هل تنجح جهود جمع «الخمسة الكبار» لحلحلة خلافات الانتخابات الليبية؟

ألمانيا وفرنسا تدعمان مبادرة باتيلي لإجراء الاقتراع المرتقب

العبيدي النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مستقبلاً السفير الفرنسي مصطفى مهراج (المجلس)
العبيدي النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مستقبلاً السفير الفرنسي مصطفى مهراج (المجلس)
TT

هل تنجح جهود جمع «الخمسة الكبار» لحلحلة خلافات الانتخابات الليبية؟

العبيدي النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مستقبلاً السفير الفرنسي مصطفى مهراج (المجلس)
العبيدي النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مستقبلاً السفير الفرنسي مصطفى مهراج (المجلس)

ضاعفت قوى إقليمية ودولية من جهودها لدعم مبادرة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، التي دعا فيها الأطراف الفاعلة الرئيسية في ليبيا للمشاركة في اجتماع يهدف إلى مناقشة القضايا الخلافية المرتبطة بالانتخابات.

ومنذ توجيه المبعوث الأممي هذه الدعوة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، لما أطلق عليهم «الخمسة الكبار» في ليبيا، وهو يسعى عربياً ودولياً للبحث عن دعم لجمع فرقاء الأزمة السياسية على طاولة الحوار مجدداً، ما انعكس على زيارته إلى العاصمة المغربية الرباط التي أتبعها بزيارة إلى الجزائر، الاثنين.

وأبدى عدد من سفراء الدول الأوروبية لدى ليبيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، دعمهم للبعثة الأممية ورئيسها باتيلي باتجاه عقد الانتخابات الرئاسية والنيابية الليبية «في أقرب الآجال». وفي هذا السياق كشف السفير الألماني لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، الثلاثاء عن جانب من لقائه بعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، وقال إنه بحث معه مقترح المبعوث الأممي بشأن الانتخابات.

ووصف أونماخت المقترح الأممي بأنه «خطوة مهمة نحو تعزيز العملية السياسية»، وقال إنهم «واثقون بأن التوقيت المناسب والتوافق سيؤديان إلى تحقيق تقدم حقيقي بالذهاب إلى الانتخابات لتحقيق إرادة الشعب الليبي».

ولم يتحدد موعد الاجتماع الذي دعا إليه المبعوث الأممي بعد، لكن الدعوة وُجهت إلى «الخمس الكبار»، (5+1)، وهم القائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى جانب محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى باتيلي.

حفتر مستقبلاً سفير ألمانيا لدى ليبيا في مقر القيادة العامة في بنغازي (القيادة العامة)

ولمزيد من دعم المبادرة الأممية، ناقش السفير الألماني مع حفتر، الذي التقاه، الثلاثاء، بمقر القيادة العامة بالرجمة في بنغازي، التطورات السياسية للأزمة الليبية. واتفق الطرفان، وفق مكتب حفتر، على أهمية التواصل، وإجراء مزيد من المشاورات والتباحث المشترك للوصول لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وعلى الرغم من تعقّد المشهد السياسي نظراً لاستبعاد البعثة الحكومة المكلفة من البرلمان من المشاركة في الاجتماع، وتمسك صالح باستبعاد الدبيبة أيضاً، ناشدت البعثة «الأطراف الفاعلة الرئيسية» تسمية ممثليها للمشاركة في اجتماع تحضيري. وهذا الاجتماع يفترض أن يبحث موعد الاجتماع ومكان انعقاده وجدول أعماله، وتحديد المسائل العالقة التي يتوجب حلها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانونَي الانتخابات، الصادرين عن مجلس النواب.

واستكمالاً للجهود الدولية الداعمة للبعثة الأممية، بحث السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى مهراج، مع عمر العبيدي، النائب الثاني للمجلس الأعلى للدولة، الأزمة السياسية في ليبيا، وسبل تفعيل مبادرة باتيلي.

العبيدي النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مستقبلاً السفير الفرنسي مصطفى مهراج (المجلس)

ومن جهته، أوضح المجلس الرئاسي أن اللقاء، الذي حضره عبد العزيز حريبة رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس، تناول بحث تطورات العملية السياسية في ليبيا، حيث تُطُرِّق إلى مبادرة باتيلي (5+1)، والخطوات المتخذة لإنهاء المراحل الانتقالية، والتأكيد على الحاجة لاستكمال الوصول إلى توافق وطني، يؤدي إلى إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية «في أقرب الآجال».

عقيلة صالح طالب باستبعاد رئيس حكومة «الوحدة» من اللقاء الذي طالب به باتيلي (رويترز)

ولم يعلق المبعوث الأممي على مطالبة صالح، الثلاثاء، باستبعاد الدبيبة، لكن الأول التقى في الجزائر، الاثنين، وزير شؤون خارجيتها أحمد عطاف، الذي أكد دور بلاده في حل الأزمة الليبية، وما يمكن أن تقدمه في هذا الصدد. ونوّه باتيلي بأن موقع الجزائر بوصفها عضواً في اللجنة الأفريقية الرفيعة المستوى، المكلفة بحل الأزمة في ليبيا وتجربتها في المصالحة الوطنية، يمكن أن يكونا «ذَوَيْ فائدة كبيرة لحل الأزمة في ليبيا».

ويتوقع أن يجوب المبعوث الأممي عواصم عربية أخرى سعياً لإيجاد حل للأزمة الليبية، لا سيما في ظل تمسك مجلس النواب بتشكيل «حكومة جديدة»، خلفاً لحكومة الدبيبة، فضلاً عن رفضه إقصاء حكومة حمّاد من المشاركة في الاجتماع المرتقب.

ونوه المبعوث الأممي في أعقاب طرح مبادرته بأنه بالتوازي مع الاجتماع التحضيري، وحرصاً على مبدأ الشمول في العملية السياسية، يعتزم إجراء مشاورات مركزة مع طيف أوسع من الأطراف الليبية الأخرى، كي يتسنى «للفاعلين المؤسسيين» أخذ مقترحاتهم حول كيفية تسوية المسائل الخلافية العالقة، والتمهيد لإجراء الانتخابات بعين الاعتبار في أثناء مفاوضاتهم.

ومن بين أصحاب الشأن الأحزاب السياسية، والأطراف العسكرية والأمنية الفاعلة، والشيوخ والأعيان، والمكونات الثقافية واللغوية، والأكاديميون، وممثلو الشباب والنساء والمجتمع المدني.


مقالات ذات صلة

سياسيون ليبيون يعوّلون على الضغوط الدولية لتفعيل «الخطة الأممية»

شمال افريقيا المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة الأممية)

سياسيون ليبيون يعوّلون على الضغوط الدولية لتفعيل «الخطة الأممية»

سلطت خطة سياسية أعدتها لجنة استشارية ليبية برعاية الأمم المتحدة، وجرى الكشف عن بعض تفاصيلها، الضوء على إمكانية ممارسة «ضغوط دولية» على الخصوم السياسيين بليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي (البلدية)

ليبيا: عميد بلدية طرابلس يُحمل الدبيبة والمنفي «مسؤولية» اشتباكات العاصمة

حمّل عميد بلدية طرابلس، إبراهيم الخليفي، المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، وحكومة الوحدة «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسؤولية عن الاشتباكات.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا محمد المنفي اعتبر «قرارات» عبد الحميد الدبيبة «اعتداءً» على اختصاصاته (الوحدة)

ليبيا: اشتباكات العاصمة تفجر خلافاً بين «الرئاسي» و«الوحدة»

اندلع خلاف علني بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، على خلفية قرارات مفاجئة اتخذها الأخير.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا قوات تعزز وجودها لفرض الأمن في شوارع طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

ليبيا: حصيلة قتلى اشتباكات طرابلس تتجاوز 56 شخصاً... ودعوات دولية للتهدئة

عادت الاشتباكات المسلحة إلى العاصمة الليبية طرابلس بعدما تصاعدت حدة القتال بين ميلشيات «اللواء 444 قتال» التابعة لحكومة الوحدة «المؤقتة».

خالد محمود
شمال افريقيا قوات الأمن عززت وجودها بمختلف الشوارع الرئيسية في طرابلس تفادياً لتجدد الاشتباكات (إ.ب.أ)

هدوء المعارك التي هزت طرابلس بعد إعلان وقف إطلاق النار

قال سكان في العاصمة الليبية طرابلس إن أسوأ قتال تشهده المدينة منذ سنوات هدأ، اليوم الأربعاء، بعد ساعة من إعلان الحكومة وقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (طرابلس)

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
TT

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)

استحسن العديد من القادة السياسيين السودانيين إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية - الأميركية بالعاصمة الرياض، الأربعاء، مواصلة المملكة جهودها في إنهاء الأزمة في السودان من خلال «منبر جدة»، الذي يحظى برعاية سعودية - أميركية، وصولاً لوقف إطلاق نار كامل في السودان، معتبرين أن ذلك يعطي قوة دفع جديدة لإنهاء النزاع المستمر في السودان.

وفي مايو (أيار) الماضي، أي بعد اندلاع الحرب بأسابيع قليلة، استضافت مدينة جدة، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع ما عُرف بـ«إعلان جدة الإنساني»، ونصّ على حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.

وقال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان «التيار الثوري» ياسر سعيد عرمان إن حديث ولي العهد السعودي بشأن إحياء منبر جدة، «جاء في وقت مهم، وفي أعلى مستويات الاتصالات بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية في قمة الرياض، وهذا يعطي ملف الحرب في السودان زخماً كبيراً في الفترة المقبلة».

وأضاف عرمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن السودان «يحتاج بشكل عاجل إلى وقف إطلاق نار إنساني»، مشيراً إلى أن الجهود السابقة في منبر جدة، وما تم من تنسيق بين الشركاء الإقليميين والدوليين ودول الجوار يجب أن تخلق قوة دفع جديدة.

وقال رئيس التيار الثوري: «نتطلع إلى أن تشكل الزيارة المهمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض والاتصالات بين مختلف الأطراف في الخليج ودول الجوار قوة دفع جديدة تقود إلى وقف إطلاق نار إنساني، يتيح الفرصة للسودانيين، وإبعاد القوة المتحكمة بواسطة البندقية في مصير الشعب السوداني، وتفتح الطريق للوصول إلى حكم مدني ديمقراطي وسلام دائم».

كما عبّر عرمان عن تفاؤله في أن تسهم دول الجوار والمجتمع الدولي في الوصول إلى سلام في السودان «يخدم مسار الأمن والسلم في المنطقة».

بدوره، قال المنسق السياسي لحركة «تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، المحبوب عبد السلام، إن «البشارة الوحيدة التي أحيت الأمل في نفوس السودانيين هي ما ورد في خطاب ولي العهد السعودي حول منبر جدة، فهو لا يزال رغم مرور عامين من الحرب الوثيقة الشرعية الأساسية لبداية تفاوض جديد بذات الرعاية السعودية - الأميركية، التي أثبتت جدواها في حل أعقد الأزمات العالمية».

وأشار المحبوب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن غياب الوظيفة السياسية للحكومة السودانية «يعقّد المشهد»، مبرزاً أن تجاوز الحرب السودانية في الخطاب المطول الذي قدمه الرئيس الأميركي في قمة الرياض والذي تحدث فيه عن الحروب في غزة ولبنان واليمن وأوكرانيا وحتى كشمير جعل السودانيين يتساءلون عن معنى وصف الأمم المتحدة للحرب في السودان بأنها أكبر مأساة إنسانية في العالم.

وأضاف المحبوب أنه مهما «تعددت المنابر، من الاتحاد الأفريقي إلى (إيغاد) والأمم المتحدة والجامعة العربية، فإن الرؤية السودانية هي التي ستقود تلك الجهود، وفي غيابها ستنتهي إلى التيه كما هو واقع اليوم».

بدوره، ثمّن رئيس حزب الأمة «الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل المهدي استراتيجية السعودية تجاه السودان، التي تقوم على استقراره والحفاظ على مؤسساته الوطنية، وجهودها الحثيثة التي بذلتها في سبيل تعزيز السلام ووقف الحرب.

ورأى المهدي، في بيان، أن «منبر جدة» هو «المبادرة الأكثر تأهيلاً وتأثيراً لوقف الحرب، لأنه يلامس قضايا جوهرية تخص المدنيين، كما أنه جدي في التعامل مع الحرب في السودان، بدليل توصله إلى اتفاق بعد 3 جولات، إلا أنه لم ينفذ»، لأن طرفي الحرب لم يلتزما بما تم الاتفاق عليه في جدة، ثم عادا للتفاوض مجدداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بيد أن هذه الجولة واجهت تعنتاً من طرفي النزاع، وعدّت تراجعاً عما تم توقيعه في «إعلان جدة»، ما اضطر الوسيطين، الرياض وواشنطن، إلى تعليق المفاوضات.