الحلم الأميركي يغري شبان موريتانيا بالهروب من البلد

حرس حدود الولايات المتحدة أوقف نحو 14 ألف شاب فروا من البطالة والفقر المدقع

انعدام فرص الشغل وازدياد معلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)
انعدام فرص الشغل وازدياد معلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)
TT

الحلم الأميركي يغري شبان موريتانيا بالهروب من البلد

انعدام فرص الشغل وازدياد معلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)
انعدام فرص الشغل وازدياد معلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)

بعد أن صُدت أمامه كل الأبواب من أجل إيجاد فرصة عمل في موريتانيا، لم يعد أمام خالد ولد عبد الرحمن سوى المغامرة بحياته، وخوض رحلة محفوفة بالمخاطر للهجرة بصورة غير شرعية إلى الولايات المتحدة.

يقول خالد لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إنه قرر أن يلتحق بآلاف الشباب الموريتانيين، الذين يغادرون بلادهم في رحلات شبه أسبوعية، للوصول إلى الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة والعبور إلى «أرض الأحلام».

حرس الحدود الأميركي خلال اعتقال عدد من المهاجرين غير الشرعيين أثناء محاولتهم دخول البلد بطريقة غير قانونية (إ.ب.أ)

وتفيد السفارة الأميركية في نواكشوط بأن حرس الحدود في الولايات المتحدة، أوقف نحو 14 ألف موريتاني، عبروا الحدود قادمين من المكسيك خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي. وأعلنت أمس (الجمعة) ترحيل السلطات الأميركية عدداً كبيراً من المهاجرين الموريتانيين، لعدم وجودهم في الولايات المتحدة بصورة قانونية، قائلة إن ترحيل المهاجرين «رسالة واضحة» لأولئك الذين يهاجرون بصورة غير قانونية بأنهم يخاطرون بحياتهم، وستتم إعادتهم إلى وطنهم على الفور.

وفي آخر عامين، تركزت أحاديث الموريتانيين ونقاشاتهم حول الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة، بعد أن ضاقت بهم الحال جراء الظروف الاقتصادية الصعبة، مجازفين ببيع كل ما يملكون، أو الاستدانة لتغطية تكاليف الرحلة التي تبلغ نحو 8 آلاف دولار في المتوسط.

وفي مواجهة الطلب الكبير على تذاكر السفر إلى نيكاراغوا للبدء في الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى المكسيك، تنسق مكاتب للسفر في موريتانيا لهذه الرحلات بتعاون مع مهربين من أميركا اللاتينية، يتكفلون بتسيير الرحلات وتأمينها حتى الوصول إلى جدار المكسيك.

* رحلة المخاطر

تبدأ رحلة الموريتانيين الراغبين في الهجرة إلى أميركا من نواكشوط إلى إسطنبول، ومن هناك يستقلون الطائرة إلى كولومبيا، ومنها إلى نيكاراغوا، حيث تبدأ المرحلة الأكثر صعوبة والأخطر في السفر إلى المكسيك. وتُستخدم في الرحلة البرية نحو المكسيك، التي يبلغ طولها نحو 1700 كيلومتر، وسائل نقل متنوعة مثل الحافلات، بالإضافة إلى السير على الأقدام وتسلق الهضاب والجبال، وهو مسار قد تعترض فيه العصابات المنتشرة في الغابات سبيل المهاجرين غير النظاميين.

طريق الهجرة غير الشرعية نحو أميركا محفوف بالمسالك الخطيرة (رويترز)

يقول موريتاني آخر يدعى المختار، إنه سلك هذه الطريق، وشاهد «جثث القتلى متناثرة عليه... كانت مشاهد تدمي القلب وتثير الأسى»، مضيفاً أنه تمنى لو أنه لم يسافر وبقي مع عائلته، لكنه تذكر أنه لا بد أن يتحلى بالشجاعة، وأنه لو بقي في موريتانيا لكان يعيش في فقر مدقع، ويصارع من أجل لقمة عيش.

ووفقاً لدراسة نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن نحو 2.3 مليون شخص في موريتانيا، أي ما يقرب من 57 في المائة من السكان، يعيشون في فقر متعدد الأبعاد. وبعد معاناة طويلة، وصل المختار إلى الولايات المتحدة بعد شهر من السفر عبر أدغال وغابات ومسالك عبرها في طريقه إلى الجدار، وبعد ذلك تمكن من الحصول على عمل في متجر بنيويورك. وقال إن ظروفه أصبحت أفضل، مشيراً إلى أنه أصبح يقتطع جزءاً من راتبه لعائلته في موريتانيا.

هذه الحياة الجديدة التي بدأها المختار يتمنى خالد أن يعيشها لينتشل عائلته من الفقر المدقع، مؤكداً أن عائلته شجعته على الهجرة، حيث باعت مساحة من الأرض كانت تملكها في العاصمة نواكشوط. يقول خالد إن هذه الرحلة ستكلفه نحو 8 آلاف دولار، موزعة بين ثمن تذاكر السفر، وما تحصل عليه وكالة السفريات والمهربين، الذين يدفعون لهم مقابل تأمينهم، وإيصالهم إلى جدار المكسيك وتكاليف الإقامة، مشيراً إلى أن من بين الأسباب التي دفعته إلى الهجرة البطالة التي يرزح تحت وطأتها، وانعدام فرص العمل في موريتانيا، مؤكداً أن حصوله على شهادة في الاقتصاد من جامعة نواكشوط لم يغير واقعه «المزري». وتشير تقديرات إلى أن معدل البطالة في موريتانيا، الذي كان قد سجل 11.10 في المائة في 2022، سيرتفع إلى 12 في المائة بنهاية العام الحالي.

وتعد معدلات البطالة بين الشباب من بين الأعلى في العالم، حيث تقدر بنسبة 21 في المائة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً.

* رحلة تبديد الخرافات

فوجئت السلطات الأميركية بالإقبال الكبير للموريتانيين على الهجرة غير الشرعية، ما دفع السفارة الأميركية لدى نواكشوط إلى إطلاق حملة للتوعية بالمسارات القانونية للسفر إلى الولايات المتحدة، مع تسليط الضوء على مخاطر الهجرة بصورة غير قانونية.

مهاجرون غير شرعيين من مختلف دول العالم لدى وصولهم إلى نقطة حدودية في جاكومبا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

وقالت السفيرة الأميركية، سينثيا كيرشت، إن الآونة الأخيرة شهدت قيام مزيد من الموريتانيين برحلة «خطيرة وغير مؤكدة في كثير من الأحيان، من أجل القفز من الجدار إلى الولايات المتحدة، والصعوبات التي يواجهها هؤلاء في محاولتهم الوصول إلى هناك»، مضيفة أن الولايات المتحدة تقوم بحملة للتعريف «بكثير من الطرق التي يمكن للأشخاص من خلالها الهجرة بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة»، موضحة أن هذه الحملة تهدف إلى «تبديد الخرافات والمفاهيم الخاطئة المحيطة بالهجرة، مع التركيز على الطرق القانونية المختلفة المتاحة لأولئك، الذين يطمحون لزيارة الولايات المتحدة أو بناء حياتهم فيها».

غير أن بعض المحللين يرون أن هذه الحملة، وتحرك السفارة الأميركية للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، لن يثنيا الموريتانيين عن المخاطرة بالهجرة إلى الولايات المتحدة، طالما لم تتحرك الحكومة الموريتانية لتجري إصلاحات اقتصادية تفتح آفاقاً للشباب.

يقول الخبير الاقتصادي أحمد المحفوظ إن «الفساد المتغلغل في مفاصل الدولة، وانعدام الأفق جعلا الشباب الموريتاني يخاطر بحياته بالهجرة إلى الولايات المتحدة»، مضيفاً أن «كل المقاربات التي اعتمدتها الحكومة لامتصاص البطالة وتشغيل الشباب فشلت... ولذلك لم يعد أمام الموريتانيين من خيار سوى الهجرة من أجل حياة أفضل».



مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».