«الطاقات البديلة» تفجر خلافاً حاداً بين الحكومة التونسية والبرلمان

«مجلس الشعب» يبحث غداً برنامج الإصلاحات الكبرى لاستعادة التوازنات الماليّة

صورة لجلسة برلمانية سابقة (موقع البرلمان التونسي)
صورة لجلسة برلمانية سابقة (موقع البرلمان التونسي)
TT

«الطاقات البديلة» تفجر خلافاً حاداً بين الحكومة التونسية والبرلمان

صورة لجلسة برلمانية سابقة (موقع البرلمان التونسي)
صورة لجلسة برلمانية سابقة (موقع البرلمان التونسي)

خلَّف قرار البرلمان التونسي، القاضي برفض التعديلات المدرجة على الفصل 41 من قانون المالية لسنة 2024 جدلاً سياسياً وبرلمانياً واسعاً، وكشف عن خلاف عميق بين وزارة المالية ونواب البرلمان، الذين رفضوا بأغلبية الأصوات المصادقة على هذا الفصل من قانون المالية.

ففيما عبر الطرف الحكومي عن خشيته من حدوث ثغرة مالية في ظل شح الموارد الذاتية ومحدوديتها، تمسك نواب البرلمان بضرورة توفير الاعتمادات المالية، الموجهة لتشجيع المؤسسات بمختلف أنواعها على الانخراط في برنامج الطاقات البديلة والمتجددة.

وزيرة المالية تجيب على أسئلة النواب أمام البرلمان التونسي (موقع البرلمان)

ويتناول الفصل 41 من قانون المالية تشجيع المؤسسات التونسية على استعمال الطاقات البديلة والمتجددة، وفي هذا الشأن قال عبد الجليل الهاني، نائب رئيس لجنة المالية بالبرلمان التونسي، إنه تم التداول بشأن هذا الفصل، قبل أن يتم التصويت على مجموعة من التعديلات، خاصة بعد أن تبين وجود بعض العوائق التقنية لتطبيق هذا الفصل، وهذا ما جعل الجهة المبادرة (وزارة المالية) تقرر سحب التعديل مبدئياً لإعادة النظر فيه ودراسته بتمعن.

وأضاف الهاني موضحاً: «نحن ندفع في اتجاه الانتقال الطاقي، لكن هذا الموضوع يتطلب المزيد من التعمق للوصول إلى صيغة تأليفية، والدفع نحو الارتقاء بالتعديل إلى مستوى القانون المنظم لهذا القطاع».

من ناحيتها، قالت سهام نمسية، وزيرة المالية التونسية، إن المقترح الذي تم التصويت لفائدته في إطار الفصل 41، والمتعلّق بإعطاء منحة للمؤسسات قصد تشجيعها على تحقيق الانتقال الطّاقي، دون تحديد سقف لها «أمر غير مقبول، خاصّة وأن صندوق الانتقال الطاقي أحدث لهذا الغرض». وتابعت قائلة: «من مسؤوليتي كوزيرة للمالية، ومن خلال اطلاعي على الوضعية المالية العمومية أقدر الخطر، الذي سيضر بالتوازنات المالية للبلاد».

وانتهت عملية التصويت إلى رفض 111 نائباً برلمانياً للصيغة المعدلة للفصل 41 من قانون المالية، في حين صوت 10 نواب لصالح التعديلات، واحتفظ 6 نواب بأصواتهم.

في السياق ذاته، صوت المجلس على الفصل 42 من مشروع قانون المالية لسنة 2024، والمتعلق بالتشجيع على تمويل المشاريع في مجال الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأزرق والدائري، والتنمية المستدامة بـ119 صوتاً، ورفض 4 نواب، واحتفاظ 5 نواب بأصواتهم.

ومن المنتظر أن تنتهي مناقشة قانون المالية الجديد غداً (الأحد)، ويهدف هذا المشروع، الذي أعدته الحكومة، إلى مواصلة برنامج الإصلاحات الكبرى لاستعادة التوازنات الماليّة، من خلال تكريس العدالة الجبائية، والتصدّي للتهرّب الجبائي، وترشيد الامتيازات الجبائية، وتوجيهها لعدد من القطاعات الواعدة.

وكانت السلطات التونسية قد عززت خلال الفترة الماضية مجال تدخل صندوق الانتقال الطاقي (حكومي) في إطار خطة للانتقال نحو الطاقات البديلة، وذلك من خلال منح حزمة من الحوافز للأفراد، أو للمؤسسات بشأن الإنتاج الذاتي للطاقات المتجددة، غير أن الوضع المالي الحالي لا يبدو، حسب مراقبين ومسؤولين بوزارة المالية، مشجعاً على الاستثمار في هذا المجال.

وما تزال نسبة الطاقات البديلة ضعيفة للغاية، مقارنة مع إجمالي استهلاك الطاقة في تونس وهي لا تتجاوز 3 في المائة على أقصى تقدير.



حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
TT

حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)

استبعدت مصادر مصرية مطلعة أن يؤدي التوتر المنعكس في وسائل الإعلام بين مصر وإسرائيل إلى أزمة عسكرية أو سياسية كبيرة بين البلدين، وقللت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من احتمال تفجر الأوضاع، رغم ارتفاع حدة التراشق في وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي، على مدى الأيام القليلة الماضية.

ومنذ وقّع الطرفان اتفاقاً للسلام في سبعينات القرن الماضي، لم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً متصاعداً كالذي حدث منذ اندلاع الحرب الحالية في غزة قبل 15 شهراً.

وبجانب التوتر النابع من الخلافات حول طريقة حل القضية الفلسطينية، فإن الخلافات زادت حدتها منذ مايو (أيار) الماضي، حينما استولت إسرائيل على محور «فيلادلفيا» الحدودي، وكذلك معبر رفح الحدودي مع مصر، واتهامها لمصر بأنها لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق لقطاع غزة، وهو ما نفته القاهرة واعتبرته خرقاً لبنود معاهدة السلام، وردت عليه بتكثيف قواتها العسكرية بالقرب من الحدود، بحسب ما رصدته صور وتقارير إعلامية.

وما لبثت أن هدأت وتيرة الخلافات بعض الشيء بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بوساطة مصرية - قطرية - أميركية، إلا أن التوتر تصاعد مجدداً بعدما طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، وأيدته في ذلك إسرائيل، وأعلن مسؤولون بها أنهم شرعوا في اتخاذ خطوات لتنفيذه، وهو ما أدانته القاهرة بشدة، وتوالت ردود الفعل الرسمية المصرية الرافضة، مع دعم عربي ودولي واسع لموقف القاهرة.

بالتوازي مع ذلك، زادت حدة التراشق بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في مصر وإسرائيل، ما دفع البعض لإثارة تخوفات من احتمال تفجر الأوضاع وبلوغها الصدام العسكري بين الطرفين.

لكن وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يحدث «صدام عسكري» بين مصر وإسرائيل، مشدداً على أن إسرائيل «منهكة»، وليست لديها القدرة العسكرية حالياً لدخول مواجهة مع دولة بحجم مصر.

وشدد على أن التوترات الحادثة حالياً في العلاقات، أو في وسائل الإعلام، طبيعية بسبب أحداث حرب غزة والخلافات حولها، وستستمر طوال استمرار هذه الحرب، لكن «لن تتصعد» أكثر من ذلك، «فكل منهما يعرف قدرة الآخر»، كما أن مصر حريصة على السلام في المنطقة.

واتفق معه الخبير العسكري المصري، سمير فرج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن كل ما يثار خاصة في الإعلام الإسرائيلي عن مواجهة عسكرية مع مصر «مجرد كلام» ليس له أساس من الصحة، ولا واقعية للتنفيذ.

وشدد على أن إسرائيل «لن تغامر» بدخول حرب نظامية مع مصر، في الوقت الذي تخوض فيه القوات الإسرائيلية نزاعاً منذ عام ونصف عام مع جماعات المقاومة المسلحة في فلسطين أو لبنان.

وشدد على أن عدوّ إسرائيل الأول في المنطقة هو إيران بسبب البرنامج النووي لطهران، ولن تغامر بمعاهدة السلام مع مصر.

وفي عام 1979، وقّعت مصر مع إسرائيل معاهدة السلام، وأكدت فيها الدولتان التزامهما «بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد».

وتمنع الاتفاقية التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بين طرفيها، وتلزمهما بحل كافة المنازعات التي تنشأ «بالوسائل السلمية».

ونظمت الاتفاقية التاريخية كذلك شكل الوجود العسكري على الحدود بين البلدين، وشُكلت بموجبها لجنة تنسيق عسكرية مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية والالتزام بها.

وكيل المخابرات المصرية السابق اللواء محمد رشاد، أكد أن «اتفاقية كامب ديفيد تتضمن بنوداً نصت على عدم اعتداء أي طرف على الآخر»، ولكن ما حدث أن إسرائيل احتلت محور فيلادلفيا بالمخالفة للاتفاقية، وهو ما يعدّ تهديداً للأمن القومي المصري، ومن ثم حشدت مصر قواتها في المنطقة (ب) والمنطقة (ج) قرب حدود إسرائيل، والتي كانت تنص الاتفاقية على وجود قوات محدودة فيهما.

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر حشدت قواتها هناك لصد أي تهديد لأمنها القومي كرد على ما فعلته إسرائيل باحتلال محور فيلادلفيا»، مشيراً إلى أن «إسرائيل حالياً تدعي أن مصر خالفت معاهدة السلام، ومصر ترد عليها بأن المخالفة جاءت من تل أبيب أولاً، فحينما تنسحب إسرائيل من فيلادلفيا، وقتها يمكن مطالبة مصر بسحب قواتها من قرب الحدود المصرية - الإسرائيلية».

ولكن في الوقت نفسه، يرى رشاد أنه «لن يصل الأمر إلى الصدام العسكري، فهناك لجنة عسكرية بين الطرفين تناقش هذه الأمور وتعمل على حلها، وهناك حرص من الدولتين على استمرار معاهدة السلام».

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

وأعادت إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفيا، الذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومتراً، وترفض الانسحاب منه.

جغرافياً يمتد هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، من البحر المتوسط شمالاً وحتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وتؤمن إسرائيل بأن هذا المحور الحدودي مع مصر هو بوابة «حماس» الرئيسية للحصول على الأسلحة المهربة عبر أنفاق تمُرّ تحته، لكن مصر ترى أن حدودها تحت السيطرة، ولا أنفاق ولا تهريب عبر أراضيها.

ورغم تصاعد التوترات الإعلامية بين البلدين بسبب احتلال إسرائيل هذا المحور، وكذلك نشر القوات المصرية قرب الحدود، فلم يصدر أي تهديد رسمي من القاهرة أو تل أبيب باحتمال الدخول في مواجهة عسكرية بين الطرفين.