كثَّفت مصر تحركاتها ومساعيها لتوفير مسارات بديلة لـ«الهجرة غير المشروعة»، عبر تدشين مشروعات مشتركة مع دول أوروبية لإتاحة فرص لـ«الهجرة الآمنة»، وتحقيق مكاسب للجانبين، والحد من ظاهرة ما بات يُعرف بـ«مراكب الموت» التي تنقل مهاجرين غير نظاميين من سواحل شمال أفريقيا باتجاه الشواطئ الأوروبية.
وفي هذا الصدد، استقبل وزير الداخلية الإيطالي، المسؤول عن ملف الهجرة في الحكومة الإيطالية، ماتيو بيانتيدوزي، الأربعاء، وزيرة الدولة لشؤون الهجرة والمصريين بالخارج، سها جندي؛ لبحث إنشاء وتدعيم قنوات شرعية للهجرة إلى إيطاليا، ومن ثم تعزيز التعاون الإيجابي لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» من خلال إنشاء المركز المصري - الإيطالي لتدريب وتأهيل العمالة المصرية للعمل بالسوق الإيطالية والأوروبية.
وتعدّ إيطاليا أكثر الدول الأوروبية معاناة من موجات «الهجرة غير المشروعة»؛ إذ «ارتفع عدد القادمين عن طريق البحر المتوسط إلى إيطاليا في 2022 إلى أكثر من 105 آلاف مهاجر بنسبة زيادة قُدرت بـ55.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، واحتلت مصر وتونس وبنغلاديش، المراتب الثلاث الأول على الترتيب لجنسيات المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا»، بحسب «التقرير السنوي عن الهجرة في إيطاليا» الصادر في مارس (آذار) من العام الحالي.
من جهتها، أعلنت الوزيرة المصرية إطلاق «المركز المصري - الإيطالي»، الذي سيكون معنياً بتأهيل وتدريب الشباب المصري للعمل في السوق الإيطالية، لافتة إلى «امتلاك مصر تجربة مماثلة ناجحة مع الحكومة الألمانية»، وفق بيان رسمي مصري.
وتطبق مصر منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير المشروعة»؛ إذ يُعاقب بـ«السجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه (الدولار يساوي رسمياً 30.8 جنيه) أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك».
وتكون العقوبة «السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو غرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، إذا كان المهاجر المهرب امرأة أو طفلاً أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة».
من جانبها، أشارت رئيس «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير المشروعة» في مصر، نائلة جبر، إلى وجود ما وصفته بـ«التطور النسبي» في الرؤية الأوروبية المتعلقة بالتعامل المتكامل مع ظاهرة «الهجرة غير المشروعة»، مشيرة إلى أن الأوروبيين باتوا يدركون أن التنمية المشتركة هي السبيل لمواجهة موجات «الهجرة غير النظامية».
وأوضحت جبر لـ«الشرق الأوسط»، أن «خلق مسارات آمنة للهجرة، عبر العمل المشترك بين الدول المصدرة والمستقبلة للمهاجرين يوفر فرصاً لتحقيق مكاسب مشتركة، سواء في الدول المصدرة التي تعاني وفرة في أعداد الشباب وقوة العمل، والدول الأوروبية التي تواجه خللاً في الهرم السكاني وانتشار الشيخوخة؛ ما يجعلها في حاجة إلى مهاجرين ذوي مهارة وأيدٍ عاملة مدربة».
و«اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير المشروعة» في مصر، تأسست عام 2017، وتتبع رئيس مجلس الوزراء المصري، وتختص بالتنسيق على المستويين الوطني والدولي لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر».
وأكدت جبر، الأربعاء، أن مصر اعتمدت الكثير من برامج «الهجرة الآمنة» مع دول أوروبية كبرنامج الهجرة الموسمية مع اليونان، إضافة إلى دعم مشروعات التعاون للتدريب الفني. وأضافت، أن مصر من الدول التي «تعمل بجدية لحل أزمة (الهجرة غير المشروعة)»، فرغم أنها تستضيف على أراضيها أكثر من 9 ملايين مواطن من أبناء دول أخرى كنازحين، «لم تحصل على دعم لوجود كل هذا العدد في مصر رغم الضغوط الاقتصادية»، بل إن «مصر تعمل مع دول المنطقة لتوفير خبراتها في مكافحة «الهجرة غير المشروعة».
يُذكر، أن مصر استضافت، الثلاثاء، اجتماع مركز العمليات الإقليمي لمكافحة الجريمة المنظمة، والذي يستهدف التنسيق بين الدول الأعضاء لتعزيز التعاون المشترك لمكافحة الجريمة المنظمة، ومن بينها «الهجرة غير المشروعة». ويضم المركز 12 عضواً، هم: مصر، والسودان، وجنوب السودان، والصومال، وجيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، وتشاد، واليمن، والكونغو وبوروندي.
ووفق مراقبين، شددت دول البحر المتوسط خلال الآونة الأخيرة، من «إجراءاتها للحد من وصول موجات المهاجرين غير النظاميين»، وبحسب «منظمة الهجرة الدولية»، فإن «ما لا يقل عن 20 ألف شخص لقوا مصرعهم منذ عام 2014 أثناء محاولتهم عبور مياه البحر المتوسط نحو السواحل الأوروبية».