدعم شراء المواطنين للسكن الرئيسي وذلك بمبلغ يتراوح بين 100 ألف درهم (10 آلاف دولار) بالنسبة للشقق الاقتصادية التي يقل سعرها عن 300 ألف درهم (30 ألف دولار)، و70 ألف درهم (7 آلاف دولار) بالنسبة للشقق التي يتراوح سعرها بين 300 و700 ألف درهم (70 ألف دولار).

مدونة الأسرة

شكل تعديل مدونة الأسرة (قانون الأسرة) المغربية، أحد أبرز أحداث السنة، فقد وجه العاهل المغربي رسالة إلى رئيس الحكومة، دعاه فيها إلى النهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، حسب ما جاء في بيان للديوان الملكي. وقرر العاهل المغربي، إسناد الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية (تمثل استقلال السلطة القضائية) ورئاسة النيابة العامة (الادعاء العام). كما دعا العاهل المغربي المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وهي المجلس العلمي الأعلى (يمثل علماء المغرب) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية تعنى بحقوق الإنسان)، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

مجلس النواب المغربي حين مصادقته على موازنة 2024 (الشرق الأوسط)

وشرعت اللجنة في عقد جلسات استماع لعدد من الهيئات والمؤسسات في انتظار أن ترفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة إلى نظر العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان.

وتناقش اللجنة قضايا حساسة في المدونة من قبيل إمكانية منع زواج الفتاة التي عمرها أقل من 18 سنة، أو ما يعرف بزواج القاصرات، ومنع تعدد الزوجات، ومراجعة نظام الإرث.

احتضان كأس العالم 2030

وشكل إعلان اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الأربعاء 4 أكتوبر الماضي، عن إقامة كأس العالم 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، حدثا كبيرا في المغرب، حيث جرى اعتماد الملف المشترك من المغرب والبرتغال وإسبانيا كملف وحيد لاستضافة البطولة العالمية. فيما ستقام أول 3 مباريات في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي للاحتفال بمئوية المسابقة. وأشار بيان للديوان الملكي المغربي إلى أن هذا القرار من اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم يعتبر إشادة واعترافا بالمكانة المرموقة للمغرب بين الأمم الكبيرة.

احتضان مؤتمر البنك الدولي

رغم وقوع الزلزال المدمر في منطقة الأطلس الكبير لم يتم إلغاء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بمدينة مراكش، التي كانت مبرمجة ما بين 9 و15 أكتوبر. فقد عمل خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالتنسيق مع السلطات المغربية على وضع تقييم لقدرة المغرب على استضافة الاجتماعات السنوية لعام 2023. وقررت الإدارة العليا لكل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والسلطات المغربية المضي قدما في عقد الاجتماعات السنوية لعام 2023 في مراكش.

وشكل انعقاد هذه الاجتماعات حدثا بارزا، حيث اتجهت أنظار العالم، والمؤسسات المالية إلى مدينة مراكش، حيث اتجه أكثر من 14 ألف مشارك رفيع المستوى، بمن فيهم وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في 189 دولة، علاوة على ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص لحضور الاجتماعات. وناقشت الاجتماعات السنوية لسنة 2023 مواضيع رئيسية من قبيل الشمول المالي والرقمنة، والتنمية المستدامة، وإصلاحات المؤسسات المالية الدولية، وريادة الأعمال والابتكار، وشبكات الأمان الاجتماعي، والتسامح والتعايش.


مقالات ذات صلة

الركراكي يستدعي أبو خلال لتشكيلة المغرب بدلاً من أخوماش

رياضة عربية زكريا أبو خلال لاعب تولوز انضم لتشكيلة منتخب المغرب (أ.ف.ب)

الركراكي يستدعي أبو خلال لتشكيلة المغرب بدلاً من أخوماش

أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم الثلاثاء أن وليد الركراكي مدرب المنتخب الأول استدعى زكريا أبو خلال لتعويض غياب إلياس أخوماش.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)

مصر: الصلح يُنهي أزمة الشحات والشيبي بعد 18 شهراً من «الخِصام»

بعد نحو عام ونصف العام من «الخِصام» بينهما، أنهى الصلح أزمة المصري حسين الشحات، لاعب الأهلي، والمغربي محمد الشيبي.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

في 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قررت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا العاهل المغربي خلال إلقاء خطابه للشعب بمناسبة الذكرى 49 «للمسيرة الخضراء» (ماب)

العاهل المغربي: هناك من يستغل قضية الصحراء لتصريف مشاكله الداخلية

العاهل المغربي يندد بمن قال إنهم يريدون «الانحراف بالجوانب القانونية لخدمة أهداف سياسية ضيقة ويستغلون قضية الصحراء للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة يحاولون اقتحام معبر سبتة الحدودي مع المغرب (أ.ف.ب)

المغرب يحبط 49 ألف محاولة للهجرة السرية

المصالح المعنية بمحاربة شبكات تهريب المهاجرين تمكنت في الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية من تفكيك 210 شبكات إجرامية وإحباط 48 ألف محاولة لتهريب المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

«أيام اقتصادية» بالأقاليم الجنوبية لدعم الشراكة بين المغرب وفرنسا

العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
TT

«أيام اقتصادية» بالأقاليم الجنوبية لدعم الشراكة بين المغرب وفرنسا

العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)

تنظم الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، بالتزامن مع زيارة السفير الفرنسي المعتمد لدى المغرب، كريستوف لوكورتيي، والوفد المرافق له، إلى الأقاليم الجنوبية، أياماً اقتصادية، بمشاركة نحو خمسين من رؤساء الشركات وصناع القرار الاقتصادي من المغرب وفرنسا.

ويرافق السفير الفرنسي، كريستوف لوكورتييه، وفد يضم عدداً من الشخصيات الرفيعة المستوى، من بينهم جان هيلبرون، المستشار السياسي الثاني، وستيفان سولي، نائب القنصل المكلف بالشؤون القنصلية في القنصلية العامة لفرنسا بأكادير.

وحل بمطار الحسن الأول بمدينة العيون، مساء أمس الاثنين، السفير الفرنسي المعتمد لدى المغرب، والوفد المرافق له، في زيارة تدوم يومين إلى الأقاليم الجنوبية. وكان في استقبال الوفد الدبلوماسي الفرنسي، الذي يزور مدينتي العيون والداخلة خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عبد السلام بكرات، والي جهة العيون - الساقية الحمراء.

وتهدف زيارة السفير الفرنسي ومعاونيه المكلفين بالقضايا الثقافية والتعليمية والاقتصادية، إلى لقاء السكان والسلطات المحلية للاستماع إليهم، وتقييم التحديات والاحتياجات في هذه الجهات، وتحديد سبل العمل التي يمكن لفرنسا اتخاذها لدعم تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، «تماشياً مع المواقف التي عبرت عنها فرنسا ورئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الرسمية الأخيرة إلى المملكة المغربية».

وبحسب «وكالة الأنباء الرسمية» وصحف محلية، سيستهل الوفد الدبلوماسي الفرنسي أولى محطات الزيارة الأولى من نوعها إلى المنطقة، بعقد سلسلة من الاجتماعات مع رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة بالجهة، والوقوف على عدد من المشاريع والورشات التنموية الكبرى، المنجزة في إطار النموذج التنموي، وذلك للاطلاع على الوضع العام بالأقاليم الجنوبية.

كما يضم الوفد ثلاثين من رؤساء الشركات الفرنسية المنتسبين لغرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالمغرب، بالإضافة إلى كلوديا غوديو فرانسيسكو، رئيسة غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالمغرب، وأنياس همروزيان، المديرة العامة للمعهد الفرنسي بالمغرب مستشارة التعاون والعمل الثقافي، وجان مارك ميريو، المدير العام للمهمة العلمانية الفرنسية والمكتب المدرسي والجامعي الدولي.