أطفال السودان في الحرب... مجندون ومرضى ينتظرون حتفهم

400 قتيل من الصغار منذ اندلاع المعارك... وخطر المجاعة يهدد الملايين

سودانيون ينتظرون الطعام في مأوى لنازحين فارين من الحرب في وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)
سودانيون ينتظرون الطعام في مأوى لنازحين فارين من الحرب في وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)
TT

أطفال السودان في الحرب... مجندون ومرضى ينتظرون حتفهم

سودانيون ينتظرون الطعام في مأوى لنازحين فارين من الحرب في وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)
سودانيون ينتظرون الطعام في مأوى لنازحين فارين من الحرب في وادي حلفا شمال السودان (أ.ف.ب)

رغم الصدمة التي تمثلها حصيلة إحصاءات غير حكومية في السودان بأن «أكثر من 400 طفل فقدوا حياتهم» منذ اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، فإن الصدمة الكبرى تأتي عبر إفادة من منظمة أممية بأن «ما لا يقل عن 10 آلاف طفل سوداني دون سن الخامسة قد يموتون بحلول نهاية العام الحالي».

ومنذ اندلعت الحرب بين «الجيش السوداني»، و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) فإن «الأطفال في مناطق القتال يتعرضون لمخاطر كثيرة وكبيرة، لا سيما في الخرطوم وولايات دارفور وكردفان».

الأمين العام لـ«المجلس القومي لرعاية للطفولة» في السودان، د. عبد القادر عبد الله، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مئات الأطفال قتلوا جراء الاشتباكات العنيفة، أو بسبب الأمراض والانتهاكات، بينما تهدد أخطار المجاعة أكثر من 6 ملايين و750 ألف طفل بالبلاد».

التحذيرات ذاتها، تكررت أيضاً في بيان مشترك لـ«منظمة الصحة العالمية» و«منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة» (يونيسيف)، أواخر الشهر الماضي، أن ما لا يقل عن 10 آلاف طفل دون سن الخامسة قد يموتون بحلول نهاية عام 2023، بسبب تفاقم انعدام الأمن الغذائي وتعطل الخدمات الأساسية في البلاد بسبب الحرب.

مجندون أطفال

وبحسب المسؤول السوداني عن ملف الطفولة في البلاد الدكتور، عبد الله، فإن «نحو مائتي طفل كانوا يقاتلون ضمن قوات (الدعم السريع) في معارك بليلة في ولاية غرب كردفان، وأن أكثر من 4 آلاف طفل قاتلوا مع هذه القوات في معارك الخرطوم ودارفور». وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إن «السودان تقدم بشكوى دولية بشأن تلك الانتهاكات» المتعلقة بتجنيد الأطفال إلى الأمم المتحدة، لكنه اشتكى من أن «تفاعل المؤسسة الأممية مع قضايا أطفال السودان بطيء جداً، وبعد ستة أشهر من الحرب لم نسمع غير الوعود». على حد قوله.

انعدام الأمن في السودان وضآلة التمويل الدولي يعرقلان جهود مساعدة ملايين الأشخاص (رويترز)

وبشأن مستقبل الأطفال الذين خضعوا للتجنيد في صفوف «الدعم السريع» وألقي القبض عليهم، قال الدكتور عبد الله إن هناك «اتجاهاً لإصدار قرار رئاسي بالعفو عنهم، بينما تم تسليم 4 آلاف منهم إلى أسرهم». وتابع: «هذه القرار يجيء التزاماً من السودان بالقوانين المحلية، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية». واتهم قوات «الدعم السريع» بـ«مواصلة تجنيد الأطفال جنوبي الخرطوم، وفي مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان»، وأفاد بأن القوات «تمارس انتهاكات صريحة بحقوق الطفل، ولا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني المعمول به في مناطق الحروب».

بدوره، قال عضو مبادرة «لا لإعدام الأطفال»، طه فضل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدداً كبيراً من الأطفال لقوا حتفهم نتيجة المعارك العنيفة بين الجيش و(الدعم السريع)». وأشار فضل إلى مقاطع فيديو تؤكد مزاعم انخراط أطفال في القتال، مشيراً إلى أنه «ورغم أن قانون الطفل السوداني لسنة 2010 يمنع تجنيد الأطفال، وكذلك تمنعه قوانين القوات المسلحة و(الدعم السريع) لكن القوانين تصطدم بالممارسات»؛ حاثاً أطراف القتال على «احترام حقوق الأطفال وعدم انتهاكها».

أمراض

لكن مشكلة انخراط الأطفال في صفوف القتال ليست وحدها التي تهدد السودانيين الصغار، إذ إنه وفقاً للمسؤول عن قضايا الطفولة، فإن «مئات الآلاف من الأطفال يعانون من أمراض سوء التغذية الحاد، والإسهالات والحصبة والحميات وغيرها، وأنه يخشى أن يؤدي نقص العلاج إلى وفاة الآلاف منهم».

وكانت منظمتا «الصحة العالمية» و«اليونيسيف» أكدتا تعرض النظام الصحي في السودان لـ«ضغوط كبيرة بسبب القتال». فيما حذر مسؤولون محليون من استشراء بعض الأمراض، ومنهم والي ولاية القضارف (شرق السودان) الذي قال إن «مرض (الكلازار) ظهر في ولايته».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

وتقدر تكلفة الجرعة الواحدة من الدواء المضاد لهذا المرض 60 ألف جنيه سوداني (نحو 70 دولاراً أميركياً) في وقت تعجز فيه الأسر عن إطعام أطفالها، ناهيك عن توفير ثمن الدواء. وتابع: «تعاني مشافي الأطفال من الاكتظاظ، كما تعاني انعدام الدواء»، وناشد «اليونيسيف» والمجتمع الدولي التدخل دون إبطاء لإنقاذ الأطفال.

كما كشف الأمين العام لمجلس الطفولة السوداني أثناء حديثه إلى «الشرق الأوسط» نزوح أطفال خارج الخرطوم من دون رفقة أسرهم، إلى ولايات سنار والدمازين والنيل الأبيض والشمالية، وأن هناك أعداداً كبيرة منهم اضطرت لامتهان التسول، ما يعرضهم لأنواع مختلفة من العنف. ورغم أن مجلسه لا يملك إحصاءات لأعداد الأطفال المشردين بدون رفقة أسرهم، توقع أن يبلغ العدد أكثر من 500 ألف طفل مفقود، في الولايات التي تشهد العمليات القتالية بين الجيش و«الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»
TT

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال)، وشددت على «ضرورة سرعة تنفيذ الطرق والمرافق بمنطقة شمس الحكمة»، المخصصة لإقامة الأهالي.

و«رأس الحكمة»، مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع.

ودشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الماضي، مشروع «رأس الحكمة»، وأكد الرئيسان حينها «أهمية المشروع في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يُمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، وفق إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الإسكان ومحافظ مطروح خلال تفقد أعمال الطرق والمرافق بـ"شمس الحكمة" (مجلس الوزراء المصري)

وتفقد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، ومحافظ مطروح، خالد شعيب، السبت، أعمال الطرق والمرافق للأراضي البديلة لـ«رأس الحكمة» بمنطقة «شمس الحكمة».

وأوضح الوزير المصري أن الأراضي البديلة بمنطقة «شمس الحكمة» مخصصة لأصحاب الأراضي بمدينة «رأس الحكمة»، وتشتمل المنطقة البديلة، وفقاً للمخطط، على مناطق سكنية وخدمية، وأنشطة تجارية واستثمارية، إضافة إلى شبكة الطرق الرئيسية.

ونهاية الشهر الماضي، أكدت الحكومة المصرية أنها تتابع مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «رأس الحكمة» مع الشريك الإماراتي. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، إنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، والعقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

مصطفى مدبولي خلال زيارته لـ«رأس الحكمة» اغسطس الماضي (مجلس الوزراء المصري)

كما زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة» منتصف أغسطس (آب) الماضي للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن رأس الحكمة «تحظى بمقومات مميزة، تجعل منها نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكدت الشركة القابضة الإماراتية (ADQ) من جانبها في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة «رأس الحكمة» يستهدف ترسيخ مكانتها، بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى، لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وشدد وزير الإسكان المصري، اليوم السبت، على ضرورة الإسراع بمعدلات تنفيذ أعمال الطرق والمرافق بمنطقة «شمس الحكمة»، وتكثيف أعداد العمالة والمعدات، مؤكداً «اهتمام الدولة المصرية بتوفير الخدمات لأهالي المنطقة، وتوفير حياة كريمة لهم في مجتمعات حضارية».