أميركا تتهم طرفي نزاع السودان بارتكاب «جرائم حرب» و«إبادة»

جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
TT

أميركا تتهم طرفي نزاع السودان بارتكاب «جرائم حرب» و«إبادة»

جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)
جنرالا الحرب في السودان البرهان وحميدتي (رويترز)

اتهمت الولايات المتحدة، الأربعاء، الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بارتكاب «جرائم حرب» في النزاع الجاري بينهما منذ أشهر في السودان، من غير أن تفرض عقوبات جديدة عليهما في الوقت الحاضر.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، ارتكبتا «جرائم حرب»، مضيفاً أن قوات دقلو وأفراد الميليشيات المتحالفة معه ارتكبوا أيضاً «جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً».

وأفاد بلينكن، في بيان، بأنه منذ بدء القتال، في 15 أبريل (نيسان) الماضي، أطلقت القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» ما أسماه «العنان لأعمال عنف مروعة وموت ودمار في كل أنحاء السودان»، مضيفاً أن «المدنيين تحملوا وطأة هذا الصراع الذي لا داعي له». وقال: «تعرض المعتقلون للإساءة، وقتل بعضهم في مواقع الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع)»، علماً بأن الأخيرة والميليشيات المتحالفة معها «قامت بترويع النساء والفتيات من خلال العنف الجنسي، أو مهاجمتهن في منازلهن، أو اختطافهن من الشوارع، أو استهداف اللواتي يحاولن الفرار إلى بر الأمان عبر الحدود».

الحرب المتواصلة في السودان طالت مواقع مدنية عدة (أ.ف.ب)

وتحدث بلينكن أيضاً عن «أصداء الإبادة الجماعية التي بدأت منذ نحو 20 عاماً في دارفور»، التي «شهدت انفجاراً في العنف المستهدف ضد بعض مجتمعات الناجين نفسها»، لافتاً إلى «مطاردة المدنيين المساليت» الذين «تُركوا ليموتوا في الشوارع، وأضرمت النيران في منازلهم، وقيل لهم إنه لا يوجد مكان لهم في السودان». وقال: «بناءً على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والحقائق المتاحة، قررت أن أفراد القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) ارتكبوا جرائم حرب»، معتبراً أيضاً أن «أعضاء قوات (الدعم السريع) والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً».

ورأى بلينكن أن توسع الصراع «تسبب في معاناة إنسانية خطيرة»، مطالباً القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم» بـ«وقف هذا الصراع الآن، والامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن الفظائع... يجب عليهم أيضاً التزام تعهداتهم للسماح بالمساعدة الإنسانية من دون عوائق وتنفيذ تدابير بناء الثقة التي يمكن أن تؤدي إلى وقف مستدام للأعمال العدائية»، مشدداً على أن «تدفق الأسلحة والتمويل إلى الأطراف المتحاربة لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع الذي ليس له حل عسكري مقبول».

سودانية (15 عاماً) ضحية عنف جنسي في الجنينة غرب دارفور (أرشيفية: رويترز)

وكرر دعم الولايات المتحدة للجهود الأفريقية والدولية لإنهاء العنف، ومعالجة الأزمة الإنسانية و«العمل على تحقيق عدالة مجدية للضحايا والمجتمعات المتضررة، مما ينهي عقوداً من الإفلات من العقاب».

وأسفرت الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» المستمرة منذ أبريل عن سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل، وفق تقديرات منظمة «مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها» (أكليد). وتسببت بنزوح نحو ستة ملايين شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة بحسب الأمم المتحدة.

سودانيون يفرون من الحرب باتجاه تشاد (أرشيفية: رويترز)

ولم يترافق بيان بلينكن مع إعلان عن فرض عقوبات جديدة على السودان، لكن لم يستبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر ذلك.

وقال ميللر خلال مؤتمر صحافي: «عدم الإعلان عن عقوبات اليوم لا يعني أننا لن نفرض عقوبات جديدة لاحقاً».

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة من العقوبات استهدفت على سبيل المثال وزير خارجية سابق وأعضاء في «الدعم السريع»، لكن العقوبات لم تطل إجمالاً سياسيين رفيعي المستوى.

وأكد خبراء في الأمم المتحدة مؤخراً أنّ العنف الجنسي منتشر على نطاق واسع في السودان، وأحياناً بدوافع عرقية، ويُستخدم «أداة حرب»، مطالبين بمحاكمة مرتكبي هذا العنف.

ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إدارة بايدن، الأربعاء، إلى تعيين مبعوث خاص للسودان من أجل «تنسيق جهود حلفائنا وشركائنا لإنهاء الصراع، نظراً لخطورة الأوضاع».


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.