«اليمين» يدعو لإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري بشأن الهجرة

معارضون عدّوا الخطوة «إساءة موجهة للجزائر» ستضر بعلاقات البلدين

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

«اليمين» يدعو لإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري بشأن الهجرة

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

تنوي المعارضة اليمينية الفرنسية الضغط على الحكومة حول موضوع الهجرة، عبر مطالبتها (الخميس) في الجمعية الوطنية بإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري، المبرم عام 1968 ومراجعة بنود دستورية بهذا الصدد.

وأدرج هذان المقترحان في رأس قائمة جدول الجمعية، المخصص لكتلة «الجمهوريين» (يمين)، وهي 60 نائباً من أصل 577 نائباً.

ومن المرجح رفض المقترحين، إلا أن اليمين سيسعى من خلالهما إلى تجسيد «الحزم» الحقيقي في مسائل الهجرة بنظر الرأي العام، على ما أفيد داخل التكتل.

وأثار الجمهوريون بطرحهم مسودة قرار، تدعو إلى «إلغاء السلطات الفرنسية الاتفاق الفرنسي - الجزائري العائد إلى 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968»، بلبلة وضجة داخل الغالبية الرئاسية.

ولن يكون مثل هذا النص في حال إقراره ملزماً، إلا أنّ نواباً من كتلة حزب «النهضة» الرئاسي لم يكونوا معارضين لتوجيه «إشارة» إلى الجزائر، من خلال مراجعة الوضع المؤاتي، الممنوح لرعاياها على صعيد شروط التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

وبعد نقاش داخلي، أوضحت نائبة رئيس الحزب ماري لوبيك أن المجموعة «انضمت في نهاية المطاف إلى موقف الغالبية، القاضي بالتصويت ضدّه» حتى لو «كنا جميعنا موافقين على أن الاتفاق لم يعد يعمل».

الرئيس الجزائري مع الوزيرة الأولى الفرنسية بالجزائر في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

في المقابل، يعتزم نواب حزب «آفاق» Horizons، الذي أسسه رئيس الوزراء السابق، إدوار فيليب، التمايز عن موقف حلفائهم في حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، بالتصويت من أجل الاقتراح.

وأوضح زعيم الكتلة، لوران ماركانجيلي، أن هذا الموقف اعتمد «بتوافق تام مع كلام إدوار فيليب»، الذي دعا بنفسه في يونيو (حزيران) إلى هذه المراجعة.

ويقضي الاتفاق، الموقع عام 1968 في وقت كان فيه الاقتصاد الفرنسي بحاجة إلى يد عاملة، بمنح الجزائريين امتيازات مهمة، ولا سيما استثنائهم من القوانين المتصلة بالهجرة، حيث بإمكانهم البقاء في فرنسا بموجب «تصريح إقامة»، وليس «بطاقة إقامة».

كما بإمكانهم الإقامة بحرية لمزاولة نشاط تجاري أو مهنة مستقلة، والحصول على سند إقامة لـ10 سنوات بسرعة أكبر من رعايا دول أخرى.

ويرى نواب «الجمهوريين» أن ذلك يوازي «حقاً تلقائياً في الهجرة»، في وقت يهدف فيه مشروع قانون حكومي، من المتوقع مواصلة مناقشته في الجمعية الوطنية في 11 ديسمبر الحالي، إلى «ضبط الهجرة» بصورة أفضل.

وترى لوبيك أن إصدار قرار برلماني «لا معنى له... إنه إساءة موجهة إلى الجزائر، في وقت تحسنت فيه علاقاتنا خلال الأشهر الأخيرة».

مارين لوبان المعروفة بمواقفها المناهضة للهجرة تلقي كلمتها بالبرلمان الفرنسي (أ.ف.ب)

كما عبّر زميلها ماتيو لوفيفر عن الرأي نفسه، إلا أنه اعتبر أن الاتفاق «تخطاه الزمن تماماً»، وقال في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كل ما سيفعله (القرار) هو أنه سيغضب أصدقاءنا الجزائريين، ونحن في البرلمان لا نزاول العمل الدبلوماسي، بدل رئيس الجمهورية».

وفي مواجهة «الفخ»، الذي نصبه اليمين، بحسب تعبير مصدر حكومي، قال مصدر في حزب النهضة إنه سيتسنى للسلطة التنفيذية الخميس «عرض موقفها» بشأن هذه المسألة، متوقعاً الخوض في «إعادة تفاوض».

ومع المقترح الثاني، سيؤكد الجمهوريون مرة أخرى على أن سن قوانين حول الهجرة لن يأتي بنتائج من دون إصلاحات دستورية، وصفها النائب باتريك هرتزل بأنها «الأساس».

وهم يطالبون بتوسيع نطاق الاستفتاء ليشمل أي مشروع قانون، أو مشروع قانون أساسيّ، بما في ذلك مسائل الهجرة.

كما تنص المسودة، التي تم رفضها لدى درسها، على فرض معيار «الاندماج» من أجل حصول المهاجرين على الجنسية الفرنسية، ووقف العمل بحق المواطنة بالولادة في مايوت، إحدى المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار، الواقعة في المحيط الهندي، وفرض حصص هجرة يحددها البرلمان.

والهدف الأساسي لمشروع القانون هو السماح بأن تكون قوانين أساسية، يتم إقرارها في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ، أو بموجب استفتاء، مخالفة للاتفاقات الثنائية أو القانون الأوروبي.

وندّد المعسكر الرئاسي المعارض لمثل هذه التدابير، بـ«فريكست في مجال الهجرة»، بحسب كلمة مستوحاة من «بريكست»، وتعني خروجاً فرنسياً عن الإجماع الأوروبي.

وسيكون المسعى الأساسي، الخميس، بحسب أحد مسؤولي الجمهوريين، هو «إبداء موقف واضح وحازم بشأن الهجرة، في مواجهة ادّعاءات الغالبية الكاذبة».



تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».